يبدو أن المرشح اليميني المتطرف جورج سيميون، المعروف بمواقفه المعادية للاتحاد الأوروبي والمؤيد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو الأوفر حظًا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في رومانيا اليوم الأحد 4 مايو/أيار.
ويرتدي سيميون، رئيس حزب "التحالف من أجل وحدة الرومانيين" (AUR) اليميني المتطرف، الذي دخل البرلمان الروماني عام 2020، بفخر القبعة الحمراء الشهيرة التي يضعها ترامب، ويجاهر بعدائه للمؤسسة الأوروبية، ويحلم بإعادة بناء "رومانيا الكبرى"، حتى إنه يطالب بضم أراضٍ من الدول المجاورة، أوكرانيا ومولدوفا وبلغاريا.
وفي هذه الانتخابات التي تراقبها بروكسل عن كثب، يشارك 12 مرشحًا، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن 3 منهم فقط يمتلكون فرصة واقعية للفوز، وهم، جورج سيميون، الذي يتصدر بحصوله على 30% من الأصوات، والديمقراطي المؤيد لأوروبا كرين أنتونيسكو (24%)، ورئيس بلدية بوخارست الوسطي نيكوسور دان (22%)، وهو أيضًا من المدافعين عن الانتماء الأوروبي.
ومن المؤكد أن فوز سيميون في الجولة الثانية، المقررة في 18 مايو/أيار، سيجلب اليمين المتطرف إلى السلطة في دولة أوروبية عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، في خطوة تمثل تحديًا جديدًا للقارة العجوز، التي تواجه موجة صاعدة من التيارات القومية والمعادية لأوروبا منذ فوز ترامب.
أما حزب "التحالف من أجل وحدة الرومانيين"، فيُعد ثاني أقوى قوة سياسية في البلاد، ويتموضع في أقصى اليمين، وعلى المستوى الأوروبي ينتمي إلى كتلة المحافظين والإصلاحيين (ECR) التي تضم أيضًا رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
ويحذر أستاذ العلوم السياسية سيرجيو ميسكويو، من أن فوز سيميون "سيُسهم في تقويض بعض المبادرات الأوروبية".
وقال ميسكويو لصحيفة "ليزيكو" الفرنسية إن "الأجواء في رومانيا مشحونة وصدامية، كما أظهرها النقاش التلفزيوني في 28 أبريل/نيسان، حيث تزايدت الهجمات الشخصية بين المرشحين المؤيدين لأوروبا، وتبادلوا الإهانات كأنهم خصوم لا أصدقاء في المشروع الأوروبي، ما أساء لصورتهم جميعًا، في المقابل، واصل سيميون تقدّمه محافظًا على نسبة تقارب 30%".
وأوضح أن سيميون استلهم أسلوب ميلوني في حملته الانتخابية، فبعد أن كان يُنظر إليه كـ"مشاغب سياسي" قريب من الشارع بخطاب حاد، عمل على إعادة تشكيل صورته، واهتم بملفات أكثر جدية، في محاولة لإقناع شرائح أوسع من الناخبين.
وفي هذا السياق، سعى لتوسيع قاعدته الانتخابية، متّبعًا خطابًا قوميًّا صارمًا دون الوقوع في التشهير أو الكراهية المباشرة؛ فقد أنفق حزبه نحو 1.5 مليون يورو، لترتيب مقابلات مع وسائل إعلام أمريكية مؤيدة لترامب، بهدف تعزيز حضوره الدولي.
في تلك اللقاءات، قدّم حججه ضد "أيديولوجيا الووك" (وتعني اليقظة تجاه الظلم الاجتماعي وحقوق الأقليات)، في محاولة لكسب المصداقية على الساحة الدولية.
ومع بداية الحملة، لم يكن يُنظر إليه كمرشح قادر على الفوز بالجولة الثانية، لكن استطلاعات الرأي انقلبت لصالحه في الأسابيع الأخيرة.
ويرى ميسكويو أن سيميون، في حال فوزه، سيحاول أولًا كسب الأغلبية في البرلمان، وإن تعذّر ذلك، فقد يسعى إلى إعادة تشكيله من خلال تحالفات مع تيارات قومية وتقليدية داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أو اللجوء إلى الاستفتاءات الشعبية حول قضايا اجتماعية، كإدراج تعريف الزواج بين رجل وامرأة في الدستور، مستفيدًا من المزاج الشعبي المعادي للمؤسسة البرلمانية.
ويعتقد ميسكويو أن سيميون سيلعب دورًا نشطًا في أوروبا عبر تقوية علاقاته مع زعماء قوميين مثل فيكتور أوربان (المجر)، وروبرت فيكو (سلوفاكيا)، وجورجيا ميلوني (إيطاليا)، ساعيًا لبناء شبكة من التحالفات داخل كتلة المحافظين والإصلاحيين (ECR)، وهو ما من شأنه إضعاف عدد من المبادرات الأوروبية المشتركة.
كما سيغذّي نوعًا من البلبلة، ويتقرب علنًا من ترامب، ويوسّع علاقات بلاده مع الصين وتركيا، ليعكس صورة عن أوروبا على أنها عتيقة ومتجاوزة.
ومن دون أن يكون مواليًا لروسيا بشكل مباشر، قد يحاول اعتماد نبرة أكثر مرونة تجاه موسكو، لإرضاء من هم في محيطه السياسي الذين يعتبرون أن لأوكرانيا جزءًا من المسؤولية في الحرب.