في منعطف حساس من الحرب الروسية الأوكرانية، فجر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلا واسعا بتوقيعه اتفاقا اقتصاديا ضخمًا مع أوكرانيا، يمنح الشركات الأمريكية امتيازات حصرية لاستخراج الثروات المعدنية من الأراضي الأوكرانية، بما يشمل الليثيوم والعناصر الأرضية النادرة، مقابل تمويل مشتريات السلاح الأوكراني من الولايات المتحدة، ورغم الترحيب الرسمي من كييف، فإن الاتفاق يُنظر إليه في الأوساط الغربية كخطوة تمهيدية لتسوية سياسية كبرى قد تخدم الكرملين أكثر مما تخدم أوكرانيا.
اللافت في المشهد هو الصمت الروسي الرسمي، إذ لم تصدر عن موسكو أي إدانة، بل جاء تعليق بوتين مقتضبا، حين قال إن "الطريق إلى الاستثمار في المعادن معروف "شرق أوكرانيا". وهو ما اعتبره البعض مؤشرا على رضا ضمني من موسكو عن الاتفاق، وربما قبوله كجزء من خريطة مصالح جديدة بين واشنطن والكرملين.
يرى محللون الاتفاق الظاهري حول المعادن يحمل في جوهره تنازلات استراتيجية من أوكرانيا، أولها القبول بخسارة الأراضي التي ضمتها روسيا والاعتراف بالأمر الواقع، ويرجح آخرون أن واشنطن تسعى من خلال هذه الصفقة إلى فتح باب لحل النزاع يمر عبر الاقتصاد، وهو ما يثير حفيظة الأوروبيين الذين يعتبرون أن أي تسوية تُمنح فيها روسيا شرعية لما انتزعته بالقوة، تُعد انتكاسة للمجتمع الدولي.
في المقابل، تشترط موسكو لوقف الحرب انسحاب القوات الغربية المنتشرة في أوروبا الشرقية منذ 1997، ونزع سلاح أوكرانيا بالكامل، واعتراف كييف رسميًا بالخريطة الجديدة للحدود. وهي شروط، لا تزال بعيدة عن متناول التنفيذ، ما يُبقي الأزمة مفتوحة على احتمالات التصعيد أو الجمود طويل الأمد.
ورغم محاولات ترامب فتح باب خلفي للسلام عبر الاقتصاد، فإن استمرار الحرب على الأرض وتعقيد المشهد الإقليمي، خاصة مع رفض أوروبا لأي صيغة يعد تنازلا لمصلحة موسكو، قد يعوق تنفيذ الصفقة في المدى القريب.