بدأ الخطاب الأمريكي بشأن حرب أوكرانيا يتخذ مسارًا مختلفًا، بعد التصريحات الأخيرة التي خرجت من الولايات المتحدة وتحمل إشارات واضحة إلى تغير الأولويات.
وتتحدث واشنطن بنبرة أكثر تحفظًا تجاه مستقبل الدعم العسكري والسياسي لكييف، كاستعادة أوكرانيا لحدود ما قبل 2014، في وقت ينتظر فيه الأوكران دعمًا إضافيًا.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس: "لم نتراجع عن جهودنا، لكن هناك قضايا عالمية أخرى أكثر إلحاحًا".
ووصف مراقبون هذا التصريح بأنه إشارة مباشرة إلى أن الملف الأوكراني لم يعد يحتل الصدارة في أجندة البيت الأبيض.
ومن جهتهم يرى خبراء، أن استعادة أوكرانيا لأراضيها أمر غير واقعي دون تقديم عروض استراتيجية لموسكو، خاصة وأن تراجع الدعم العسكري الأمريكي والأوروبي سيعزز موقف روسيا.
وقال الخبراء إن الحديث المتزايد عن صفقات سياسية قد يمهد لجولات تفاوضية تُفضي إلى تهدئة أو تسوية قريبة.
ويؤكد ألكسندر زاسبكين، الدبلوماسي الروسي السابق، أن بلاده تعاملت بإيجابية مع جهود الوساطة الأمريكية، انطلاقًا من أهمية تعزيز الحوار الاستراتيجي مع إدارة الرئيس ترامب، خصوصًا في ما يتعلق بإعادة تشكيل نظام الأمن في منطقة الأورو - أطلسي.
وشدد زاسبكين على أن تسوية النزاع في أوكرانيا تمثل أحد أركان هذا النظام المرتقب، وتساءل في تصريحات لـ"إرم نيوز" عن طبيعة الدور الأمريكي في المرحلة المقبلة.
وتابع: "إذا قررت واشنطن الانسحاب من الوساطة، يجب معرفة شروط ذلك الانسحاب، وما إذا كانت ستواصل دعم أوكرانيا، وبأي صيغة، خاصة في ظل التباطؤ الذي طال هذا الدعم نتيجة سير العمليات العسكرية".
وأضاف أن المؤشرات الحالية تدل على استمرار العمليات القتالية وتوسعها، موضحًا أن الهجوم الروسي يتسع يوميًا، وقد تتحول خاركيف إلى منطقة عازلة، فيما يواصل الجيش الروسي تقدمه لاستكمال السيطرة على دونباس وزابوروجيا وخيرسون.
وأشار إلى أن مصير الحرب في المناطق الأخرى لا يزال غامضًا، غير أن دخول الجيش الروسي إلى دول مجاورة يبدو مستبعدًا، على عكس ما تروجه بعض الأوساط الغربية.
من جانبه، يقول عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للتواصل والحوار، إن الموقف الأمريكي يعكس قراءة دقيقة للمتغيرات الدولية، وخاصة داخل أوكرانيا.
ولفت أبو الرب إلى أن استعادة كييف للأراضي التي سيطرت عليها روسيا تبدو شبه مستحيلة، إلا إذا قدمت لموسكو عروض استراتيجية مغرية قد تدفعها لتغيير موقفها.
ولفت في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى احتمال تراجع الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، سواء من الولايات المتحدة أو أوروبا، وهو ما قد يفضي إلى تحول جذري في موازين القوى لصالح موسكو.
وأردف: "التصريحات السياسية الأخيرة التي تتحدث عن صفقات وتفاهمات محتملة قد تكون مؤشرًا على قرب انطلاق جولات تفاوض جديدة، وقد تفضي في نهاية المطاف إلى تهدئة شاملة أو إنهاء شبه كلي للحرب".