حققت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إنجازًا دبلوماسيًا لافتًا بعد قبول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دعوتها لزيارة روما لـ"الاجتماع مع أوروبا" بشأن الرسوم الجمركية، ما أربك مجددًا منتقديها وأثبت أنها باتت أهم زعيمة في الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لمجلة "ذا سبيكتاتر" البريطانية، برهنت ميلوني من خلال لقائها بترامب الخميس، على أنها حلقة الوصل الحيوية بين أمريكا وأوروبا.
ويبدو أن إيطاليا مرشحة الآن للعب دور عالمي غير مسبوق منذ تأسيس الجمهورية الإيطالية عام 1948 عقب سقوط نظام موسوليني الفاشي.
وأكد بيان صحفي مشترك لاحقًا أن الاجتماع المرتقب "سيُعقد في المستقبل القريب جدًا"؛ وصرّح ترامب قائلاً: "سيكون هناك اتفاق تجاري بنسبة 100%"، في أول إعلان من نوعه بهذا الوضوح.
وفي عنوان رئيسي، وصفت "واشنطن بوست" ميلوني بـ"هامسة ترامب"، بينما تحدثت "نيويورك تايمز" عن "علاقة خاصة" تربط بين الطرفين.
ورغم أن هذا الدور أثار إحراج الاتحاد الأوروبي، إذ كانت ميلوني، لا أورسولا فون دير لاين، هي من تحدثت إلى ترامب باسم أوروبا، فإن رئيسة المفوضية الأوروبية اضطرت لدعم الزيارة، بعد سلسلة من المحادثات الهاتفية التمهيدية مع ميلوني.
وترى المجلة أن اختيار ترامب لميلوني بدلاً من فون دير لاين لم يكن مستغربًا، خاصة في ظل ازدرائه المعلن للاتحاد الأوروبي، الذي وصفه مؤخرًا بأنه "تأسس لخداع الولايات المتحدة".
وعقب اللقاء، زار نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس، روما لمتابعة المحادثات التي بدأت في واشنطن، والتي ركزت على قضيتي الرسوم الجمركية وأوكرانيا.
وخلال مؤتمر صحفي في قصر كيجي، المقر الرسمي لرئاسة الوزراء الإيطالية، امتدح فانس ميلوني قائلًا: "الإيطالية أجمل لغة يمكن تخيلها، وحتى إن وصفتني بـ"الأحمق"، فلن أشعر بالإهانة"، مضيفًا أنه يقدّر "الصداقة بين بلدينا، وبيننا شخصيًا".

وأشار فانس إلى أن المحادثات التجارية لا تقتصر على العلاقات الثنائية، بل تشمل مفاوضات أوسع مع الاتحاد الأوروبي، "ناقشنا هذه القضايا مطولًا مع الرئيس أمس، وسنواصل الحوار اليوم".
في المقابل، كان ترامب أكثر حماسًا في التعبير عن إعجابه بميلوني، على نحو يتناقض مع تعامله القاسي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير/شباط الماضي.
وأضافت المجلة أن ميلوني تتفق مع ترامب في كثير من مواقفه السياسية، باستثناء موقفه من الرسوم الجمركية، التي وصفتها بأنها "خاطئة".
وقال ترامب في لقائه معها: "إنها تقوم بعمل رائع، لقد اجتاحت أوروبا، الجميع يحبها ويحترمها، ولا أستطيع قول ذلك عن كثيرين".

وأثنى ترامب على موقفها "الصارم جدًا من الهجرة"، مضيفًا: "إنها واحدة من القادة الحقيقيين في العالم... أتمنى لو أن مزيدًا من الناس كانوا مثلها".
وعندما سُئل إن كانت إيطاليا مرشحة لتصبح الحليف الأوروبي الأهم لأمريكا، قال: "فقط إذا بقيت هي رئيسة للوزراء، لأنها تقوم بعمل رائع".
وفي منشور على منصته "تروث سوشيال"، كتب ترامب: "إنها تحب بلدها، والانطباع الذي تركته كان رائعًا!!!".
وتجدر الإشارة إلى أن ميلوني كانت من أبرز داعمي سياسة الرئيس السابق جو بايدن في تسليح أوكرانيا، وقد زارت البيت الأبيض في مارس/أذار 2024، حيث استُقبلت بحفاوة، بما في ذلك قبلة على رأسها من بايدن.
وأوضحت المجلة، أنه رغم كل ذلك تبقى ميلوني براغماتية، وتُدرك أهمية بقاء إيطاليا وأوروبا على مقربة من واشنطن، كما أنها تُقرّ الآن بأن الحل السلمي هو الخيار الواقعي الوحيد لأوكرانيا، حتى وإن كان ذلك يعني التخلي عن بعض الأراضي.
وترى المجلة أن روما، المدينة التي وُقعت فيها معاهدة عام 1957 المؤسسة للسوق الأوروبية المشتركة، تُعد الموقع الأنسب لعقد اتفاق تجاري جديد؛ ولا شك أن نائب الرئيس فانس، الذي أعجب بسحر العاصمة الإيطالية، سينقل هذا الانطباع إلى البيت الأبيض.