في خطوة مفاجئة، تواجه رومانيا تغييرات جوهرية في توجهاتها السياسية قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في 4 و18 مايو 2025.
فبعد أن كانت رومانيا قد تبنت مواقف مؤيدة للغرب بشكل قوي في السنوات الماضية، بدأت تظهر في الأفق قوى سياسية تدعم مصالح روسيا، وهي القوى التي يبدو أنها تحظى بدعم متزايد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ما يهدد بتغيير الاتجاهات السياسية للبلاد.
ووصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، قي تقرير، الوضع في قرية تشيليا فيتشي الواقعة في دلتا الدانوب بشرق رومانيا بالقرب من الحدود مع أوكرانيا بأنه "مقلق للغاية".
فمنذ عام 2023، تعرضت مناطق حدودية قريبة من أوكرانيا، مثل هذه القرية، لتهديدات مباشرة من الطائرات الروسية بدون طيار، حيث أسقطتها الدفاعات الأوكرانية، لافتة إلى أن السكان المحليين يعانون من القلق المستمر الناجم عن التفجيرات الليلية، مما يجعل حياتهم اليومية محكومة بالخوف وعدم اليقين.
وأكد التقرير أنه على الرغم من تلك المخاوف، شهدت الانتخابات الرئاسية لعام 2024 تراجعًا في دعم الأحزاب التقليدية المؤيدة للاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو لصالح مرشحين آخرين مناهضين لهذه السياسات.
وفي "تشيليا فيتشي"، فاز كاتلين جورجيشكو، مرشح غير تقليدي، بالجولة الأولى من الانتخابات بعدما استفاد من وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" لجذب الناخبين.
في المقابل، احتل مارسيل تشولاكو، رئيس الوزراء ومرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي المؤيد للاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، المركز الثالث.
وفي وقت لاحق، ألغي هذا التصويت بسبب مزاعم بتدخلات روسية في العملية الانتخابية، وتم تحديد موعد لإعادة الانتخابات في مايو 2025.
ولا تزال الخلافات مستمرة بشأن أسباب التصويت لصالح المرشحين الموالين لروسيا، ففي حين يرى البعض أن هذا التصويت كان نتيجة تدخلات روسية، يعتقد آخرون أنه يعكس في المقام الأول استياء المواطنين من الطبقة الحاكمة التي تتهم بالفساد.
تتجسد هذه الاستياءات في مناطق مثل "تشيليا فيتشي" حيث يعتبر السكان أن انعدام التقدم في مشاريع البنية التحتية، مثل تحسين الطرق، هو السبب الرئيس وراء دعمهم لمرشحين غير تقليديين.
وفي الوقت نفسه، كان التأثير الروسي يتزايد في المناطق الحدودية، مع استغلال بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة للمشاعر المناهضة لأوكرانيا، حيث يأتي هذا في وقت يشهد فيه الرأي العام تزايدًا في الانتقادات الموجهة للحكومة الرومانية؛ بسبب سياستها تجاه أوكرانيا، بما في ذلك دعمها العسكري الكبير في النزاع.
من جانب آخر، أثارت علاقة رومانيا بالولايات المتحدة شكوكًا جديدة مع عودة ترامب إلى الساحة السياسية، حيث تلقى مرشحو اليمين المتطرف في رومانيا دعمًا ملحوظًا من مؤيدين لترامب، مما يهدد بتغيير حاسم في سياسة البلاد تجاه الغرب.
وخلص التقرير إلى القول: إن هذه التطورات تجسد أزمة هوية سياسية بالنسبة لرومانيا، وسط صراع بين الأطراف الموالية للاتحاد الأوروبي والأطراف التي تدعو إلى تقارب مع روسيا؛ مما يعكس تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي للبلاد قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة.