حذّرت صحيفة "نيويورك تايمز"، في ظل التصعيد المتواصل بين إسرائيل وإيران، من أن أي تدخل عسكري أمريكي مباشر في الصراع سيكشف حدود النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، رغم ما لبكين من مصالح استراتيجية عميقة في طهران، خاصة في مجالي الطاقة ومواجهة الهيمنة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن الصين، التي تعتمد على إيران كمصدر رئيس للنفط، وكحليف في مواجهة النفوذ الأمريكي، قد تخسر كثيرًا في حال اندلاع حرب أوسع نطاقًا، لكنها في الوقت نفسه لا تملك الكثير لفعله حيال ذلك.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يفكر علنًا في نشر قوات عسكرية لدعم إسرائيل في ضرب إيران، في خطوة تؤكد ضعف قدرة بكين، وتتضح حدود نفوذها في المنطقة.
وتابعت أن نصف واردات الصين من النفط تمر عبر مضيق هرمز، ما يجعل الاستقرار في جنوب إيران أمرًا حيويًا لها، ومع أن طهران تُعد من أقرب شركاء بكين في الشرق الأوسط، فإن الصين لا تملك أدوات ردع أو تدخلا عسكريا فاعلا، خاصة في مواجهة تدخل مباشر من الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن الباحث البارز في معهد أمريكان إنتربرايز بواشنطن، زاك كوبر، قوله: "في الواقع، ليست لدى الصين القدرة على إرسال قوات للدفاع عن منشآت إيران"، مضيفًا أن بكين "تُفضل تقديم بعض الدعم المادي والمعنوي وربما الإنساني، ولكن بهدوء تام".
ولفتت الصحيفة إلى أن الصين، رغم رغبتها المعلنة في استقرار الشرق الأوسط، قد تستفيد ضمنيًا من تورط الولايات المتحدة في حرب طويلة، ما من شأنه تشتيت مواردها العسكرية وصرف الانتباه عن آسيا، خاصة في ما يتعلق بالتمركز الأمريكي حول تايوان.
لكن في الوقت نفسه، فإن الصين منخرطة بعمق في الاقتصاد العالمي، ما يجعلها عرضة لخسائر كبيرة في حال تفاقمت الفوضى الإقليمية.
وتُعد بكين المشتري الرئيس للنفط الإيراني، والذي تستورده بأسعار مخفضة عبر أسطول من الناقلات السرية، متجاوزة العقوبات الأمريكية.
وترى الصحيفة أن أي ارتفاع حاد في أسعار الطاقة سيمثل تحديًا إضافيًا للاقتصاد الصيني المتباطئ، فضلًا عن أن فقدان موطئ القدم الذي بنت عليه علاقاتها في الشرق الأوسط سيمثّل نكسة كبيرة لطموحاتها في مواجهة النفوذ الأمريكي.
وذكرت الصحيفة أن قرار ترامب بضرب إيران، إذا تم، سيكون بمثابة درس استراتيجي مهم لبكين، وقد يسهم في تشكيل موقفها المستقبلي حيال قضايا أخرى مثل تايوان.
وأضافت أن الصين تراقب عن كثب استعداد واشنطن لاستخدام القوة، في سياق يُعيد تقييم مدى جدية التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها، أو عن مناطق النزاع التي تعتبرها بكين جزءًا من مصالحها الاستراتيجية.
ورغم العلاقة الوثيقة بين بكين وطهران، فقد جاء الخطاب الصيني تجاه التصعيد الأخير منضبطًا للغاية على أعلى المستويات.
ففي مكالمة هاتفية جمعت بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الخميس، دعا شي إلى وقف إطلاق النار، لكن الملخص الرسمي للمكالمة الصادر عن الحكومة الصينية خلا من أي انتقادات صريحة لإسرائيل بسبب قصفها أراضٍ إيرانية.
كما امتنع الرئيس الصيني عن توجيه تحذير مباشر للولايات المتحدة، مكتفيًا بالقول إن "على المجتمع الدولي، لا سيما القوى الكبرى ذات النفوذ الخاص على أطراف النزاع، أن تبذل جهدًا لتهدئة الوضع لا لتصعيده".
وختمت الصحيفة بأن جهود الصين ركزت، على الأقل علنًا، على إجلاء أكثر من ألف من مواطنيها من إسرائيل وإيران.