logo
العالم

"مناورة ترامب".. ترحيل أزمة إيران وإسرائيل لأسبوعين لا يعني نهايتها

"مناورة ترامب".. ترحيل أزمة إيران وإسرائيل لأسبوعين لا يعني نهايتها
الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: أ ف ب
20 يونيو 2025، 5:29 م

لأسبوعين قادمين سوف يضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واشنطن في حالة من الانتظار والترقب لما يمكن أن تؤول إليه أوضاع الحرب المتصاعدة في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل. 

كان الأمر مفاجئا لكثيرين ومخالفا لكل التوقعات عندما أعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض أن ترامب أجل قرار انضمام الولايات المتحدة أو عدم الانضمام إلى إسرائيل في الحرب ضد إيران أسبوعين قادمين. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

البيت الأبيض: ترامب سيحسم موقفه من حرب إيران "خلال أسبوعين"

المناورة والمماطلة

في الجهة المقابلة كان المشرعون في مبنى الكونغرس يعملون على مدار الساعة لصياغة مشروع قرار يحدّ من صلاحيات الرئيس بالقرار منفردا بمشاركة أمريكية مباشرة في الحرب من دون تفويض من الكونغرس. 

العضوان الديمقراطيان في مجلس الشيوخ، تيم كين، وبرني ساندرز، اتهما زعيم الأغلبية الجمهورية بالمماطلة في تحديد موعد التصديق على القرار عندما قرر فتح النقاش العام بشأنه الأسبوع المقبل. 

الديمقراطيون اتهموا الغرماء الجمهوريين بالمماطلة في تقديم موعد مناقشة المشروع، رغبة في إعطاء الرئيس وقتا كافيا باتخاذ قراره منفردا دون العودة إلى الكونغرس، وسوف يكون الكونغرس مضطرا لاحقا للتعامل مع تطورات الأوضاع.

أخبار ذات علاقة

منشأة فوردو النووية

تدميرها أولوية إسرائيلية.. ماذا تعرف عن منشأة فوردو النووية؟ (إنفوغراف)

الضغوط على ترامب

لم يكن الديمقراطيون وحدهم هم من يضغطون على الرئيس ترامب في اتجاه تجنيب الولايات المتحدة قرار الدخول المباشر في الحرب الجديدة في الشرق الأوسط، حيث يقف في الموقع نفسه التيار المحافظ المعروف بتأييده التقليدي والدائم لسياسات الرئيس ترامب في الداخل والخارج، وكذلك جناح من حركته السياسية الداعم الأكبر له في مشروعه السياسي "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى". 

هؤلاء جميعا يعتقدون أن الرئيس ترامب سوف يرتكب خطأ استراتيجيا في حال ما أقحم الولايات المتحدة في حرب جديدة، خاصة أنه بتأييد مطلق من هذه القواعد هو من أعاد تجديد الخطاب السياسي الذي يجعل من "أمريكا أولا" في أي قرار سياسي يتخذه ترامب في ولايته الرئاسية الثانية.

في مقابل هذا الجناح هناك الجناح المضاد الذي يدعو الرئيس للاستثمار بقوة في اللحظة المتاحة في المنطقة لإنهاء الأزمة النووية مع إيران، وهي الأزمة التي يقولون إنها استهلكت جهود إدارات أمريكية متعاقبة من ديمقراطيين وجمهوريين، وبينها ولاية ترامب الأولى وجميعها أخفقت في التوصل إلى اتفاق مع إيران.

ويعتقد المؤيدون لهذا التوجه في وزارة الدفاع وفي البيت الأبيض وفي مجلس الأمن القومي وفي الكونغرس أن إيران استنفدت جميع الفرص التي يمكن أن تتاح لها في مسار التفاوض، وأن الخيار العسكري هو الفرصة الوحيدة المتاحة حاليا أمام واشنطن لإنهاء علاقة المد والجزر مع طهران التي امتدت لفترة تقارب نصف قرن من الزمن.

حسابات معقدة

ويوضح مقربون من إدارة ترامب لـ"إرم نيوز" أن الفكرة التي يقول بها هؤلاء للرئيس هي أن إسرائيل قامت حتى الآن بالجزء المعقّد من العملية العسكرية، وأنها تحملت مضاعفات المواجهة المفتوحة، في مقابل أن ايران باتت أمام معطيات جديدة مختلفة تماما عما كان عليه الوضع قبل أسبوع من الآن.

ولم يكن الرئيس ترامب بحسب المقربين مقتنعا بفكرة الذهاب إلى مشاركة مباشرة دون مراعاة حسابات الداخل المعقدة بالنسبة لإدارته، إضافة إلى الخوف من اتساع دائرة الحرب في المنطقة وخطر ذلك على أمن الحلفاء الإقليميين في الجوار المباشر لإيران، وكذلك سلامة القوات الأمريكية في المنطقة التي يصل تعدادها إلى 40 ألف جندي.

اختلاف الأجنحة

الاجتماعات الثلاثة لمجلس الأمن القومي منذ عودة ترامب المستعجلة من قمة السبع المنعقدة بكندا جميعها لم تنته بالإدارة إلى قرار واضح، كما لم تنته بها حتى إلى إصدار بيان أو حتى السماح للرئيس بالحديث إلى مراسلي البيت الأبيض في نهاية الاجتماعات الثلاثة، بسبب غياب الاتفاق بين الجناحين وتفضيل ترامب الانتظار لبعض الوقت إلى حين اتضاح الصورة بالنسبة إليه شخصيا بشكل أفضل مما هو عليه الوضع في الوقت الحاضر.

الرؤية الأولى

الانتظار أفضل من أي قرار مستعجل، كانت هذه هي الفكرة التي خلص إليها ترامب في نهاية استماعه إلى التقييم اليومي لأجهزة الاستعلامات في البيت الأبيض، مفضلا مرة أخرى العودة إلى المربع الأول المرتبط بالرهان على جهود دبلوماسية بعضها من داخل إدارته وبعضها الآخر إقليمي وفي جزء منها دولي أوروبي بصورة خاصة.

تراجع الرئيس ترامب، يقول المقربون لـ"إرم نيوز"، عن تلك الفكرة التي اختارها في الأسبوع الأول من عمر الحرب، وهي الابتعاد الكامل عن الحلفاء الأوروبيين في معالجة الأزمة مع إيران.

إبعاد الأوروبيين

تقييم ترامب يعود إلى أن الشركاء الأوروبيين في اتفاق أوباما مع إيران عام 2015 كانوا استغلاليين للولايات المتحدة التي تحمّلت تكاليف الاتفاق، في مقابل أن الأوروبيين استأثروا بكامل العائدات الاقتصادية للاتفاق عن طريق الظفر بالحصة الأكبر من حصاد الاستثمارات في إيران في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي. 

ترامب هذه المرة قرر أن يضع الأوروبيين بعيدا عن الطاولة في ظل احتفاظها بالاتفاق السابق الذي ألغاه هو شخصيا في إدارته الأولى، ولذا هو يرى أن الولايات المتحدة في حال التوصل إلى اتفاق جديد ستكون لها الحصة الكاملة من الاستثمارات الجديدة في طهران، المقدرة بتريليوني دولار.

لم يظهر ترامب أي حماسة حسب مقربيه لمناقشة تفاصيل رؤية إدارته مع قادة دول مجموعة السبع خلال لقائهم مطلع الأسبوع بكندا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حين رفض حتى التوقيع على بيان مشترك يدعو إلى التهدئة في الشرق الأوسط  وتجنّب التصعيد.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

ترامب يغادر قمة السبع مبكرا بسبب التطورات في الشرق الأوسط

 ترامب عاد خطوات إلى الوراء منتصف هذا الأسبوع، من خلال الإقرار بوجود اتصالات دائمة بين البيت الأبيض والحكومة الإيرانية عبر الوسطاء، وإقرار آخر وهو القبول بفكرة لقاء الترويكا الأوروبية مع كبير الدبلوماسيين الإيرانيين عباس عراقجي في جنيف، والرهان على إمكانية نجاح الأوروبيين في إحداث أي اختراق في موقف إيران المتشدد في ملفها النووي.

الرؤية الثانية

الرؤية الأخرى التي يقول بها المقربون تقول إن ترامب فضّل اتباع استراتيجية الانتظار قليلا، لأن ذلك في كل حالاته سوف يكون قرارا أفضل من أي قرار مستعجل يُتخذ في ظل الضغوط الهائلة الممارسة عليه، وفي الوقت ذاته سوف يتيح لوزارة الدفاع مزيدا من الوقت لتُعيد تموضع قواتها وإعدادها بما يتناسب وفكرة تحييد أو التقليل من حجم الخسائر التي يمكن أن تطالها في حال انزلقت الحرب في مرحلة ما بعد التدخل الأمريكي المباشر إلى حرب شاملة في المنطقة وقررت إيران استهداف الجنود والمصالح الأمريكية في الجوار الإقليمي. 

نظريا، يقول المقربون سوف يُظهر ترامب أنه الرئيس الذي أعطى فرصا إضافية لطهران لم تكن متاحة لها، كما يكون قد نجح في امتصاص التوتر القائم في مبنى الكابيتول بإعادة إرسال وزير الدفاع وربما ماركو روبيو وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي بالوكالة، وهو الأقدر على التعامل مع ضغوط الشيوخ زملائه السابقين من الحزبين، بحكم معرفته الطويلة بطبيعة المكان والناس في مبنى الكابيتول لتقديم مزيد من الإفادات والإيضاحات للمشرّّعين المعارضين لأي شكل من أشكال ذهاب القوات الأمريكية للمشاركة في هذه الحرب. 

في مقابل ذلك يكون أمام هذه الإدارة وقت كاف لإعطاء فرصة لجميع شركائها لأداء دور دبلوماسي ولو محدود في هذه الأزمة سواء الحلفاء في المنطقة أو في أوروبا. 

وفي حال إخفاق هذا المسعى سيكون ترامب حينها في وضع أفضل بكثير مما هو عليه الآن داخليا وخارجيا، ويمكن له أن يتوجه إلى الخيار العسكري في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي مع طهران، ولكن هذه المرة بفكرة واضحة عن مشروعه للغرماء في الداخل والحلفاء في الخارج. 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC