أضفت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، حالة من الترقب والقلق الشديدين على الساحة الدولية والأمريكية، زادها تردد الرئيس دونالد ترامب، في التعامل مع ملف طهران.
يأتي ذلك وسط تصريحات متضاربة من قبله تزيد من تعقيد المشهد وتُبرز حجم التحديات التي تواجه الإدارة الأمريكية في هذا الملف الساخن، فتارة يتحدث عن الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران وتارة يتحدث عن المفاوضات معها.
وأرجع خبراء التخبط والتردد الذي أظهره ترامب إلى حسابات متعلقة بتعامل روسيا والصين في حال أي تدخل أمريكي، ما جعل مراجعات سيد البيت الأبيض ومستشاريه والكونغرس مستمرة، وأصبحت قرارات التعامل المباشر أكثر صعوبة.
وأوضح الخبراء أن تردد وتخبط ترامب في ملف إيران خلال أسبوع واحد يوضح وجود انقسام كبير بين مستشاريه والتقارير التي تقدم له والمراكز البحثية التي يعتمد عليها في صنع القرار.
وأشاروا إلى أن "ما يقدم إليه يجعله يخرج بتهديدات متناقضة من بينها الحديث عن ضرورة جلوس طهران على طاولة المفاوضات وفي نفس الوقت، يؤكد أنها غير موهلة لذلك، والحديث عن وساطة روسيا ثم التشكيك بها".
ويؤكد المحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي، أحمد محارم، أن تخبط ترامب وتردد قرارات الإدارة الأمريكية ناتج عن أن المهمة الخاصة بالتعامل مع إيران قد أوكلت لإسرائيل لتقوم بها وتنفذها بنجاح وهو ما لم يحدث.
وأوضح محارم في تصريحات لـ "إرم نيوز" من واشنطن، أنه "مع اليوم السابع للحرب، يبدو أن اسرائيل قد تورطت وأن هناك ضربات موجعة لها".
وتابع: "اتخاذ القرار في الولايات المتحدة لا يكون شخصيا أي من الرئيس ترامب، ولكن هناك الكونغرس المطلوب موافقته والذي يحمل في الوقت ذاته، تباينا واختلافا في وجهات النظر بين الأعضاء ما بين جمهوريين أو ديمقراطيين".
وأشار إلى أن من أبرز مخاوف انغماس إدارة ترامب في هذه الحرب بشكل مباشر، هو تعرض جنودها ومواقعها وقواعدها العسكرية ومصالحها في الشرق الأوسط، لضربات إيرانية.
واعتبر أن ترامب المتخبط ليس بالسهل اتخاذه قرارا في وقت كان يعول فيه على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يكون صاحب النصر الحقيقي والمنجز ولكن في خضم هذه المعارك، استنجدت تل أبيب بترامب لكن حسابات الولايات المتحدة معقدة.
واستكمل محارم أن هذا التردد يأتي ضمن اعتبارات تتعلق بأن هناك تأهبا وحضورا "منتظرا" في أي تعامل أمريكي تجاه طهران من جانب روسيا والصين وبالتالي ستظل مراجعات ترامب ومستشاريه والكونغرس قائمة وتجعل من الصعب أن يكون هناك تعامل بقرارات مباشرة.
وأشار إلى أن هناك ترددا في القرارات بإعطاء أوامر بإغلاق قواعد أمريكية ثم إرسال حاملة طائرات، حيث من الممكن أن يظهر ذلك في جانب ما على أنه حرب نفسية حتى تستسلم إيران وترفع الراية البيضاء" ولكن الصورة العامة حتى الآن تقدم جانبا من التخبط من ترامب وإدارته".
بدوره، يقول الباحث في الشؤون الدولية حسن رضوان، إن "ترامب مرتبك حاليا".
وأضاف رضوان أن "ترامب أصبح رهينًا لعدة عوامل، كان في مقدمتها دور بنيامين نتنياهو الذي حصل على الضوء الأخضر لتنفيذ ضربة لإيران".
وأردف لـ"إرم نيوز" أنه "بمجرد إتمام هذه الخطوة، تدخلت الولايات المتحدة بتقديم المساعدات العسكرية والدعم السياسي، مما أدى إلى تصاعد الأزمة واندلاع الحرب".
واعتبر أن "ترامب لا يريد بالطبع الدخول في حرب والانجرار إليها لأنها لن تكون ضربة وانتهت، ولكنها ستتسع وهو ما سيجعله في ورطة كبيرة في الداخل".
وتابع: "اتخاذ هذا القرار وسياسته في هذا الصدد تحمل انقساما داخليا حتى على مستوى الدوائر المحيطة والداعمين وصولا إلى الكونغرس".
ولفت إلى أنه بهذه الطريقة يضع العالم في حرب ستكون أبعادها وآثارها أكبر من روسيا وأوكرانيا، بعد أن كان يقدم نفسه على أنه منقذ العالم من الحروب.
واستطرد رضوان أن "ترامب يضع كل الصور أمامه خلال أسبوع بعد أن كان في الطريق لضبط اتفاق يستطيع أن يضعه في غلاف إنجازاته السياسية بأنه فرض اتفاقا على طهران بشروط".
ورأى أنه "وقع تحت خطة نتنياهو ليس بالقبول بتوجيه ضربات إسرائيلية لإيران أو أن تكون واشنطن حاضرة في محيط الدفاع عنها في الرد أو فتح كافة الإمدادات العسكرية فقط".
وزاد: "الأمر ذهب في أسبوع واحد إلى أن أمريكا على بعد خطوة من دخول حرب ستكون فيها في مواجهة دولية في وقت كان يعمل فيه الرئيس الجمهوري على تقليل الإنفاق العسكري الأمريكي بالإضافة إلى ما كان يعلن عنه دائما بضرورة إنهاء الحروب حتى ينشط الاقتصاد، في ظل ما يعاني منه الداخل الأمريكي من تراجع اقتصادي على عكس ما كان يوعد" .
وأوضح أن "تردد ترامب في قرارات وسياسات وتحولات في ملف إيران وفتح الطريق ليكون القرار متخبطا خلال أسبوع يوضح وجود انقسام كبير بين مستشاريه والتقارير التي تقدم له والمراكز البحثية التي يعتمد عليها في صنع القرار".
وبين أن ذلك يجعله "يخرج بتهديدات وتصريحات متناقضة ما بين الحديث عن ضرورة جلوس إيران على طاولة المفاوضات وفي نفس الوقت، يقول إنها غير مؤهلة لذلك، والحديث عن وساطة روسيا ثم التشكيك في ذلك".