حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل
قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، إن الرئيس دونالد ترامب سيتخذ، خلال أسبوعين، قراراً بشأن مهاجمة إيران، مؤكدة أنه "يجب ألا يفاجأ أحد بموقف الرئيس".
ووفق ليفيت، فإن الإيرانيين مهتمون بالقدوم إلى البيت الأبيض، مشيرة إلى وجود فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات قد تعقد أو لا تعقد مع إيران قريباً.
فرصة أم خدعة ثانية؟
يرى مراقبون إن هذه المهلة تأتي كفرصة للحل الدبلوماسي، لكنها في الوقت ذاته تمهّد لاستنفار جديد للخيارات العسكرية والأسرار السرية، سواءً عبر تعزيز قوة الرد الأمريكي أو تأمين مسار دبلوماسي يجنّب الولايات المتحدة حافة الانزلاق العسكري المباشر.
فيما رأى بعض الخبراء مثل الأدميرال المتقاعد جيمس جي ستافريديس، أن هذا التأخير قد يكون "خدعة ذكية"، هدفها زعزعة احتياط إيران، وإقناعها بالتراجع عن التصعيد.
لكن صحيفة "نيويورك تايمز" تلفت إلى أن إظهار مزيد من الخيارات العسكرية، وإن لم يكن قائماً على الحرب، يعزز قبضة ترامب على أدوات الضغط، ويطلق إشارات واضحة للضغط على طهران.
فيما نقلت "تايمز أوف إسرائيل"، عن مسؤول إسرائيلي بأن تل أبيب وواشنطن أطلقتا، في الأيام الأخيرة، قبل الهجمات الإسرائيلية على إيران حملة تضليل إعلامية معقدة الأوجه، هدفها الرئيس إقناع إيران بأن ضربة عسكرية على منشآتها النووية ليست وشيكة.
وأكد المسؤول أن الرئيس الأمريكي كان مشاركًا فعّالًا في هذه الخطة، وكان على علم كامل بالعملية منذ أن قرر نتنياهو المضي قُدما في تنفيذ الضربة يوم الإثنين قبل الماضي.
مناخات حرب
يعتقد الخبير عامر السبايلة، وهو مدير مركز لغات الأمن في الأردن، أن المناخات هي مناخات حرب بالنسبة للولايات المتحدة، وكل تصريحات الرئيس ترامب تشير إلى وجود الولايات المتحدة في هذه الحرب.
مضيفاً في تصريح لـ "إرم نيوز" أن ترامب كان يتحدث في المرحلة الأولى عن إعجابه بما تقوم به إسرائيل، لكنه يترك الباب موارباً قليلاً لفكرة عودة إيران إلى المفاوضات وفقاً لشروطه. وفي حال تعثر ذلك، يعتقد السبايلة أن كل الاستعدادات تتم، الآن، باتجاه توجيه ضربة لإيران.
ويلفت الخبير الأمني الأردني إلى أن ثمة "شرعنة لفكرة استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وبالتالي من المرجح أن الضربة حاصلة لا محالة". مشيراً إلى أن المهلة التي يتحدث عنها ترامب هي مهلة ضغط أكثر على إيران، لكن في الوقت نفسه السماح لإسرائيل بالقيام بكل العمليات التي ترغب بها.
إستراتيجية الضغط الأقصى
من جهته، يعلق الباحث السوري مالك الحافظ على "مهلة ترامب" بقوله: "لا يمكن قراءة هذه المهلة كتعهد حاسم باتخاذ قرار عسكري، وإنما يمكن لنا فهمها ضمن ما يُعرف باستراتيجية الضغط الأقصى المتدرج، فهذه المهلة تندرج في إطار اللعب على الحافة، وهي تقنية تفاوضية عسكرية وسياسية استخدمها ترامب، مراراً، مع كوريا الشمالية ثم مع الصين في الملفات التجارية، وفيها تُستخدم التهديدات كأداة ضغط وليس بالضرورة كمدخل فعلي للحرب".
ويقول الحافظ في تصريحات لـ "إرم نيوز" إنه "من هذا المنظور، فإن مهلة الأسبوعين لا تعني التدخل الحتمي، وقد ترسم نافذة زمنية لإعادة التفاوض تحت التهديد، وهي رسالة موجهة بالدرجة الأولى إلى دوائر صنع القرار في طهران، مفادها أن الخيارات الدبلوماسية ما زالت متاحة، لكن النافذة تضيق، وأن ترامب مستعد لتجاوز العتبة العسكرية إذا لم تُقدَّم له تنازلات مقنعة".
ضغوط داخلية وقراءة للميدان
لا يستبعد الباحث الحافظ أن تكون المهلة حصيلة لمزيج من الضغوط الداخلية، وأيضاً نتيجة معلومات استخباراتية أو مستجدات تتعلق بتكلفة الضربة المحتملة، فالاحتمالان قائمان، لكن تزامنهما يُرجّح وجود تقاطعات بين الضغوط الداخلية، والقراءة الاستخباراتية للميدان.
فمن جهة، هناك ضغوط متصاعدة داخل واشنطن من جناحين متضادين، الصقور الذين يضغطون باتجاه "ردع إيران" لمنعها من التمدد أكثر، والبراغماتيين الذين يخشون أن تؤدي أي ضربة إلى تفجير الخليج ورفع أسعار النفط، ما سيؤثر سلباً على الاقتصاد الأمريكي، بحسب قوله.
أما من جهة المعلومات الاستخباراتية، فهناك تقارير تحدثت عن تقديرات جديدة حول قدرة إيران على الرد الانتقامي. كما أن الإخفاق الاستخباراتي في قراءة توقيت الهجوم الإسرائيلي على منشآت نطنز سابقاً، جعل البيت الأبيض أكثر حذراً في تبني قرارات تستند فقط إلى معلومات جزئية، وفقاً للحافظ.
وبالتالي، يمكن القول - والكلام للباحث الحافظ - إن المهلة تعبّر عن لحظة مراجعة إستراتيجية مزدوجة، من حيث تقييم للثمن السياسي والعسكري، وتقدير لاحتمالات التصعيد الإقليمي غير المنضبط.
"الردع المضلل"
مع ذلك، يبقى احتمال أن تكون "مهلة ترامب" خدعة، وارداً، ويندرج ضمن عقيدة "الردع المضلّل"، كما يشير الباحث السوري، حيث "تُطلق تصريحات تتسم بالغموض الاستراتيجي، لإرباك العدو وإجباره على التحرك، وبالتالي كشف مواقعه أو خططه".
ويوضح أن ترامب ذاته استخدم هذه التقنية مع كوريا الشمالية عندما أعلن أكثر من مرة عن "الخيارات المطروحة على الطاولة"، ليتبين، لاحقاً، أن الأمر لا يتجاوز لعبة شد الحبل التفاوضية.
ويضيف: حتى توقيت المهلة (المرتبطة بأسبوعين) قد يكون جزءاً من عملية استنزاف ذهني للأجهزة الأمنية الإيرانية التي ستكون مضطرة لرفع حالة التأهب طوال هذه الفترة، مما يؤدي إلى إرهاق الموارد والتعرض لاختراقات، أو افتعال ردود فعل تؤدي إلى مبررات أمريكية أقوى للضرب لاحقاً.
في ضوء ذلك، يخلص الكاتب والباحث مالك الحافظ، إلى أنه من المحتمل أن المهلة ليست إعلاناً عن هجوم بقدر ما هي جزء من هندسة نفسية لمرحلة تفاوض ما بعد الرد الإيراني الأخير أو استعداداً لفتح قناة خلفية عبر وسطاء، خاصة مع تصاعد التحركات العُمانية في الوساطة.