كشف مقربون من البيت الأبيض أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع مستوى خطر انتشار المخدر الصناعي فنتانيل إلى تهديد للأمن القومي لم يكن خطوة عابرة أو مؤقتة، بل يأتي ضمن مشروع متكامل عمل عليه فريق الأمن القومي منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض قبل نحو عام.
وأكد المقربون من البيت الأبيض لـ"إرم نيوز" أن المتابعة الطويلة لهذا الملف من قبل الجهات المحلية والفيدرالية المختصة أفضت إلى تسجيل إحصاءات وصفت بالكارثية، وكشفت عن مخاطر حقيقية تهدد الأمن القومي، مما قاد فريق الرئيس ترامب إلى تبني هذا التقييم.
وأشاروا إلى أن هذه المعطيات دفعت الرئيس وفريق الأمن القومي إلى اتخاذ ما وصفوها بالخطوات الواجبة للتعامل مع الظاهرة التي تهدد بصورة مباشرة حياة الأمريكيين.
وأوضحوا أن الوضع على حدود الدول المجاورة كان ينذر بكارثة أمنية حقيقية، نتيجة استغلال عصابات تهريب المخدرات المصنعة لموجات المهاجرين غير النظاميين في إدخال كميات هائلة من هذه المواد إلى داخل الولايات المتحدة.
وبينوا هذا الواقع انعكس، خلال السنوات الخمس الماضية، بصورة كارثية على حياة آلاف الأمريكيين، وعلى الأمن والسلامة العامة في المدن الأمريكية، لا سيما في الولايات الحدودية الأكثر استقبالًا للمهاجرين غير النظاميين.
ولفت مقربون من الفريق الأمني للرئيس ترامب إلى دلالة أخرى لا تقل خطورة، تتمثل في أن دولا بعينها باتت، بحسب تقديرهم، تستغل هذا الوضع لاستهداف الأمن القومي الأمريكي، عبر تسريب هذه المواد إلى داخل المجتمع الأمريكي وجعلها في متناول فئات عمرية محددة، إلى جانب العمل على تسهيل عمليات تصنيعها محلياً وخفض كلف إنتاجها، بما يفاقم من اتساع الظاهرة، ويزيد من تداعياتها الأمنية والاجتماعية.
وأوضح مسؤولون أن السنوات الخمس الماضية شهدت ارتفاعاً حاداً في أعداد ضحايا الجرعات الزائدة من متعاطي هذه المادة بين الأميركيين، حيث تجاوز المعدل السنوي 100 ألف حالة وفاة، مشيرين إلى أن هذه الأرقام ترتفع بشكل أكبر في المدن الحدودية، مع تزايد مظاهر انتشار المتعاطين بصورة لافتة في شوارع تلك المدن.
وأضاف المسؤولون أن تقارير الأجهزة الأمنية تفيد بأن بعض عصابات تصنيع المخدرات باتت تلجأ إلى الترويج لطرق إنتاج المخدر الصناعي محلياً، عبر نشر مواد وأساليب تصنيع منخفضة التكلفة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما فاقم مخاطر انتشار هذه المواد، وسهّل وصولها إلى الشباب وتعليم طرق تصنيعها عبر الإنترنت.
ويستند مسؤولو البيت الأبيض، في حديثهم عن هذا الملف، إلى جملة من الدلائل التي تشير إلى أن غالبية الضحايا الأميركيين الذين فقدوا حياتهم نتيجة تعاطي هذه المواد المخدرة تتراوح أعمارهم بين 29 و49 عاماً، وهي الفئة الأكثر نشاطاً وإنتاجية في المجتمع الأميركي عادة، غير أن هذا النوع من المخدرات المصنعة جعلها، بحسب المسؤولين، الفئة الأكثر عرضة للوفاة بسبب الاستهلاك المفرط والإدمان.
وبحسب مقربين من إدارة ترامب، فإن هذا الواقع فجّر موجة من الاتهامات المتبادلة بين مسؤولي الإدارة الحالية والسابقة، على خلفية ما يعتبره فريق ترامب تساهلاً كبيراً من جانب إدارة الرئيس جو بايدن في التعامل مع القضية، ولا سيما عبر الفصل بين ملف الهجرة غير النظامية وملف عصابات تهريب المخدرات، وهو ما ساهم، وفق تقديرهم، في تفاقم الأزمة.
من وجهة نظر فريق ترامب، ساعد الفصل بين ملف الهجرة غير النظامية، وملف تهريب المخدرات، المهربين وتجار هذه المواد على الاستفادة من ضعف تطبيق سياسات أكثر تشددًا في المناطق الحدودية، إضافة إلى التراخي في إجراءات العقاب، والترحيل عند القبض عليهم داخل الولايات المتحدة.
ويؤكد مقربون من الرئيس ترامب أن الخيار التفاوضي الذي اتبعته الإدارة السابقة مع دول منتجة لهذه المواد، وعلى رأسها الصين، لم يكن الأمثل، كما أن التعامل مع دول العبور، مثل: المكسيك، وفنزويلا، وكولومبيا، لم يحقق الردع الكافي.
وتبين المصادر أن قرار الرئيس ترامب تصنيف المخدر الصناعي فنتانيل ضمن أسلحة الدمار الشامل يتيح للإدارة تطبيق سياسات أكثر صرامة تجاه مهربيه داخل الولايات المتحدة والدول التي لا تتعاون بما يكفي للحد من إنتاجه أو تهريبه عبر المياه الدولية أو الحدود المشتركة مع الولايات المتحدة.
ويضيف المقربون أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة في التعامل مع هذا الملف المعقد، الذي أسفر عن آثار كارثية على الصحة العامة للأميركيين وأمن وسلامة المدن الحدودية، موضحين أن قرار ترامب يعد الخطوة الأولى نحو إجراءات أمنية وسياسات أكثر فعالية في المرحلة المقبلة.