logo
العالم

الفنتانيل "قنبلة ترامب".. هل يعود عصر الحروب الوقائية تحت غطاء المخدرات؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: غيتي إيمجز

حذّر ساسة أمريكيون وخبراء في العلاقات الدولية من أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف مادة  الفنتانيل ضمن أسلحة الدمار الشامل يفتح الباب أمام توسيع استخدام القوة العسكرية الأمريكية خارج الحدود، بحجة الدفاع الوقائي أو مكافحة أسلحة الدمار الشامل.

وفي تصريحات لـ"إرم نيوز"، أعربوا عن خشيتهم من إعادة إحياء منطق ما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، حيث يُوسّع تعريف التهديد إلى مسرح العمليات، ما يحوّل أزمة الفنتانيل من قضية صحية عامة إلى ساحة للصراع الجيوسياسي تعتمد فيها القوة العسكرية كلغة أساسية.

ذريعة لتبرير استخدام القوة

وأكد الخبراء أن هذا التصنيف يمثل ذريعة لتبرير استخدام القوة خارج  الولايات المتحدة دون تفويض من الكونغرس، ما يثير جدلاً حول حدود صلاحيات الرئيس الأمريكي وقرارات الحرب في إطار الدستور الأمريكي والقانون الدولي.

ويأتي هذا في أعقاب توقيع ترامب أمراً تنفيذياً يصنف الفنتانيل كسلاح دمار شامل، ما يوسّع سلطة الحكومة الأمريكية في مكافحة المخدرات المصنعة، التي تسبب عشرات الآلاف من الوفيات سنوياً بالجرعات الزائدة.

ويشير هذا التصنيف غير المسبوق إلى نية الإدارة التعامل مع الفنتانيل ليس فقط كأزمة صحية عامة، بل كتهديد للأمن القومي يوازي التهديدات الكيميائية.

إغراق أمريكا بالمخدرات

ويصعّد هذا التصنيف من حدة المواجهة مع ما تصفه  الإدارة الأمريكية بعصابات منظمة تسعى إلى إغراق الولايات المتحدة بالمخدرات، إذ يتيح للبنتاغون تقديم دعم مباشر لأجهزة إنفاذ القانون، كما يسمح لوكالات الاستخبارات باستخدام أدوات تُخصص عادة لمكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل في ملاحقة شبكات تهريب المخدرات.

وتُعدّ المكسيك المصدر الرئيسي للفنتانيل المتجه إلى الولايات المتحدة، في حين يتم الحصول على عدد من المواد الكيميائية الداخلة في تصنيعه من الصين، وفق تقديرات رسمية أمريكية.
 
وقال عضو الحزب الجمهوري، مالك فرنسيس، إن إعلان ترامب تصنيف الفنتانيل كسلاح كيميائي لا يقتصر على البعد الانتخابي، بل يحمل تبعات قانونية وسياسية خطيرة، مشيراً إلى أن إدراج هذه المادة ضمن أسلحة الدمار الشامل يحولها من أزمة صحية أو جنائية إلى تهديد أمني استراتيجي، يبرر استخدام القوة العسكرية الأمريكية.

التدخل في مناطق خارج الحدود

وأفاد فرنسيس في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن اعتماد هذا التصنيف رسمياً قد يفتح الباب أمام تطبيق قوانين أمريكية تتيح التدخل في مناطق خارج الحدود بذريعة الدفاع الوقائي أو مكافحة أسلحة الدمار الشامل، ما يتيح استهداف شبكات الإنتاج والتهريب، لا سيما في دول مثل المكسيك والصين، ويمنح مبرراً قانونياً لإجراء عمليات عسكرية أو أمنية عابرة للحدود دون إعلان حرب تقليدية.

وأشار فرنسيس إلى أن الأخطر في هذا الطرح هو إحياء منطق ما بعد 11 سبتمبر 2001، عبر توسيع تعريف التهديد لمسرح العمليات، بحيث تُنقل أزمة الفنتانيل من إطار الصحة العامة إلى ساحة الصراع الجيوسياسي، حيث تصبح القوة العسكرية الأداة الرئيسة.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

ترامب يصنّف الفنتانيل "سلاح دمار شامل"

إخفاقات الداخل الأمريكي

وأضاف أن التصنيف الكيميائي لهذه المادة لا يقتصر على تشديد العقوبات، بل قد يشكل غطاء قانونياً وأخلاقياً لشن حروب أمريكية غير معلنة باسم الأمن القومي بينما تبقى جذور الأزمة الحقيقية دون معالجة، مؤكداً أن الفنتانيل لم يعد مجرد قضية صحية، بل مشروع حرب مقنعاً يدار في الخارج لتغطية إخفاقات الداخل الأمريكي.

بدوره، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد بايرام، أن القانون الدولي لا يعترف بأن تجارة المخدرات أو تهريبها تشكل هجوماً مسلحاً يبرر استخدام القوة، لذلك فإن تصنيف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفنتانيل كسلاح دمار شامل لا يخلق قاعدة قانونية جديدة تسمح بالحرب خارج الحدود الأمريكية، ولا يحل محل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتحديد أسلحة الدمار الشامل.

وأشار بايرام في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن هناك ضربات وقائية تاريخية استهدفت مهربي المخدرات، إلا أن الادعاء بأن الاستهدافات تشمل مصادر في دول تدعم إنتاج أو نقل الفنتانيل يقترب من كونه ذريعة، إذ تُشن عادة الهجمات على أهداف واضحة ومصادر محددة.

وأضاف أن هذا النوع من التصنيف يشكل حجّة لتبرير استخدام القوة خارج الحدود دون تفويض من الكونغرس، مما يقوض مبدأ الفصل بين السلطات، ويثير جدلاً قانونياً وسياسياً داخل الولايات المتحدة حول حدود صلاحيات الرئيس وقرارات الحرب وفق الدستور والتزامات القانون الدولي.

أخبار ذات علاقة

فيديو

أرهق أمريكا لسنوات.. كيف سقط "مهندس الفنتانيل" الأخطر؟ (فيديو إرم)

استغلال كغطاء قانوني

وأشار بايرام إلى أن الأمر التنفيذي قد يُستغل كغطاء قانوني لتبرير تدخلات عسكرية غير مصرح بها وإجراءات عابرة للحدود بحجة الحماية، مما قد يترتب عليه مشكلات للمنفذين، ويفتح المجال لردود فعل مسلحة من العصابات في أمريكا اللاتينية.

وتابع أن النقاش حول كون هذه السياسة تمهّد لحروب مستقبلية لا يزال مستمراً، خصوصاً في ظل سياسات ترامب المثيرة للجدل خلال ولايته الثانية، والتي تتضمن أبعاداً اقتصادية، مثل محاولة السيطرة على فنزويلا واستبدال نظام الحكم هناك للحصول على أكبر مخزون نفطي قريب من الولايات المتحدة تحت حجة مكافحة المخدرات.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC