يسعى حزب الشعب الجمهوري في تركيا، لإطلاق سراح مرشحه لرئاسة الجمهورية، أكرم إمام أوغلو، ومحاكمته طليقاً بعد أن كشفت المحكمة التي تنظر في القضايا المرفوعة ضده، بأن الجلسات ستمتد لأكثر من 12عامًا.
ووجدت المساعي الجديدة لأكبر أحزاب المعارضة التركية، دعماً وتأييداً من قبل أحزاب سياسية ومحامين في البلاد، يقولون إن احتجاز إمام أوغلو غير ضروري، ويمكن محاكمته طليقاً.
وتهيمن المحاكمة على المشهد السياسي في تركيا منذ 19 مارس/آذار الماضي، عندما داهمت قوة شرطة كبيرة منزل إمام أوغلو في إسطنبول، واعتقلته بتهمة التورط في قضايا فساد كبيرة تمتد حتى قبل فوزه برئاسة بلدية إسطنبول عام 2019.
لكن أحدث تطور في القضية، دفع حزب الشعب الجمهوري لبدء مساعٍ جديدة بهدف الإفراج عن إمام أوغلو، بعد أن أعلنت المحكمة الجنائية العليا في إسطنبول، الأسبوع الماضي، أنها ستبدأ نظر قضية الفساد في بلدية إسطنبول، في 9 مارس/آذار المقبل.
وقالت المحكمة، في بيان، إنها تتوقع أن تنتهي المحاكمة في غضون 4600 يوم (أكثر من 12.5 سنة)، بشرط مساهمة ودعم الأطراف ومحاميهم لتحقيق هذا الهدف، حيث يحاكم في القضايا أكثر من 400 شخص، بينهم 105 أشخاص محتجزين، فيما تطالب النيابة بسجن إمام أوغلو نحو 2500 عام.
وكشف القيادي في حزب الشعب الجمهوري، أحمد أوزر، أنه زار زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم، وتناول قضية المحاكمة دون احتجاز.
وقال أوزر الذي يرأس بلدية منطقة "إسنيورت" الفرعية في إسطنبول، والتي يتبع لها نحو مليون نسمة، أنه أكد لحليف أردوغان "على ضرورة ألا تتحول المحاكمات إلى عقوبات، وعلى ضرورة تخفيف حدة الوضع من خلال المحاكمة دون احتجاز، وعلى ضرورة إنهاء نظام الوصاية".
واعتبر أوزر أن تراجع الثقة في القضاء يضر بديمقراطية بلاده وحتى بعملية السلام الجارية بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني الذي يخوض صراعاً مسلحاً مع أنقرة منذ أكثر من 40 عاماً.
يحظى مطلب إمام أوغلو وحزبه بإكمال المحاكمة دون احتجاز، بدعم أحزاب سياسية، يتقدمها حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، والذي يربط نجاح عملية السلام بتخفيف الضغوط القضائية على حزب الشعب الجمهوري الذي يحاكم نحو 16 من رؤساء البلديات التابعة له بتهم فساد وتزوير متنوعة.
ويدعو الحزب الذي يعد أكبر ممثل لأكراد تركيا في البرلمان، ويلعب دور الوسيط بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني، لتخفيف تلك الضغوط على حزب الشعب حتى عندما امتنع عن إرسال ممثل عنه لمقابلة زعيم حزب العمال الكردستاني، عبدالله أوجلان في سجنه، ضمن مفاوضات عملية السلام.
وفي السياق ذاته، يؤيد حزب الحركة القومية، المحاكمة دون احتجاز، لا بل دعا زعيمه دولت بهتشلي لنقل جلسات المحاكمة عبر قناة "TRT" التلفزيونية الحكومية كما يطالب حزب الشعب الجمهوري الذي يشكك في الاتهامات ضد إمام أوغلو.
وكرر نائب الحزب في البرلمان، فتي يلدز، موقف رئيسه بهتشلي عندما امتدحه، اليوم الثلاثاء، لإجراء فرض رقابة قضائية على المتهمين في جرائم بدلاً من اعتقالهم طالما أمكن ذلك.
وقال يلدز، وهو محامٍ تركي بارز، عبر حسابه في "إكس": بما أن الرقابة القضائية بديل للاحتجاز، والاحتجاز يجب أن يكون الملاذ الأخير، فينبغي استخدام الإشراف القضائي كلما أمكن ذلك".
وأضاف أن الرقابة القضائية هي إجراء وقائي حديث وفعال بين الإفراج والاحتجاز، حيث لا يحرم الأشخاص من حريتهم تماماً، إلا أنها تخضعهم لإجراءات تسمح بالمراقبة والتحكم، مما يقلل من خطر الهروب ويزيل أضرار الحرمان الكامل من الحرية.
وحتى الآن، لم تثمر تلك المطالب عن قرار إفراج عن إمام أوغلو الذي يقول إنه سجن بسبب حظوظه الكبيرة في الفوز برئاسة الجمهورية في أي انتخابات رئاسية قادمة بعد أن فاز في دورتين متتاليتين في 2019 و 2024 برئاسة بلدية إسطنبول التي جاء منها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتنفي الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية الذي يقودها، تهم الضغط على أكبر أحزاب المعارضة عبر القضاء، وتقول إن القضاء مستقل بشكل كامل، ولا يمكنها التدخل في إجراءات محاكمة إمام أوغلو.