ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
قال تقرير لصحيفة "China Daily" إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عهد الرئيس، دونالد ترامب، زادت من حدة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وقوّضت آفاق السلام، وعزّزت الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
وأضاف التقرير، نقلًا عن خبراء، أن القرارات المفاجئة وتبدّل الإشارات الدبلوماسية الصادرة عن الإدارة الأمريكية أشعلت توترات جديدة تمتد من غزة إلى إيران.
تعهّد ترامب، خلال حملته الانتخابية، بإنهاء الصراع في غزة، وأعرب في خطابه الافتتاحي عن رغبته في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
لكن، وبعد ساعات من توليه المنصب، فرضت الإدارة تجميدًا لمدة 90 يومًا على جميع المساعدات الإنمائية الخارجية، باستثناء المساعدات الغذائية الطارئة والدعم العسكري لإسرائيل ومصر.
وفي فبراير/شباط، طرحت واشنطن خطة مثيرة للجدل لـ "السيطرة" على قطاع غزة، وإعادة توطين السكان الفلسطينيين، وتحويله إلى ما أسمته "ريفييرا الشرق الأوسط"، وهي خطة وُصفت على نطاق واسع بأنها مخطط لـ "التهجير الجماعي".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل عن توسيع نطاق عملها لزيادة نقاط توزيع الغذاء في القطاع إلى 4 أضعاف.
ومع ذلك، بقي مصدر التمويل غير واضح، وأثارت المبادرة انتقادات حادة من منظمات إنسانية وأمنية، بحسب "واشنطن بوست".
وفي 8 أغسطس/آب، وافق المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي على خطة للسيطرة على مدينة غزة، بعد دعوة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للسيطرة على كامل الأراضي الفلسطينية.
وعند سؤاله عن دعم هذا الاحتلال، لم يقدّم ترامب موقفًا واضحًا، مما عكس تردده في استخدام النفوذ الأمريكي للحد من التحركات العسكرية الإسرائيلية.
وأضاف التقرير أن تأثيرات السياسة الأمريكية امتدت إلى ما هو أبعد من غزة؛ فمنذ أبريل/نيسان، أجرت واشنطن مفاوضات نووية مع إيران بهدف كبح تخصيب اليورانيوم، إلا أن هذه المفاوضات، التي استمرت 60 يومًا، لم تُحرز أي تقدم.
وفي 13 يونيو/حزيران، شنّت إسرائيل ضربات جوية على منشآت نووية إيرانية، ما دفع طهران إلى الرد بقوة؛ وقدمت الولايات المتحدة دعمًا دفاعيًا لإسرائيل، شمل اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية.
وفي 22 يونيو/حزيران، وفي خضم التوتر المتصاعد، قصفت القوات الأمريكية 3 مواقع نووية إيرانية، في خطوة قوبلت بإدانة واسعة باعتبارها انتهاكًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وقد زاد ذلك من توتر العلاقات بين واشنطن وطهران، ودفع الأخيرة إلى تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما عقّد جهود إحياء المفاوضات النووية.
وأكد التقرير، بحسب محللين، أن تصرفات الإدارة الأمريكية تكشف عن غياب استراتيجية واضحة.
وقال الزميل في معهد الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب "فك شيفرة السياسة الخارجية الإيرانية"، روس هاريسون، إن تغيّر المطالب الأمريكية، من "عدم امتلاك سلاح نووي" إلى "عدم تخصيب على الإطلاق"، أدّى إلى طريق مسدود دبلوماسي.
وأضاف هاريسون: "الرسائل المتناقضة، إلى جانب نفاد صبر الرئيس، عقدت المفاوضات"، مشيرًا إلى أن التحركات العسكرية الأمريكية تشبه "الضربات الجراحية" من دون إطار سياسي طويل المدى.
وتابع: "ينبغي على الولايات المتحدة تجنب حروب لا تنتهي، لأنها لا تخدم مصالح المنطقة ولا مصالحها الذاتية".
من جانبه، قال مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة الدراسات الدولية بشنغهاي، دينغ جون، إن الإدارة تفتقر إلى رؤية متكاملة، مضيفًا: "هذا يبرز أوجه القصور الدبلوماسي لدى إدارة ترامب، وخاصة غياب الرؤية طويلة المدى، مع تكريس ذهنية الهيمنة".
وخلص تقرير حديث أصدره معهد الشرق الأوسط، أعدّه براين كاتوليس، إلى أن أسلوب ترامب القيادي غير المتوقع فشل في تحقيق نتائج واضحة في المنطقة؛ فقد انهارت الخطة الأمريكية المكوّنة من 3 مراحل للحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة، بينما لم تُسفر المفاوضات المباشرة مع حركة حماس عن نتائج تُذكر.
ورأى هاريسون أن واشنطن فقدت القدرة والمصداقية كوسيط، قائلًا: "تمتلك الولايات المتحدة نفوذًا للضغط على إسرائيل، لوقف التوسع الاستيطاني أو كبح التحركات العسكرية، لكن من دون استخدامه، سيستمر النظر إلى السياسة الأمريكية على أنها نسخة من الموقف الإسرائيلي".
أما نائب مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة الشمال الغربي بالصين، يان وي، فأشار إلى أن النفوذ الأمريكي في تراجع، إلا أن إسرائيل لا تزال "ركيزة أساسية" في استراتيجيتها المتشددة.
وأوضح أن ترامب، وهو داعم قوي لنتنياهو، بقي يؤكد على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" مع تصنيف حركة حماس كـ "منظمة إرهابية".
ويلفت منتقدون إلى أن الإدارة لم تتخذ إجراءات ملموسة مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة نتيجة العمليات الإسرائيلية، ما يعكس لامبالاة أمريكية بمعاناة المدنيين.
وقال دينغ: "بالنسبة لترامب، فإن الموازنة بين أولويات، أمريكا أولاً، وإسرائيل أولاً، تمثل تحديًا معقدًا"، متوقعًا استمرار واشنطن في تغليب سياسات القوة على جهود إحلال السلام.
وشدّد دينغ على أن حل القضايا الساخنة، مثل الملف النووي الإيراني، يتطلب التخلي عن التفكير الهيمني لصالح الحوار القائم على الاحترام المتبادل.
وفي السياق نفسه، دعا كاتوليس القيادتين الأمريكية والإسرائيلية إلى صياغة مسار دبلوماسي واضح، محذرًا من أن غياب ذلك قد يدفع المنطقة إلى مزيد من الصراعات وعدم الاستقرار.