logo
العالم

تقارب دون اعتراف.. إيران تنسج علاقة "براغماتية" مع طالبان

تقارب دون اعتراف.. إيران تنسج علاقة "براغماتية" مع طالبان
مقاتلان من طالبانالمصدر: منصة إكس
20 أغسطس 2025، 3:38 ص

على حبل مشدود، تُسيّر إيران علاقتها مع حركة طالبان في أفغانستان، محققة توازناً دقيقاً بين المصالح الجيوسياسية والحذر الإستراتيجي، وهي تفضّل التعاون الأمني والاستخباراتي الهادئ، بدلاً من الاعتراف العلني.

ويرى تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست" أن طهران تتبع نهجاً براغماتياً مع طالبان، يهدف إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي دون التسرع في تأييد نظام مثير للجدل، خاصة أنها تأتي بعد اعتراف روسي رسمي، بالحركة الحاكمة لأفغانستان، في يوليو/ تموز الماضي.

أخبار ذات علاقة

وزير خارجية روسيا مع مسؤولين في حركة طالبان

من تُهم الإرهاب إلى الشرعية الدولية.. روسيا تفتح الباب المغلق أمام طالبان

 وبينما كان يأمل قادة طالبان، باعتراف إيراني مماثل، فإن لدى طهران "حسابات خاصة مشروطة" تختلف عن الدوافع الروسية، فالدولتان علاقتهما تقوم على البراغماتية ولا ترقى إلى التحالف الرسمية، كما أن مصالحهما لا تتلاقى دائماً، خاصة فيما يتعلق بأفغانستان. 

فبينما استند قرار روسيا إلى حساباتها المتعلقة بالاستقرار الإقليمي ومكافحة الإرهاب، فإن إيران ستتخذ أي قرار بناء على أولوياتها الجيوسياسية، مثل مواجهة تنظيم داعش في ولاية خراسان، وإدارة قضايا المياه الحدودية، ومكافحة تهريب المخدرات.

تاريخ من التقلبات

شهدت العلاقة بين طهران وطالبان تقلبات كبيرة، ففي العام 1998، كادت التوترات أن تتحول إلى حرب بسبب مقتل دبلوماسيين إيرانيين على يد طالبان. 

أخبار ذات علاقة

عرض عسكرية لحركة طالبان

أفغانستان.. طالبان تحول حكمها من "مؤقت" إلى "دائم"

 لكن مع ظهور تنظيم داعش في ولاية خراسان بين 2014 و2015، بدأت إيران تعيد تقييم موقفها، إذ أدركت طهران ضعف الحكومة الأفغانية السابقة وعجزها عن مواجهة هذا التهديد، مما دفعها للتعامل مع طالبان كشريك محتمل في مواجهة عدو مشترك.

ومنذ عودة طالبان إلى السلطة في 2021، تجنّبت الحركة إبداء أي عداء علني تجاه إيران، كما لم تتخذ طهران خطوات لتقويض سلطة الإمارة، ومع ذلك، تبقى التوترات الكامنة قائمة بسبب الاختلافات الأيديولوجية، والتحديات الحدودية.

 واليوم تفضل إيران الحفاظ على انخراط حذر، يقتصر على التعاون الأمني والاستخباراتي عبر قنوات غير رسمية، بدلاً من منح الاعتراف الدبلوماسي الذي قد يعزز شرعية طالبان دولياً.

تحديات مشتركة

تواجه إيران وطالبان تحديات مشتركة تدفع باتجاه تعاون براغماتي، ويعدّ تنظيم داعش في ولاية خراسان تهديداً رئيساً، حيث أثبت ثباته من خلال تنفيذ هجمات بارزة، مثل تفجير قاعة حفلات موسيقية في موسكو العام 2024، وهجمات داخل إيران، كما كثّف جهود التجنيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني.

التحدي الأقوى يكمن في معاناة إيران من تدفق المخدرات من أفغانستان، التي تُعد طريق عبور رئيساً للأفيون إلى أوروبا، ومع وجود أكثر من مليوني مدمن في طهران، يشكل هذا التحدي تهديداً داخلياً كبيراً. 

كما يُعد النزاع حول مياه نهر هلمند قضية حساسة، إذ تضمن معاهدة 1973 حصة مائية لإيران، لكن سيطرة أفغانستان على منابع النهر تجعل طهران في موقف ضعف، خاصة مع قرارات طالبان الأخيرة بحجب المياه، مما يفاقم أزمة ندرة المياه في إيران.

كذلك يُعد غياب الشمولية في أفغانستان تحدياً كبيراً يؤثر على استقرارها وعلاقاتها الدولية، فرغم وعود طالبان بتشكيل حكومة تمثيلية، إلا أنها عززت سلطتها بطرق تُقصي الأقليات العرقية، مثل الهزارة والطاجيك، إضافة إلى التمميز ضد النساء. 

أخبار ذات علاقة

الحرس الثوري الإيراني

بعد "جروح الحرب".. كيف رسّخ الحرس الثوري الإيراني قوته في الداخل؟

 والهزارة، وهم أقلية شيعية، يواجهون اضطهاداً منهجياً من تنظيم داعش في ولاية خراسان، وأحياناً من طالبان، مما يثير انتقادات إيرانية محدودة. ومع ذلك، تفضّل طهران الحفاظ على علاقات منخفضة التوتر مع طالبان لأسباب جيوسياسية.

نهج إيران المستقبلي

يرى تقرير "ناشيونال إنترست" أنه من غير المرجّح أن تعترف إيران رسمياً بطالبان في المدى القريب، حيث تنتظر تحركات دول، مثل الصين وأوزبكستان، لتوفير غطاء دبلوماسي. 

في الوقت الحالي، يتوقع التقرير أن تواصل طهران التعاون الهادئ في مجالات أمن الحدود ومكافحة الإرهاب، مع مراقبة تطورات العلاقة الروسية مع طالبان كاختبار لسياستها المستقبلية. 

وهذا النهج يتيح لإيران المرونة في حماية مصالحها دون المخاطرة بتأييد نظام مثير للجدل، مما يعكس توازناً دقيقاً بين الأمن القومي والحذر الدبلوماسي.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC