اليونيفل في لبنان: هذا الهجوم من أخطر الهجمات على أفرادنا وممتلكاتها منذ اتفاق نوفمبر

logo
العالم

من العزلة إلى "الحزام والطريق".. كابول تتحول إلى منصة لإعادة "هندسة الإقليم"

من العزلة إلى "الحزام والطريق".. كابول تتحول إلى منصة لإعادة "هندسة الإقليم"
لقاء ثلاثي يجمع الصين وباكستان وطالبان في كابولالمصدر: رويترز
19 أغسطس 2025، 2:16 م

تتحول  كابول في 20 أغسطس إلى ساحة مواجهة دبلوماسية من العيار الثقيل، حيث يجتمع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ونظيره الباكستاني إسحاق دار، إلى جانب القائم بأعمال وزير خارجية طالبان أمير خان متقي، في لقاء ثلاثي غير رسمي، لكنه يحمل في طياته رهانات استراتيجية تنذر بتغيير معادلات جنوب آسيا.

الاجتماع يأتي بعد إلغاء زيارة متقي إلى  باكستان في 5 أغسطس، وسط تسريبات بأن الأمم المتحدة منعت سفره بسبب إدراجه على لائحة العقوبات. 

هذه الخطوة عززت إصرار الأطراف الثلاثة على عقد اللقاء في قلب أفغانستان، حيث تفرض طالبان أمرًا واقعًا على المجتمع الدولي منذ سيطرتها على كابول قبل 4 سنوات.

أخبار ذات علاقة

علما باكستان وأمريكا

ما الصفقات الباكستانية التي قلبت "مزاج" ترامب على الهند؟

 من جانبه، يرى محمد صلاح الدين، الباحث في الشؤون الآسيوية، أن اجتماع كابول يعكس تلاقي مصالح الأطراف الثلاثة، مضيفًا أن طالبان تسعى لكسر عزلتها الدولية عبر تعزيز علاقاتها مع باكستان والصين، بينما تجد باكستان في هذا التقارب فرصة لمواجهة الجماعات الإرهابية وقطع الطريق على أي محاولة هندية للتواصل مع طالبان.

وأوضح صلاح الدين في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن الصين، ترى في هذا المحور وسيلة لتحجيم نفوذ الهند في أفغانستان وحماية مصالحها الاستراتيجية، خاصة في ما يتعلق بمشروع "الحزام والطريق" والممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني.

الإرهاب.. ساحة خلاف ومصالح

رغم التصريحات الناعمة عن التعاون، تشتعل الملفات الأمنية بين الأطراف الثلاثة. الأمم المتحدة تؤكد أن أفغانستان لا تزال ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية، من تنظيم "داعش – ولاية خراسان" إلى "القاعدة" و"طالبان باكستان". 

المفارقة أن هذه الجماعات تستهدف باكستان بشكل مباشر، بينما تتهم إسلام آباد نظام طالبان بدعمها سرًا.

وتخشى الصين بدورها من أن يتحول التراب الأفغاني إلى منصة ينطلق منها مسلحون من الأويغور لتنفيذ عمليات ضدها، في حين ترفض طالبان تقديم تنازلات كبيرة بسبب علاقاتها التاريخية بتلك الجماعات. 

أخبار ذات علاقة

عرض عسكرية لحركة طالبان

أفغانستان.. طالبان تحول حكمها من "مؤقت" إلى "دائم"

 وهكذا يتحول شعار "مكافحة الإرهاب" إلى ساحة شد وجذب بين بكين وكابول وإسلام آباد.

ويؤكد صلاح الدين أن طالبان تدرك أن ملف الإرهاب يمثل التحدي الأكبر أمامها. فوفق الأمم المتحدة، لا تزال أفغانستان ملاذاً لجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة وفرع "خراسان". 
وأشار إلى أن طالبان تسعى إلى إظهار تعاونها مع باكستان والصين في هذا المجال، لتخفيف الضغوط الدولية وتجنب عزلة أشد. 
في الوقت نفسه، يوضح الباحث أن باكستان ترى في هذا التعاون وسيلة للحد من التهديدات الأمنية القادمة من أفغانستان.

الحزام والطريق.. الطموح الكبير

بعيدًا عن الملف الأمني، تُسابق الصين الزمن لضم أفغانستان إلى مبادرة الحزام والطريق عبر الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني (CPEC)، الذي تُقدّر استثماراته بمليارات الدولارات. 

وترى بكين في ثروات أفغانستان المعدنية والبنية الجغرافية فرصة ذهبية، بينما يراها نظام طالبان طوق نجاة اقتصاديا قد يخفف من البطالة والفقر ويمنحه شرعية دولية غير مسبوقة، وفقًا لمراقبين.

ولم يُخفِ وزير اقتصاد طالبان عبد اللطيف نظري الطموح، مؤكدًا أن انضمام بلاده إلى CPEC سيوفر وظائف، يجذب الاستثمارات، ويحوّل أفغانستان إلى حلقة استراتيجية بين الصين وجنوب آسيا.

أخبار ذات علاقة

منجم ميس عينك

في قلب أفغانستان.. الصين تفتتح "منجمها الملياري" تحت حراسة طالبان

 ويعتبر الباحث محمد صلاح الدين أن إدماج أفغانستان في مشروع الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني (CPEC) قد يمثل لطالبان فرصة للحصول على استثمارات وبنية تحتية في بلد يعاني من تدهور هائل.

 لكن في المقابل، حذر صلاح الدين من أن هذه الخطوة قد تتحول إلى فخ جيوسياسي، إذ تضع أفغانستان في قلب تنافس إقليمي مع الهند وتحت ضغط صيني متزايد. 

ولفت إلى أن بكين تنظر إلى هذه المشاركة باعتبارها وسيلة لمعالجة ملف الإيغور عبر منع استغلال الأراضي الأفغانية كنقطة عبور، وهو ما يعكس بعداً أمنياً بقدر ما هو اقتصادي.

دور بكين في "ترويض" التوتر

اللافت أن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار كشف سابقًا أن تحرك إسلام آباد نحو طالبان جاء بدفع مباشر من الصين، ما يؤكد أن بكين تمارس دور "المهندس الخفي" في ترتيب هذا المثلث.

كما تحاول بكين تهدئة التوترات بين طالبان وباكستان، وتضع نفسها كوسيط لا غنى عنه، ليس فقط لحماية استثماراتها، بل أيضًا لانتزاع نفوذ استراتيجي في منطقة تتراجع فيها قبضة واشنطن.

كابول.. ساحة اختبار

الاجتماع الثلاثي المرتقب في كابول ليس مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل اختبار خطير: هل ينجح مثلث الصين–باكستان–طالبان في بناء محور جديد يغيّر قواعد اللعبة؟ أم تنفجر التناقضات بفعل الإرهاب العابر للحدود، والشكوك المتبادلة، وضغط القوى الدولية التي تراقب عن كثب؟

وتؤكد كل المؤشرات أن 20 أغسطس قد يفتح فصلاً جديدًا من الصراع والتوازنات في قلب آسيا، حيث لم تعد كابول مجرد عاصمة محاصرة، بل منصة صاخبة لرسم خرائط القوة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC