logo
العالم
خاص

في قلب أفغانستان.. الصين تفتتح "منجمها الملياري" تحت حراسة طالبان

في قلب أفغانستان.. الصين تفتتح "منجمها الملياري" تحت حراسة طالبان
منجم ميس عينكالمصدر: (أ ف ب)
07 أغسطس 2025، 12:42 م

تستعد الصين أخيرًا لكسر الجمود الذي دام قرابة عقدين في واحد من أكثر مشاريعها الجيولوجية طموحًا خارج حدودها، وهو منجم "ميس عينك"، للنحاس في أفغانستان، أحد أكبر كنوز المعدن الأحمر غير المستخرجة في العالم، الواقع في قلب جبال ولاية لوغار وبين بقايا معابد بوذية وآثار تعود إلى العصر البرونزي.

لكنّ الانطلاقة الموعودة، التي وصفتها بكين بأنها "وشيكة"، تُواجه شبكة من العقبات، تتراوح بين الألغام الأرضية وتهديدات الإرهاب، ومرورًا بالأزمات السياسية داخل حركة طالبان، ووصولًا إلى قلق غربي متزايد من النفوذ الصيني في المنطقة.

في عام 2008، فازت شركة "مجموعة الصين للتعدين والتعدين الميتالورجي" (MCC) بعقد مدته 30 عامًا لتطوير المنجم، باستثمار أولي ضخم. إلا أن المشروع، جرى وأده مبكرًا تحت ركام عدم الاستقرار الأمني، وغياب البنية التحتية، ووجود آثار تاريخية لا تقدر بثمن.

واليوم، بعد ما يقرب من 430 مليون دولار من الاستثمارات الغارقة دون أي عائد، تعلن الصين أنها اقتربت من بدء استخراج النحاس فعليًّا، بعد اكتمال الطريق المؤدي إلى المنجم، وقرب الانتهاء من الإجراءات مع الحكومة الأفغانية. لكن الحكومة هنا ليست كأي حكومة: إنها طالبان.

يُمكن لمنجم "ميس عينك" الذي يحتوي على ما يقرب من 705 ملايين طن من الخامات، أن يُنتج أكثر من 11 مليون طن من النحاس المعدني، وهو معدن استراتيجي لا غنى عنه في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، والأسلحة المتطورة، والبنية التحتية للطاقة المتجددة.

ومع توقعات الأمم المتحدة بارتفاع الطلب العالمي على النحاس بأكثر من 40% بحلول 2040، تتحرك الصين — أكبر مستهلك ومُصنّع للنحاس في العالم — لتأمين حصتها من المورد قبل اشتعال السباق العالمي. لكنّ الطريق إلى الكنز محفوف بالمخاطر.

ووفقًا لمدير مركز الدراسات الأفغانية في جامعة لانتشو الصينية للدكتور "شو يونغبياو"، فإن عدم الاستقرار السياسي وضعف مصداقية طالبان يمثلان تهديدًا وجوديًّا للمشروع. 

ويقول يونغبياو: "طالبان أثبتوا مرارًا أنهم غير ملتزمين.. وهناك خطر حقيقي بأن يُلغى العقد كما حدث في يونيو الماضي مع شركة نفط صينية أخرى، رغم توقيع عقد مدته 25 عامًا واستثمارات تتجاوز 500 مليون دولار".

وأضاف أن القلق لا يتوقف عند الداخل. فمع استمرار عدم اعتراف الغرب بحكومة طالبان، تظل احتمالية فرض عقوبات مفاجئة على المشاريع الكبرى واردة في أي لحظة.

من الاستثمار إلى النفوذ: الصين تلعب بحذر

ورغم تصاعد وتيرة التنسيق، فإن بكين لم تعترف رسميًّا بعد بحكومة طالبان، لكنها أبقت سفارتها مفتوحة في كابل بعد انسحاب واشنطن، وعينت سفيرًا جديدًا عام 2023، واستقبلت وفودًا رفيعة من طالبان، آخرها في مايو 2025.

لكن الصين، وفقًا ليونغبياو، لا ترى في المشروع مكسبًا استراتيجيًّا مباشرًا، بل "تحركت بعد ضغوط متزايدة من طالبان"، مشيرًا إلى أن الصين تأمل من طالبان احترام قضايا حساسة لها، أهمها: محاربة جماعة تركستان الشرقية الإسلامية المدرجة على قوائم الإرهاب. وحماية حقوق المرأة وضمان الحوكمة الشاملة".

ليس منجم "ميس عينك" مجرد حفرة في الأرض، بل هو مفترق طرق بين قوى كبرى، وطموحات صاعدة، وأشباح التاريخ والحروب. فإذا نجحت الصين في إدارة المخاطر، فقد تصبح أفغانستان شريانًا جديدًا لطريق الحرير، وغنيمة استراتيجية وسط العزلة الغربية.

أما إذا انفجرت التناقضات، فقد يكون هذا المشروع مجرد "فخ نحاسي" في قلب جبال طالبان. كما أنه في زمن المعادن الحرجة، والموارد المتقلصة، والأطراف الدولية المتربص، يبقى "ميس عينك" رهانًا محفوفًا بكل شيء، إلا اليقين.

أخبار ذات علاقة

أعلام الصين والولايات المتحدة

تحذيرات أمريكية من سيطرة الصين على سلاسل توريد المعادن

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC