أثار تعليق الولايات المتحدة تنفيذ صفقة التكنولوجيا الموقعة مع بريطانيا خلال زيارة الرئيس ترامب الرسمية إلى لندن، موجة جدل في الأوساط السياسية والاقتصادية؛ ما كشف عن صدام أعمق بين طموحات التعاون التقني وضغوط واشنطن للحصول على تنازلات تجارية أوسع.
وبحسب "فايننشال تايمز"، فإن الصفقة التي أُعلِن عنها في سبتمبر الماضي تهدف نظريًا إلى تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والطاقة النووية، لكنها تحولت سريعًا إلى أداة تفاوض في إطار خلافات أكبر تتعلق بالمعايير غير الجمركية واللوائح التنظيمية التي تحكم المنتجات الغذائية والصناعية.
وأفادت مصادر مطلعة على المحادثات بين الجانبين، بأن واشنطن بدأت تفقد صبرها حيال رفض لندن معالجة ما تعتبره عقبات غير جمركية، رغم التنازلات التي قدمتها المملكة المتحدة مثل السماح بدخول 13 ألف طن من اللحوم الأمريكية سنويًا دون رسوم جمركية؛ ما قد يعني أن واشنطن تمارس ضغوطًا على لندن للحصول على تنازلات بشأن العلاقات التجارية الأوسع نطاقاً.
ويرى محللون أن الصفقة التقنية يبدو أنها لم تعد معزولة عن السياسة التجارية، بل أصبحت ورقة ضغط لاستنزاف طاقة التفاوض البريطاني في مجالات تتجاوز نطاق الابتكار التقني.
وبينما حاول المسؤولون البريطانيون تخفيف التوترات، مؤكدين على أن الضريبة على الخدمات الرقمية ليست جوهر المشكلة وأن الحوار مستمر، فإن تعليق الاتفاق سلَّط الضوء على هشاشة العلاقة المزعومة "الخاصة" بين البلدين.
وفي الوقت نفسه، تستعد لندن لزيادة إنفاق هيئة الخدمات الصحة الوطنية على الأدوية، بعد التنازل الأمريكي عن الرسوم على صادراتها الدوائية، لتظل الصفقة التقنية في دائرة الخلافات المستمرة بين التعاون والضغط السياسي.
وحذر الخبراء من أن أكثر ما يثير القلق حقًا هو أن هذه الخطوة الأمريكية تطرح أسئلة أكبر عن حدود الشراكات الدولية، وكيف يمكن للدول الأصغر أو المتوسطة الحفاظ على مصالحها وسط ضغوط تتجاوز المجال التكنولوجي إلى التجارة والسياسة، في عصر تتشابك فيه الابتكارات التقنية مع الاستراتيجيات الاقتصادية والضغوط الجيوسياسية.