logo
العالم

لماذا فككت جنوب إفريقيا ترسانتها النووية السرية؟

لماذا فككت جنوب إفريقيا ترسانتها النووية السرية؟
صاروخ نوويالمصدر: (أ ف ب)
21 يوليو 2025، 8:35 ص

سجلت جنوب إفريقيا سابقة تاريخية في ملف نزع السلاح النووي، بعد أن قررت طوعًا تفكيك ترسانتها السرية في أوائل التسعينيات، لتصبح أول دولة في العالم تتخلى عن القنبلة النووية التي طورتها بنفسها، وسط استمرار المخاوف من انتشار هذا السلاح عالميًا.

وفي وقت يُقدَّر فيه عدد الرؤوس النووية المخزنة حول العالم بأكثر من 12,200 رأس، تمتلكها 9 دول، تظل مسألة الانتشار النووي أحد أكثر الملفات حساسية في العلاقات الدولية.

أخبار ذات علاقة

أعلام أوروبية وعلم إيران

محادثات نووية بين إيران و"الترويكا الأوروبية" خلال أيام

وبينما تُتهم دول مثل إيران بالسعي للانضمام إلى "النادي النووي"، تفضّل دول أخرى إبقاء خيار السلاح النووي مفتوحًا.

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن أكثر من 9,000 رأس نووي من المخزون العالمي محفوظة في مواقع عسكرية وجاهزة للاستخدام المحتمل.

وتتصدر روسيا القائمة بـ 4,380 رأسًا نوويًا جاهزًا، متقدمة على الولايات المتحدة بـ 672 رأسًا، فيما تمتلك الدولتان معًا نحو 85% من الترسانة النووية العالمية.

المشهد النووي

تُعتبر الولايات المتحدة، وروسيا، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والصين الدول الخمس المعترف بها رسميًا كقوى نووية، وجميعها حصلت على هذا السلاح قبل توقيع معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968.

ومنذ ذلك الحين، انضمت إلى المشهد النووي دول أخرى لم توقع على المعاهدة، مثل الهند (منذ 1974)، وباكستان (1998)، وإسرائيل التي يُقدَّر أنها امتلكت قدرات نووية منذ عام 1986 رغم عدم اعترافها بذلك رسميًا.

كما انسحبت كوريا الشمالية من المعاهدة في عام 2003، وأجرت منذ التسعينيات 6 تجارب نووية، كان آخرها عام 2017، وأدرجت في دستورها عام 2023 هدف تعزيز ترسانتها النووية.

خطوة فريدة

في خطوة فريدة في التاريخ النووي، تُعد جنوب إفريقيا الدولة الوحيدة التي طوّرت سلاحًا نوويًا ثم تخلّت عنه بإرادتها.

ففي عام 1991، قررت حكومة الفصل العنصري تفكيك ترسانتها السرية التي ضمت 6 قنابل نووية، وانضمت رسميًا إلى معاهدة عدم الانتشار النووي.

وهذا القرار لم يُعلن إلا بعد عامين، حين كشف الرئيس، فريديريك دي كليرك، عن ذلك في خطاب تاريخي أمام البرلمان في 24 مارس/آذار 1993، معلنًا أن بلاده تخلّت نهائيًا عن طموحاتها النووية.

وبدأت جنوب إفريقيا أبحاثها النووية في ستينيات القرن الماضي، مستفيدة من احتياطياتها الضخمة من اليورانيوم.

ورغم أن البداية كانت لأغراض سلمية، فقد تحوّل البرنامج في السبعينيات إلى مشروع عسكري سري، في ظل تنامي النفوذ السوفيتي في أفريقيا، وتدخل القوات الكوبية الموالية لموسكو في أنغولا المجاورة.

وبسبب عزلة نظام الفصل العنصري، شعرت جنوب إفريقيا بالتهديد، ما دفعها لتطوير قنبلة نووية بمساعدة غير مباشرة من فرنسا وإسرائيل وألمانيا الغربية. وتم إنشاء منشأة لتخصيب اليورانيوم في بيليندابا، غرب بريتوريا.

أخبار ذات علاقة

رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا

بلومبيرغ: قوانين تمكين السود في جنوب أفريقيا استراتيجية فاشلة

الغموض النووي

في عام 1977، كانت جنوب إفريقيا على وشك إجراء أول تجربة نووية تحت الأرض، لكن الولايات المتحدة تدخّلت وأفشلت العملية.

ورغم ذلك، حافظت بريتوريا على سياسة "الغموض النووي"، واعتبرت أن الشك في قدراتها كافٍ لأغراض الردع، وقد صنعت 6 قنابل نووية، تعادل كل منها تقريبًا القنبلة التي دمرت هيروشيما.

ولكن مع نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي، قررت القيادة الجنوب إفريقية إنهاء البرنامج بالكامل، قبل اكتمال القنبلة السابعة.

فرصة للانخراط

رأى الرئيس دي كليرك أن زوال التهديدات الجيوسياسية أتاح فرصة للانخراط في النظام الدولي الجديد، وأن مواصلة البرنامج لم تعد مبررة.

وبإعلانه تفكيك الترسانة، دخلت جنوب إفريقيا التاريخ بوصفها أول دولة تُطوّر سلاحًا نوويًا ثم تتخلى عنه طوعًا.

في أوروبا، سعت دول مثل السويد وسويسرا خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي إلى تطوير برامج نووية عسكرية، لكنها تخلّت عنها لاحقًا ووقّعت معاهدة عدم الانتشار، مطمئنة إلى الردع النووي الأمريكي في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو).

أما في أمريكا الجنوبية، فقد توقفت الأبحاث النووية السرية التي أجريت في الأرجنتين والبرازيل بعد سقوط الأنظمة العسكرية في الثمانينيات؛ وفي عام 1990، تبنّت البرازيل دستورًا يحظر الأسلحة النووية.

أخبار ذات علاقة

الحرب في غزة

الغارديان: الحروب في غزة وأوكرانيا تدخل مرحلة "اليأس والعبث"

حالة فريدة

تُعد أوكرانيا حالة فريدة؛ فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، ورثت كييف ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، بما يعادل 17٪ من الأصول النووية السوفيتية. 

واختارت كييف التخلي عن ترسانتها النووية طوعًا عام 1994 بموجب "مذكرة بودابست"، التي قدّمت لها فيها روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا ضمانات أمنية مقابل تسليمها الأسلحة؛ لكن هذه الضمانات تهاوت أمام أول اختبار فعلي، حين تعرّضت أوكرانيا  لحرب روسية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC