logo
العالم العربي

نيويورك تايمز: أحداث السويداء أربكت "التوازن التاريخي" لدروز سوريا

نيويورك تايمز: أحداث السويداء أربكت "التوازن التاريخي" لدروز سوريا
دروز من سوريا وإسرائيل يتظاهرون على الحدود المصدر: منصة إكس
20 يوليو 2025، 12:22 م

يثير الصراع الدموي في مدينة السويداء مخاوف الدروز في جنوب سوريا من خسارتهم "التوازن التاريخي" الذي ساعد أتباع الطائفة لقرون طويلة على عبور مختلف الأزمنة والتكيّف مع الأنظمة المتعددة التي حكمت البلاد.

واستلهم دروز سوريا سياسة التوازن، من مبدأ "الولاء للدولة التي يقيمون فيها"، وهو مبدأ متأصل في عقيدة الطائفة التي تُعلي من شأن البراغماتية والحفاظ على الذات على حساب المواجهة السياسية.

 ورغم أن هذه "البراغماتية" قادت الدروز في سوريا ولبنان وإسرائيل إلى مسارات سياسية متباينة، فإن رابطة قوية عابرة للحدود لا تزال قائمة، وهي القرابة والذاكرة المشتركة والحماية المتبادلة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وتنتشر الأقلية الدرزية في سوريا ولبنان وإسرائيل، محافظة على توازنها واستقلاليتها على مر السنين، لكنها في السنوات الأخيرة وجدت نفسها في محور صراعات القوى المتغيرة في المنطقة.

وأدّت أعمال العنف الأخيرة في السويداء إلى مقتل المئات في مواجهات بين الفصائل الدرزية ومجموعات عشائرية مسلحة، وضعت الطائفة في قلب أزمة كسرت "توازنهم" المعروف وتكيّفهم مع النظام القائم.

ويقول فادي عزام، الروائي والشاعر الدرزي السوري من السويداء، الذي فر أثناء الحرب الأهلية: "الشيء الغريب هو أن هذا المجتمع نجا حتى اليوم في أحد أكثر الأماكن عنفاً في العالم، لكن لدينا فلسفة، وأعتقد أن الفلسفة هي التي أنقذتنا".

وفي عهد الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تجنّب الدروز إلى حد كبير التمرد العلني، بينما قاوموا في الوقت نفسه اندماجاً أعمق مع النظام. خدم الكثير منهم في الجيش السوري، لكن الفصائل المحلية حافظت على قدر من الاستقلال، وكثيراً ما كانت تتولى حفظ الأمن في مناطقها، بما في ذلك السويداء، معقل الدروز.

لكن هذا "التوازن المضطرب"، وفق تعبير "نيويورك تايمز" تعرّض للاختبار في الأشهر الأخيرة مع تحرك الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، لكبح جماح الشبكة المعقدة من الجماعات المسلحة التي خلفتها الحرب الأهلية. 

أخبار ذات علاقة

عائلات نازحة من السويداء إلى درعا

بعد هجوم الدروز على البدو.. نزوح جماعي من السويداء إلى درعا

 وبلغ الوضع ذروته هذا الأسبوع عندما اندلعت اشتباكات دامية في السويداء بين مقاتلين دروز ورجال قبائل بدوية. سرعان ما استدرج ذلك القوات الحكومية، التي أُرسلت لقمع العنف، لكنها بدأت في الاشتباك مع مسلحين دروز لا يثقون بحكام سوريا الجدد.

وتدخلت إسرائيل أيضاً في الأزمة، والتي تعهدت بحماية الطائفة رغماً عن رغبة العديد من الدروز السوريين، الذين يشكلون أكثر من نصف أتباع الطائفة حول العالم والبالغ عددم نحو مليون نسمة.

في إسرائيل، أثار العنف اضطرابات داخلية بين أفراد الطائفة الدرزية الصغيرة ذات النفوذ في البلاد، الذين نظموا احتجاجات، وأغلقوا الطرق، وفي بعض الحالات اقتحموا سوريا. وردّ الجيش الإسرائيلي بقصف قلب دمشق، لكن بالنسبة للعديد من الدروز السوريين، لم تؤدِّ هذه الهجمات إلا إلى تعميق عزلتهم عن الحكومة الناشئة في البلاد.

أخبار ذات علاقة

جانب من الاشتباكات في السويداء

الرئاسة السورية تتهم المقاتلين الدروز بخرق الهدنة في السويداء

 ويؤكد رضا منصور، المؤرخ الدرزي الإسرائيلي وأستاذ في جامعة رايخمان في تل أبيب، أن الدروز الآن في "وضع صعب للغاية".

خارج سوريا

تمكّن الدروز من ترسيخ أدوارهم في دول أخرى، فرسّخوا نفوذهم في بعض الأماكن، مع التعهد بالولاء في أماكن أخرى، ففي لبنان، حيث يُشكلون حوالي 5% من السكان، لطالما لعبت العائلات الدرزية النافذة دور الوسيط، مُوازنة تحالفاتها مع الفصائل المسيحية والسنية والشيعية خلال الحروب والأزمات.

أما في إسرائيل ومرتفعات الجولان الخاضعة لسيطرة تل أبيب، حيث يبلغ عدد الدروز حوالي 145,000 نسمة، يحتل أتابع الطائفة مكانة فريدة.

الفصائل الدرزية

 

وعلى عكس الأقليات العربية الأخرى، يُجنّد الدروز في الجيش الإسرائيلي، ويخدم الكثير منهم في مناصب عسكرية أو سياسية رفيعة المستوى. على الرغم من ذلك، أعرب المواطنون الدروز عن إحباطهم من عدم المساواة في المعاملة ومن قانون صدر العام 2018 وقوّض مكانتهم كمواطنين كاملي الحقوق.

ويقول رضا منصور، السفير الإسرائيلي السابق: "كانت الصيغة الدرزية هي أنه، أياً كان البلد الذي تعيش فيه، عليك أن تكون أكثر الجاليات وطنية للبقاء"، لقد خدم هذا النهج الدروز لقرون، لكن في السويداء، انكشفت حدوده، وفق "نيويورك تايمز".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC