اعتبر تحليل لصحيفة "الغارديان" البريطانية أن السلام بات بعيد المنال من غزة إلى أوكرانيا، في وقت تدخل فيه النزاعات الكبرى مرحلة "اليأس والعبث" بعد 6 أشهر من عودة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، رغم وعوده بإنهاء الصراعات في العالم.
وبين 2024 و2025، شهد العالم 61 نزاعاً في 36 دولة، في رقم هو الأعلى و"الأسوأ" في الصراعات الدولية منذ العام 1946، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، في إحصائية تكشف "انهيار النظام الدولي المفتقد للمبادئ"، وفق "الغارديان"، التي ترى أن جائزة نوبل للسلام باتت متناقضة مع العصر.
وبينما تدخل حرب أوكرانيا عامها الرابع دون نهاية تلوح في الأفق، على الرغم من الموعد النهائي الجديد الذي حدده ترامب لمدة 50 يوماً، عادت "الحرائق" إلى سوريا، كما تستسمر الحرب في السودان، فيما يظل الصراع في غزة العنوان الدائم للصراعات الدولية لنحو عامين.
وقالت الصحيفة إن "حجم جرائم الحرب وغيرها من الفظائع في مناطق النزاع ووحشيتها أمر غير عادي"، مشيرة إلى أن قتل إسرائيل الأسبوع الماضي للأطفال الذين كانوا يصطفون للحصول على الماء في غزة كان أمراً صادماً، لكن "المفزع أن مشاهد كهذه أصبحت شائعة جداً".
ووفق "الغارديان" بات "ينعكس انهيار النظام الدولي القائم على القواعد في أزمة النظام الأخلاقي"، معتبرة أنه "دون مبادئ عالمية مقبولة، تُصبح التسوية السلمية للنزاعات إشكالية بالغة".
وذهبت الصحيفة البريطانية إلى أن سعي ترامب لنيل جائزة نوبل هذا العام يمثّل "ارتباكاً أخلاقياً" وفق وصفها، خصوصاً مع خوضه إلى جانب إسرائيل حرباً ضدّ إيران، مع عجزه الظاهر عن وقف الحروب في غزة وأوكرانيا وغيرهما، مستنكرة كذلك أن يتم ترشيحه إليها من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وأضافت: "في عالم مُرتبط بالحرب، تبدو جائزة نوبل للسلام المبجّلة متناقضة مع العصر، ومسيّسة بشكل متزايد"، مشيرة إلى أن فوز الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، بها عام 2009 لم يكن مستحقاً لـ "عدم قيامه بأي شيء".
ورأت "الغارديان" أن العالم بات يشهد اختلالاً كبيراً في المعايير الأخلاقية في الصراعات المفتوحة بلا أفق، مشيرة إلى أن جزءاً كبيراً من الجمهور الروسي يعاني من هذا الاختلال عند التفكير في استمرار "الحرب التدميرية" ضد أوكرانيا.
كما قالت إن "إنكار إسرائيل للسلام في فلسطين له ثمن أخلاقي باهظ"، معتبرة أن سمعة الدولة العبرية باتت "ممزقة"، فيما رئيس وزرائها متهم بجرائم حرب، مقابل تفاقم معاداة السامية دولياً نتيجة لسياسات نتنياهو.
وتساءلت الصحيفة البريطانية "كيف يمكن لهذا العدد الكبير من الإسرائيليين التعايش مع هجمة جيشهم الشرسة على غزة، مع شبح 58 ألف جثة"، مستنكرة خطاب الحكومة الإسرائيلية الذي يزعم أن فكرة الدولة الفلسطينية "مجرّد وهم" وأن ما تريده حقاً هو "حبس مليوني نسمة من سكان غزة في معسكر اعتقال ضخم".
لكن "الغارديان" خلُصت إلى أن الفشل في إنهاء الحروب "قابل للعكس"، مشددة على أن "المعايير الأخلاقية العالمية لا تزال سارية" تُحددها اتفاقيات جنيف، والقانون الدولي إضافة إلى العقد الاجتماعي. واعتبرت أن "إنهاء الصراعات الكبرى، وتخفيف معاناة الملايين، ضرورة أخلاقية تتطلب استجابة جماعية حازمة من جميع الأطراف المعنية".