logo
العالم

غواصات ترامب وتهديدات ميدفيديف.. هل تعود الحرب الباردة بأدوات حديثة؟

غواصات ترامب وتهديدات ميدفيديف.. هل تعود الحرب الباردة بأدوات حديثة؟
غواصة أمريكيةالمصدر: رويترز
03 أغسطس 2025، 6:54 م

حين يرد رئيس الولايات المتحدة بنشر غواصتين نوويتين على تصريح لمسؤول روسي، فإن السؤال لا يعود متعلقًا بالتصعيد السياسي فحسب، بل بما إذا كانت الحرب الباردة قد استعادت أدواتها الصلبة، وبوجه أقل قابلية للتهدئة.

هذا ما بدا جليًا عقب القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضية، بتحريك غواصتين نوويتين نحو مناطق استراتيجية قرب روسيا، ردًا على تصريحات وصفها بـ"التحريضية"، أطلقها دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي.

أخبار ذات علاقة

غواصة أمريكية

غواصات ترامب قبالة روسيا.. تصعيد عسكري أم ردع استراتيجي؟

لحظة انعطاف

ووفقًا للمراقبين، فإن هذه الخطوة ليست مجرد ردٍّ عابر، بل تمثل لحظة انعطاف في طبيعة العلاقة بين موسكو وواشنطن، تنقلها من خانة التوتر المزمن إلى تخوم المواجهة غير المباشرة، المدججة بالرؤوس النووية.

في منشور على منصته "تروث سوشيال"، وصف ترامب تصريحات ميدفيديف بأنها تمثل خطرًا لا يمكن تجاهله، مضيفًا: "لقد أمرت بنشر غواصتين نوويتين تحسّبًا لأن تكون هذه التصريحات أكثر من مجرد كلام".

رسالة ترامب كانت مزدوجة، بين استعراض للقوة أمام الداخل الأمريكي في لحظة انتخابية حرجة، وتحذير مباشر لموسكو بأن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة لتحمّل ما تعتبره "تجاوزات خطابية خطرة".

في المقابل، استخدم ميدفيديف لهجة أقل دبلوماسية وأكثر هجومية، معتبرًا أن ترامب "يلعب بلعبة الإنذارات" مع روسيا، وأن كل إنذار يُعد خطوة نحو حرب ليس فقط مع أوكرانيا، بل مع الولايات المتحدة نفسها.

مجرد خطاب سياسي

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور سعد خلف، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن ما يجري من تصعيد في التصريحات يظل في إطار الخطاب السياسي، ولا يتجاوز ذلك إلى احتمال المواجهة الفعلية، مؤكدًا أن اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة سيعني حربًا عالمية نووية من شأنها تدمير ليس فقط روسيا والولايات المتحدة، بل أجزاء واسعة من العالم.

وأشار خلف إلى أن استخدام روسيا للسلاح النووي يخضع لعقيدتها النووية والعسكرية، التي تنظّم بدقة الحالات التي تسمح باستخدام هذا النوع من الأسلحة، وأن التصعيد في خطاب ميدفيديف ليس بالضرورة مؤشرًا على تحرك فعلي، بل يمثل نوعًا من استعراض القوة، يشبه إلى حدٍّ بعيد ما يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الرأي العام الداخلي.

ملامح حرب باردة

ورأى الخبير في الشؤون الروسية أنه لا مؤشرات حاليًا على وجود مواجهة عسكرية وشيكة بين موسكو وواشنطن، بالإضافة إلى أن احتمال المواجهة النووية يبدو مستبعدًا في ظل التوازنات القائمة، وأن التصعيد اللفظي يعكس تحولًا أعمق في المشهد السياسي العالمي، تتداخل فيه ملامح الحرب الباردة مع أدوات العصر الحديث.

وتابع المحلل السياسي أن رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخير يعكس هذا الاتجاه، حيث تضمن نبرة حادة لكن متزنة، وأن الكرملين يفضل إدارة المفاوضات في الكواليس، عبر قنوات دبلوماسية مغلقة، بعيدًا عن التصعيد المسرحي الذي لا يخدم أي مسار تفاوضي.

وأضاف أن بوتين وجّه في خطابه الأخير رسالة مباشرة، ولكنها عقلانية إلى ترامب، مفادها أن الاستعراض الإعلامي لا يُسهم في الوصول إلى اتفاقات أو تسويات حقيقية.

أخبار ذات علاقة

دميتري ميدفيديف

ميدفيديف.. "السيف النووي" لبوتين من الرئاسة إلى الإنترنت

رد عنيف

وفي السياق ذاته، قال مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، دميتري بريجع، إن خطاب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، الذي وُجه مؤخرًا إلى الولايات المتحدة، وتحديدًا إلى الرئيس الأمريكي، أثار أصداء قوية، خاصة أن ترامب لا يتقبل الانتقاد، ولا يقبل المساس بصورته أو مكانته بوصفه "الصوت الخارجي" للولايات المتحدة الأمريكية ورمز هيبتها.

وأكد بريجع، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن رد ترامب كان عنيفًا في مضمونه، لا سيما فيما يتعلق بالتهديدات النووية، مشيرًا إلى أن تصريحاته حول تحريك غواصات نووية قرب روسيا تعكس مدى تقلب مواقفه، وصعوبة التنبؤ بردود فعله، خاصة في الملفات المعقدة والحساسة، مثل الأزمة الأوكرانية أو الوضع في الشرق الأوسط.

واعتبر أن هذا النمط من السلوك السياسي يعكس الطابع الفردي والارتجالي أحيانًا في سياسات ترامب، خاصة حين يتعلق الأمر بإظهار الحزم.

عواقب مدمّرة

وأضاف أن ما يجري في أوكرانيا يعكس المنطق ذاته، إذ لا تزال الولايات المتحدة تقدّم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا للقوات الأوكرانية، بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي، في إشارة إلى عمق تأثير ما وصفه بـ"الدولة العميقة" في توجيه سياسات واشنطن، وتثبيت ثوابتها بغض النظر عن انتماء الحزب الحاكم، سواء كان جمهوريًا أم ديمقراطيًا.

وفي ما يتعلق باحتمالات اللجوء إلى استخدام السلاح النووي التكتيكي، قال بريجع: "لا أعتقد أن روسيا أو الولايات المتحدة ستسلكان هذا الطريق، فرغم وجود تصورات لاستخدام هذا النوع من الأسلحة في أوكرانيا كوسيلة لحسم الصراع، فإن العواقب ستكون مدمّرة، والخاسر لن يكون طرفًا واحدًا، بل الجميع".

وتابع: "أكاد أجزم بأن موسكو لا ترغب في الوصول إلى هذا الحد؛ لأنه ببساطة سيكون خطًا أحمر يصعب تجاوزه".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC