أعلنت الحكومة الإيرانية، اليوم الثلاثاء، تعطيل كافة الدوائر والمؤسسات الرسمية في عدد كبير من المحافظات يوم غدٍ الأربعاء، بسبب الموجة الحارة غير المسبوقة، وبلوغ مؤشرات الأشعة فوق البنفسجية مستويات "خطيرة جداً"، وفق تحذيرات صادرة عن وزارة الصحة، وهيئة الأرصاد الجوية.
ويشمل القرار محافظات: طهران، خراسان الشمالية، كرمان، مازندران، قم، هرمزغان، بوشهر، البرز، إيلام، جيلان، فارس، وخوزستان، فيما خُفّضت ساعات العمل في محافظات أخرى مثل: كرمانشاة، سمنان، كهكيلوية وبوير أحمد، وسيستان وبلوشستان؛ لتبدأ من 6 صباحاً وتنتهي عند 11 ظهراً.
وأكدت وزارة الصحة الإيرانية، في بيان رسمي، أن مؤشر الأشعة فوق البنفسجية في عدة محافظات بلغ 11 إلى 12، وهو تصنيف "خطر جداً" بحسب المعايير العالمية، ما يشكل تهديداً مباشراً للصحة العامة، خاصة على الجلد والعينين.
وحذّرت السلطات المواطنين من الخروج من منازلهم خلال ساعات الذروة (10 صباحاً – 2 ظهراً)، وأوصت باستخدام واقيات الشمس الحديثة، والنظارات الشمسية الواقية، وتجنب استخدام منتجات مجهولة المصدر قد تسبب آثاراً عكسية.
من جانبه، أوضح الدكتور علي كوراني، رئيس قسم الإشعاع في وزارة الصحة، أن ارتفاع المؤشر إلى هذه المستويات هو نتيجة مباشرة لتزايد درجات الحرارة وزيادة ساعات الإشعاع الشمسي، مشيراً إلى أن إيران تقع ضمن الحزام الجغرافي الأعلى تعرضاً للأشعة فوق البنفسجية عالمياً.
في السياق ذاته، أعلنت هيئة الأرصاد أن العاصمة طهران سجّلت درجة حرارة بلغت 40.8 مئوية، بينما تجاوزت في مناطق، مثل: بوشهر، إيلام، وخوزستان 45 درجة، في ظل أزمة كهرباء تتصاعد مع زيادة الاستهلاك، وانخفاض مستوى المياه في السدود.
وأشار محافظ طهران إلى أن نسبة امتلاء سدود العاصمة لا تتجاوز 14%، محذراً من أن استهلاك مياه الشرب يتجاوز خمسة أضعاف الموارد المتجددة في الإقليم، مما يهدد الأمن المائي في الأشهر المقبلة.
وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، تقرر استمرار تعطيل الدوائر الرسمية، باستثناء المرافق الصحية، وفرق الطوارئ، والدفاع المدني، والجهات الأمنية، وذلك حتى إشعار آخر.
وتصاعدت موجة من الغضب الشعبي في إيران بعد انقطاع الكهرباء والمياه بشكل متكرر في عدد من المدن، وسط درجات حرارة خانقة تجاوزت 40 درجة مئوية، مما دفع مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي إلى التعبير عن استيائهم الشديد، معتبرين أن الحياة باتت "لا تُطاق".
وشكا مواطنون من أضرار مادية لحقت بمنازلهم نتيجة انقطاع الكهرباء، حيث ذكر أحد المواطنين أن انقطاع التيار أدى إلى تعطل محرك جهاز التبريد (الكولر) الخاص به، بينما أفاد آخرون أن الخسائر طالت مصادر دخلهم ومعيشتهم.
صحف محلية بارزة ناقشت القضية في تقاريرها، حيث دعا الصحفي الاقتصادي محمد صادق جنان صفت، في مقال بجريدة "جهان صنعت"، إلى مراجعة سياسة الاكتفاء الذاتي في الإنتاج الزراعي، معتبراً أن استيراد بعض السلع كالقمح قد يخفف الضغط على الموارد المائية النادرة.
وأكد أن التمسك بسياسات قديمة قد يؤدي إلى استنزاف ما تبقى من المياه في البلاد.
وأضاف أن السلطات تطالب المواطنين بالاستهلاك الأقل، دون أن تدرك أن الزراعة والصناعة هما المستهلك الأكبر للمياه، معتبراً أن التحذيرات وحدها ليست كافية دون إصلاحات حقيقية في إدارة الموارد.
من جانبه، صرّح الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارة مفاجئة إلى منظمة حماية البيئة، بأن ما يحدث، اليوم، تحت شعار "التنمية" يتسبب بأزمات متفاقمة في مجالات المياه، الكهرباء، والطاقة، فضلاً عن تفاقم ظاهرة هبوط الأرض.
وأكد أن أي مشروع تنموي في الهضبة الوسطى يجب أن يُمنع ما لم تتوافر مصادر مائية كافية، مشيراً إلى ضرورة إيقاف إنشاء مزارع جديدة في المناطق العطشى.
وأمر بزشكيان جميع الأجهزة التنفيذية بالتنسيق الكامل مع منظمة حماية البيئة، وشدد على أن مؤسسات المياه، الكهرباء، والغاز يجب أن تمتنع عن تقديم خدمات للمخالفين الذين ينتهكون حرم البيئة.