وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
حسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أشهر، مصير المواقع التي احتلتها قواته بعد سقوط النظام السوري السابق، قائلاً "إسرائيل ستحتفظ بمواقعها في سوريا كإجراء دفاعي".
وأضاف خلال حفل تخريج عسكري: "لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق، ونطالب بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة، ودرعا، والسويداء".
وخلال الأشهر الماضية، سيطرت إسرائيل على مساحات واسعة من أراضي الجنوب السوري، وأقامت أكثر من 15 قاعدة مراقبة عسكرية، حتى باتت قواتها على بُعد أقل من 30 كيلومترًا من دمشق.
ورغم تأكيد الرئيس أحمد الشرع، مرارًا، أن سوريا لا تشكل خطرًا على أي من دول الجوار، ودعوته إسرائيل للانسحاب إلى خط اتفاق الهدنة الموقع العام 1974، إلا أن إسرائيل واصلت احتلالها للمزيد من الأراضي، إلى جانب تنفيذها غارات جوية متكررة استهدفت معظم المدن السورية.
ومؤخرًا، أقر الشرع بوجود اتصالات غير مباشرة مع إسرائيل تهدف إلى إنهاء التوترات، وتبديد المخاوف، كما أشارت تقارير إلى عقد لقاءات مباشرة بين الجانبين بالقرب من الخط الفاصل في مدينة القنيطرة.
إلا أن هذه الاتصالات لم تفضِ إلى انسحاب إسرائيلي من المواقع المحتلة، ما دفع المراقبين للتساؤل، هل يتم هذا الوجود الإسرائيلي بتفاهم غير معلن مع الإدارة السورية؟
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي مازن بلال أن الصمت الرسمي السوري حيال نقاط المراقبة الإسرائيلية داخل الأراضي السورية لا يعني بالضرورة وجود اتفاقات مسبقة مع تل أبيب.
وأضاف:"تحاول دمشق تفادي التصعيد في ظل اختلال موازين القوى عسكريًا، وسعيها للحصول على شرعية دولية و"رخصة" أمريكية عبر إظهار نوايا إيجابية تجاه السلام".
ويؤكد بلال أن الإدارة السورية تتبع نهجًا سياسيًا جديدًا، مضيفًا: "كان واضحًا من حديث الرئيس الانتقالي أحمد الشرع لصحيفة "The Jewish Journal" أن سياسة الحكومة لا تقوم على العداء لإسرائيل، وهو ما أصبح يتخذ طابعًا إستراتيجيًا الآن".
وتؤكد قرارات دولية حق سوريا في أراضيها المحتلة، أبرزها قرار مجلس الأمن رقم 494 الصادر العام 1981، والذي يرفض احتلال إسرائيل للجولان السوري.
كما وصفت قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF)، مؤخرًا، انتهاكات إسرائيل في الجنوب السوري بأنها "انتهاك صارخ" لاتفاقية وقف إطلاق النار.
ولكن الجيش الإسرائيلي يقول إن وجوده في جنوب سوريا يهدف إلى حماية سكان شمال إسرائيل من التهديدات.
ويرى المحلل السياسي عزام شعث أن تجارب الدول العربية مع سياسة التوسع الإسرائيلية يجب أن تشكل درسًا مهمًا للإدارة السورية الجديدة.
وأشار شعث إلى أن إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقات، وتتمسك دائمًا بسياسة قضم الأراضي، وفرض الأمر الواقع.
وأضاف شعث "ما تعتبره الإدارة السورية الجديدة احتواءً للاعتداءات الإسرائيلية وتبريدًا للجبهة قد يتحول إلى خطأ إستراتيجي تظهر آثاره لاحقًا، خاصة إذا وافقت دمشق على شروط إسرائيل المتعلقة بنزع السلاح في الجنوب، والإبقاء على النقاط العسكرية التي تسيطر عليها تل أبيب بالقرب من العاصمة".
ويرى المحلل السياسي أن دمشق تساهلت كثيرًا مع الانتهاكات الإسرائيلية بسبب عجزها العسكري عن الرد، بعد تدمير قدرات الجيش السابق، مشيرًا إلى أن الشرع لبّى معظم مطالب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في محاولة لرفع العقوبات، ودعم مرحلة إعادة الإعمار.
وأكد شعث أن "الاحتلال الإسرائيلي للجنوب السوري قد يتحول إلى واقع دائم يصعب تغييره لاحقًا، وما حدث مع الفلسطينيين في اتفاقاتهم مع إسرائيل يُعدّ دليلًا واضحًا على ذلك، لهذا، يجب على سوريا الاستفادة من التجربة، وتفادي الوقوع في الفخ ذاته" بحسب قوله.
وتبدو الإدارة السورية وكأنها تسير على حبل مشدود، فهي غير قادرة على خوض مواجهة بسبب ضعف الإمكانات، كما لا تريد التفريط بالمكاسب الدبلوماسية الغربية والأمريكية التي تحققت بعد إعلان رفع العقوبات، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع التخلي عن أراضيها المحتلة، والتي تزداد مساحتها مع كل تقدم إسرائيلي جديد.