رأى خبراء استراتيجيون ومختصون في الشؤون الإسرائيلية أن "استحالة" خروج إسرائيل من الجولان أو حدوث أي تغيّر في وضع الهضبة المحتلة منذ عام 1967، تبقى مرادفاً واقعياً، حتى في حال تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل وتوقيع اتفاق سلام بين الطرفين.
واستبعدوا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن تقدم تل أبيب أي ثمن سياسي أو مقابل لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع سوريا، مشيرين إلى أن أي اتفاق محتمل بين القادة الجدد في دمشق والإسرائيليين لن يكون سياسيًا، ولن تحصل سوريا بموجبه على أي حقوق، كما أن إسرائيل لن تنسحب حتى من محيط درعا والمناطق التي احتلتها مؤخرًا.
وأكدوا أن أي توجه نحو وضع يمس الوجود الإسرائيلي في هضبة الجولان مع السلطات الجديدة في دمشق لا يتناسب مع الواقع الحالي.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ما قاله وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، عقب محادثات مع مسؤولين سوريين، إن قادة دمشق الجدد يرغبون في السلام مع إسرائيل، وقد وعدوا بالعمل من أجل بناء مجتمع تعددي.
وأضاف روبيو، عقب لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني، أن "القيادة السورية أعربت عن اهتمامها بالسلام مع جميع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل".
ويؤكد الخبير الاستراتيجي الدكتور محمد يوسف النور، أن خروج إسرائيل من الجولان مستحيل، حتى في حال توقيع معاهدة سلام مع دمشق، أو تقديم تنازلات ولو شكلية بشأن الهضبة المحتلة، معتبراً أن أي تغيير في هذا السياق لا يمكن أن يمثل رصيدًا سياسيًا، أو رصيدًا "شعبيًا بطوليًا" للرئيس الشرع.
وأوضح النور، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك تسارعًا في الترتيبات نحو التطبيع بين النظام السوري الجديد وإسرائيل، في ضوء الأسس التي وضعتها واشنطن للاعتراف بالرئيس الشرع وتحقيق تعاون مفيد، وهو ما يتطلب الدخول في عملية سلام مع تل أبيب.
وأشار النور إلى أن هذه الترتيبات، التي تهدف إلى إزالة العديد من العراقيل أمام السلطة الجديدة في دمشق، جاءت بعد لقاءات سابقة جمعت الرئيس الشرع مع موفدين أمريكيين وغربيين، تم فيها التشديد على أن السلام مع إسرائيل يمثل أحد شروط القبول بالنظام الجديد.
ولفت النور إلى أن تسارع التصريحات السورية بشأن الاستعداد لتحقيق سلام شامل لا يتعلق فقط بالعلاقات مع الدول العربية، بل يمتد ليشمل إسرائيل، مشيرًا إلى وجود شروط واضحة من تل أبيب بهذا الخصوص.
وبيّن أن الجولان لم يعد، بالنسبة لإسرائيل، مجرد موقع دفاعي كما كانت تبرر خلال العقود الماضية، بل تحوّلت إلى تحصينه وتعزيز وجودها فيه، وانطلقت بقواتها إلى عمق الأراضي السورية، مدمّرة أجزاء كبيرة من البنى التحتية، حتى باتت تمتلك إشرافًا ناريًا مباشراً على دمشق وجنوب لبنان، وترصد التحركات في نصف الجنوب اللبناني.
من جهته، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور نزار نزال، أن القيادة الجديدة في سوريا لا تملك رؤية واضحة، وإن امتلكت فهي مبهمة، وتبحث فقط عن وقف التمدد الإسرائيلي نحو دمشق، وبالتالي فإن أي تطبيع محتمل لن يُترجم إلى اتفاق سياسي حقيقي.
وأضاف نزال، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن أي اتفاق بين الطرفين لن يمنح سوريا أي حقوق، ولن تنسحب إسرائيل حتى من محيط درعا والمناطق التي احتلتها مؤخرًا، بصرف النظر عن مستقبل الجولان.
وأشار إلى أن هضبة الجولان، التي تبلغ مساحتها 1650 كيلومترًا مربعًا، احتلت إسرائيل منها 1150 كيلومترًا عام 1967، وبعد انهيار النظام السابق في دمشق، تمددت تل أبيب أكثر وسيطرت على مساحات واسعة، ولن تنسحب منها أو من الجولان، ولن تفكك قواعدها في الجنوب السوري.
واعتبر نزال أن الحديث عن أي تغيّر في وضع الجولان أو تقليص الوجود الإسرائيلي هناك هو حديث عن "مصطلحات غير واقعية"، مؤكدًا أنه من غير المتوقع أن تقدم إسرائيل أي ثمن سياسي مقابل علاقات دبلوماسية كاملة.