كشف تقرير لصحيفة "المونيتور"، أن إيران ستنهي 2025 بالأزمات نفسها التي بدأت بها العام، مؤكدا أن طهران لا تزال تحت ضغط إقليمي متزايد، وتعيش حالة من عدم اليقين الاستراتيجي، وأزمة اقتصادية حادة.
وقال التقرير إن إيران، تكافح من أجل إظهار قوتها في الخارج مع احتواء نقاط ضعفها في الداخل، مشيرا إلى أن التحدي الأكثر أهمية يكمن في المواجهة المتنامية مع إسرائيل التي أوصلت إيران مراراً وتكراراً إلى حافة الانهيار في عام 2025.
تقرير المونيتور، تطرق إلى تصاعد التكهنات بشأن تجدد المواجهة بين إسرائيل وإيران في الأسابيع الأخيرة من عام 2025، قائلا إن طهران أجرت مناورة صاروخية على مستوى البلاد في 22 ديسمبر، وهو ما أكدته لقطات من مواقع متعددة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تصدر محطة التلفزيون الحكومية بيانات تنفي ذلك دون تقديم تفسير.
وأشار إلى أن هذه الحادثة عكست نمطاً أوسع نطاقاً هذا العام، عنوانه الأبرز تصاعد الاستعداد العسكري والغموض الاستراتيجي، ففي الوقت الذي تصاعدت فيه حدة الخطاب الإسرائيلي تجاه إيران بشكل مطرد، ظلت وسائل الإعلام الإيرانية تكرر علنا استعداد إيران لردع أو استيعاب أي ضربة مباشرة.
حالة الحرب الكلامية، تأتي في وقت تشير فيه التقارير على نطاق واسع إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُعدّ خططاً جديدة بشأن إيران لعرضها على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماعهما المرتقب.
وأوضح التقرير الأمريكي، نقلا عن أكسيوس، أن مسؤولين إسرائيليين حذروا واشنطن من أن المناورات الإيرانية الأخيرة قد تكون غطاءً لهجوم على إسرائيل. ورغم رفض طهران لهذا الاحتمال، فقد أُطلق على أحدث المناورات العسكرية الإيرانية التي جرت يومي 25 و26 ديسمبر اسم "نحو القدس".
وأكد المسؤولون الإيرانيون مجدداً أن برنامج الصواريخ لا يزال دفاعياً بحتاً وغير قابل للتفاوض. ومع ذلك، فإن زيارات كبار القادة، بما في ذلك تفقد رئيس الأركان اللواء أمير حاتمي للوحدات الغربية، وتأكيده على ضرورة الاستعداد لمواجهة "الأعمال العدائية"، تؤكد مدى جدية تعامل طهران مع بيئة التهديدات، وفقا لـ"المونيتور".
وكانت حرب الـ 12 يوما، قد ألحقت خسائر فادحة بمراكز إنتاج الصواريخ الإيرانية، لكن القوات الإيرانية ركزت بعدها على إعادة الإعمار استعداداً لصراع متجدد، حيث لم يعد التصعيد "مجرد فرضية".
وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، خلال اجتماع مع قادة اقتصاديين في مدينة أصفهان في 25 ديسمبر/كانون الأول، إنه يستبعد احتمال نشوب حرب وشيكة، قائلا: "من غير المرجح أن يكرر العدو خطأه"، مستنداً في حجته إلى أن إسرائيل "شهدت قدراتنا" خلال الصراع الذي استمر 12 يوما في يونيو الماضي.
على المستوى الإقليمي، يؤكد "المونيتور"، أن موقف إيران الإقليمي بات أكثر تقييداً. ففي سوريا، تراجع نفوذها مع إعادة روسيا ترتيب أولوياتها. كما أن احتمال انخراط إسرائيل مع القيادة الجديدة يزيد من تعقيد المشهد بالنسبة للجمهورية الإسلامية، التي فقدت حرية المناورة في بلد كانت تستخدمه بثقة كممر لوجستي لإمداد حليفها الإقليمي الرئيس، حزب الله في لبنان.
في لبنان، تواجه إيران بيئة سياسية أكثر حزماً، حيث تعالج الحكومة الجديدة مسألة تسليح حزب الله واستقلاليته، مما يقلل بشكل كبير من نفوذ طهران.
في وقت سابق من هذا العام، واصلت إيران تطوير برنامجها النووي، متجنبةً الوصول إلى مرحلة اختراق علنية، مع تحسين قدراتها التقنية بشكل مطرد، في نهجٍ كانت طهران تأمل أن يحافظ على الضغط الدبلوماسي مرتفعاً دون إثارة ضربة استباقية إسرائيلية. إلا أن هذه الاستراتيجية باءت بالفشل بعد الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على منشآتها النووية الرئيسة في يونيو/حزيران.
وبحسب "المونيتور"، فإنه مع نهاية العام، ظلّت الدبلوماسية النووية متعثرة في مأزق متفاقم مع الولايات المتحدة. ولم تُظهر جولات المحادثات الخمس التي تعطلت بسبب الحرب أي بوادر على استئنافها. وفي أواخر ديسمبر، انتقدت السلطات الإيرانية التزام نظيرتها الأمريكية المعلن بالمفاوضات، زاعمةً أن واشنطن تسعى إلى "خداع العالم".
على المستوى الداخلي، تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب أزمة الطاقة المستفحلة، فقد أدت الاختلالات الحادة في إمدادات الكهرباء والغاز والوقود إلى تعطيل الصناعة والحياة اليومية، بينما تسبب تلوث الهواء المتزايد في اختناق المدن الكبرى.
وقد أثرت هذه الضغوط بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض التي كانت تعاني أصلاً من ضغوط التضخم.
وفي تصريحاته الأخيرة، رسم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان صورة قاتمة، معلناً أن حكومته قد تضطر إلى إعادة فرض انقطاعات التيار الكهربائي في منتصف فصل الشتاء.
ويقول التقرير إن إيران تحدق بها مخاطر الاضطرابات بسبب المظالم التي لم يتم حلها بين النساء والمجتمع المدني، فضلا عن الصعوبات الاقتصادية المستمرة، وهي عوامل تُبقي احتمالية حدوث اضطرابات قائمة.
وفي ظل هذه الظروف، تدخل إيران العام الجديد وهي تواجه ضغوطاً مزدوجة. فمن الخارج، لا تزال قدراتها الردعية متضررة بشدة. أما من الداخل، فإن الإرهاق الاقتصادي والتوترات الاجتماعية والفساد وفشل الحوكمة تحدّ من قدرتها على الصمود.
في غياب تخفيف فعّال للعقوبات أو انفراجة دبلوماسية، يبدو أن طهران تتجه نحو إدارة أزمة مستمرة بدلاً من التعافي. لقد نجا النظام من أوضاع أسوأ، لكن بثمن باهظ تمثل في تزايد الضعف وشعور الشعب بأنه لم يعد لديه ما يخسره.
ووفق "المونيتور"، فقد يتمثل التحدي الرئيس الذي يواجه إيران في عام 2026 في إحباط الضربة الإسرائيلية القادمة أو فرض المزيد من العقوبات الغربية. ومع ذلك، فإن التآكل التدريجي للثقة في الداخل قد لا تثنيه الدبلوماسية النووية أو المناورات الصاروخية.