مع تصاعد الحديث عن تعثر المفاوضات مع السلطات الجديدة في سوريا، بشأن الاحتفاظ بقواعدها العسكرية في طرطوس، واللاذقية، تستعد روسيا لجولة دبلوماسية في أفريقيا بحثًا عن بدائل للقواعد التي قد تخسرها، خاصة مع تعزيز نفوذها في القارة السمراء.
ونجحت روسيا، خلال الأشهر الماضية، في إقامة تحالفات متينة مع دول مثل غينيا الاستوائية، مالي، النيجر، بوركينا فاسو، وجمهورية أفريقيا الوسطى، ما جعلها تشكل تحديًا أمام القوى الغربية التي فقدت نفوذها في تلك الدول.
وبعد انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أصبحت روسيا أمام معادلة صعبة لتعزيز حضورها على الساحة الدولية، وخاصة في إفريقيا.
ويأتي هذا التطور في وقت أرسلت فيه روسيا عناصر من مجموعة فاغنر شبه العسكرية إلى دول مثل مالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وغينيا الاستوائية، حيث تواجه هذه الدول اضطرابات أمنية واسعة بسبب حركات التمرد وأنشطة الجماعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة وتنظيم "داعش".
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد الحاج عثمان، إن "روسيا تواجه موقفًا صعبًا، خاصة على مستوى صورتها لدى الأفارقة، إذ إن الهزيمة في سوريا قد تؤدي إلى تراجع ثقة القادة الأفارقة في الرئيس فلاديمير بوتين".
وأضاف الحاج عثمان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "هناك معطى آخر مهماً، وهو أن الأسطول الحربي الروسي لم يعد من السهل مروره إلى أفريقيا، لذلك من المرتقب أن يقوم الرئيس بوتين بجولة في الدول الإفريقية، أولًا لطمأنة قادتها، وثانيًا لتأمين قواعد عسكرية جديدة، ربما تكون في ليبيا أو دول قريبة منها، لتعزيز الانفتاح على منطقة الساحل الإفريقي".
وشدد على أن "بوتين بحاجة إلى إيجاد موطئ قدم عسكري جديد، لأن الأولوية اليوم في أفريقيا هي للأمن والدعم العسكري، رغم استمرار المشكلات الاقتصادية في القارة".
وتوظف روسيا قاعدتي حميميم وطرطوس في سوريا، لإرسال جنود ومعدات عسكرية متطورة إلى دول مثل النيجر، وبوركينا فاسو، ومالي، التي باتت حليفة لها؛ وتتمتع هاتان القاعدتان بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
من جانبه، قال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، إن "روسيا ستواجه صعوبات كبيرة بسبب خسارتها المفترضة لقاعدتي حميميم وطرطوس، خاصة أن أي محاولة لإنشاء قواعد عسكرية بهذا الحجم في إفريقيا ستقابل برد فعل قوي من القوى الغربية، التي قد تسعى إلى تضييق الخناق على حلفاء موسكو الأفارقة".
وبيّن إدريس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "العقوبات على الحكومات الإفريقية الحليفة لروسيا قد تكون إحدى الأدوات القوية التي قد تستخدمها القوى الغربية لمنع موسكو من إنشاء قواعد جديدة في القارة".