عززت روسيا، عبر اتفاقية تعاون عسكري مع توغو، موطئ قدمها في خليج غينيا، تشمل استخدام الموانئ المشتركة، وتدريب الجنود، وإجراء مناورات مشتركة.
وجاء ذلك بموجب اتفاقية التعاون بين البلدين، التي صُدّق عليها خلال زيارة الرئيس التوغولي فوري غناسينغبي إلى موسكو، قبل أيام.
واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره التوغولي في الكرملين، حيث تم الإعلان عن إعادة فتح السفارتين في لومي وموسكو، المغلقتين، منذ عامي 1992 و1999، على التوالي.
كما ناقشا شراكتهما في مجالات التجارة والطاقة والزراعة، إلا أنهما عزّزا علاقتهما، بشكل رئيس، في المجال العسكري.
وصادق بوتين وغناسينغبي على اتفاقية ثنائية جديدة في هذا الشأن، أُعلن عنها في الربيع الماضي، وصادق عليها مجلس الدوما، البرلمان الروسي، في 25 أكتوبر/تشرين الأول.
وتشير هذه الاتفاقية، التي تنص على تدريب جنود توغو على يد مدربين روس، بالإضافة إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة، إلى أن البلدين سيتمكنان من استخدام موانئهما البحرية.
وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، تُعد هذه ميزة كبيرة لروسيا، التي تكتسب بذلك موطئ قدم جديد في خليج غينيا، حيث يمكن لسفنها الحربية وطائراتها العسكرية، الآن، زيارة موانئها، وبالتالي تمركزها عند تقاطع الطرق البحرية الرئيسة التي تربط أفريقيا وأوروبا والأمريكتين.
وأشار النائب المؤيد للكرملين، أليكسي تشيبا، إلى أن الوجود العسكري الروسي في أفريقيا يعكس "إرادة الدول الأفريقية في معارضة الممارسات الاستعمارية الجديدة للغرب".
وأكد أنه بالإضافة إلى الجانب العسكري، فإن أهمية للتعاون في الجانب التجاري، وهو ما يفسر "الزيادة الكبيرة في حجم العلاقات التجارية والاقتصادية والسلاسل اللوجستية مع دول منطقة الساحل وفي مختلف أنحاء غرب أفريقيا".
وبفضل شراكاتها العسكرية والاقتصادية القوية مع مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بقيادة المجالس التي شكلت تحالف دول الساحل في العام 2023، تسعى روسيا، الآن، إلى توسيع نفوذها نحو دول الساحل في غرب أفريقيا وخليج غينيا، الذي أصبح محوراً جديداً لطموحاتها البحرية.
ويعد توسيع دائرة الشركاء الأفارقة، واكتساب أسواق جديدة، وفتح مراكز النقل والخدمات اللوجستية، أهدافاً معلنة للسلطات الروسية، الملتزمة "بإعادة توجيه تدفقات النقل والخدمات اللوجستية نحو دول الجنوب، بما في ذلك أفريقيا".
وتهدف روسيا إلى فتح طرق بحرية منتظمة، وربط ممرات النقل بين الشمال والجنوب والقارة الأفريقية، وفقًا لتصريحات بوتين خلال القمة الروسية الأفريقية الثانية في سانت بطرسبرغ في يوليو 2023.
وبعد نجاح الاتفاقية مع توغو، يجري الحديث، حاليًا، عن توقيع اتفاقية مماثلة مع بنين، حيث صرح السفير الروسي في كوتونو، إيغور إيفدوكيموف، "يجري، حاليًا، وضع اللمسات الأخيرة على توقيع اتفاقية حكومية دولية تتعلق بإجراءات مُبسطة لدخول السفن الحربية الروسية إلى موانئ جمهورية بنين"، مُرحبًا في الوقت نفسه بتعزيز الوجود الإستراتيجي الروسي في خليج غينيا.
ومنذ أواخر العام 2024، أرسلت موسكو حوالي 200 مدرب من فيلق أفريقيا، وهو وحدتها العسكرية المخصصة للقارة، ليحل محل مجموعة "فاغنر" في غينيا الاستوائية.
ويثير هذا التحرك قلق القوى الغربية، خاصة فرنسا، التي فقدت، في السنوات الأخيرة، جزءًا من نفوذها التقليدي في إفريقيا الناطقة بالفرنسية.
بالنسبة للقادة الفرنسيين، لا بد أن طعم هذه الاتفاقية العسكرية الروسية التوغولية أكثر مرارةً، لا سيما أن الرئيس إيمانويل ماكرون، استقبل غناسينغبي في قصر الإليزيه في 30 أكتوبر/تشرين الأول، لمناقشة تعزيز العلاقات بينهما.
من جانبها، تؤكد السلطات التوغولية سيادتها وعزمها على تنويع شراكاتها دون الاضطرار إلى الانحياز لأي طرف.
وقال أحد المقربين من الرئيس غناسينغبي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "إن المخاوف الغربية والفرنسية بشأن هذه الاتفاقية لا أساس لها. لن يكون ميناء لومي مركزًا روسيًا، بل بنية تحتية لوجستية وتجارية مفتوحة لجميع شركائنا. لا نرى كيف سيضر التقارب مع روسيا بالآخرين".
وتولى غناسينغبي رئاسة توغو منذ العام 2005، خلفًا لوالده، غناسينغبي إياديما (1967-2005)، الشخصية المحورية في فرنسا وأفريقيا، وعزز سلطته من خلال دستور جديد دخل حيز التنفيذ، في مايو/1أيار 2024، ليصبح بذلك الرئيس الجديد للمجلس التوغولي.
وقُتل ما لا يقل عن 7 أشخاص في لومي أواخر يونيو/حزيران 2025، خلال احتجاجات ضد هذا الإصلاح الدستوري، الذي يمنحه سلطات غير محدودة.
وسعيًا منها للتقرّب من الجميع، وحرصها على الوساطة في مختلف الأزمات، أبدت توغو دائمًا تقاربًا واضحًا مع المجالس العسكرية في منطقة الساحل.
وفي مارس/أذار، أشار روبرت دوسي، وزير خارجية توغو، إلى أن بلاده "تدرس الانضمام إلى كونفدرالية الساحل وهو قرار استراتيجي من شأنه تعزيز التعاون الإقليمي، وتوفير الوصول إلى البحر للدول الأعضاء".