قال تقرير لمجلة "فورين أفيرز"، إن الاتحاد الأوروبي، الذي نادراً ما لعب أكثر من دور مساعد في مساعي حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بحاجة إلى خطة أكثر حزمًا، رغم حضوره المتعدد الأوجه في الشرق الأوسط.
وذكر التقرير أن الحكومات الأوروبية باتت ترى أن تحقيق حل الدولتين شبه مستحيل، ولا يستحق استثمار الوقت والجهد، فيما بدا لكثير من الأوروبيين أن دعم الوضع القائم في إسرائيل، مع توجيه إدانات خطابية لبعض ممارساتها، أمرٌ ممكن.
وأشار إلى أن تجاهل أوروبا وبقية العالم لتطورات النزاع جعل تكاليف الفشل في تأمين سلام دائم، يُمنَح فيه كل من الإسرائيليين والفلسطينيين حق تقرير المصير، باهظة.
وبحسب التقرير، لطالما اعتمد الأوروبيون على القيادة الأمريكية في التعامل مع الصراع، وهو موقف بات غير مسؤول في الوقت الراهن، إذ يشعر كثيرون في أوروبا بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يستطيع، ولا يرغب، في أداء دور الوسيط الفعّال.
وأضافت المجلة أن لأوروبا دورًا فريدًا، بغض النظر عن موقف الولايات المتحدة، خاصة أن التجربة الأوروبية علمت الأوروبيين أن الصورة النمطية التي يسعى الساسة لرسمها عن "الآخر" لا تعكس واقع الشعوب، التي غالبًا ما ترغب في التعايش بسلام رغم الظروف التي تُمكّن المتطرفين أحيانًا من فرض سيطرتهم.
وأشارت المجلة إلى أن الاتحاد الأوروبي لجأ، منذ أحداث 7 أكتوبر، إلى أدواته التقليدية في المنطقة، بدءًا من الدعم الاقتصادي إلى الخطاب المعياري، لكن بحذر وبشكل غير متسق، فقد زاد من مساعداته لغزة بشكل ملحوظ، متعهدًا بتقديم نحو 125 مليون دولار خلال عام 2024، عبر منظمات مثل الأونروا والهلال الأحمر، دون ضمانات كافية لوصول تلك المساعدات إلى أهدافها.
وأكد التقرير أن الاتحاد الأوروبي، ككتلة موحدة، وليس فقط عبر الدول الأعضاء منفردة، بحاجة إلى تجاوز الإفراط في الحذر، وأن يتبنى نهجًا أكثر جرأة وفاعلية.
لكن المجلة لفتت إلى أن الانقسامات الداخلية بين الدول الأعضاء قوّضت فعالية الاتحاد؛ إذ أيّد بعض القادة الأوروبيين تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية، في حين رفضت دول مثل ألمانيا والنمسا تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة بحق مسؤولين إسرائيليين.
وأضافت أن غياب التوافق داخل الاتحاد الأوروبي، بدءًا من ألمانيا والمجر، حال دون مراجعة الاتفاقيات التجارية مع إسرائيل، رغم أن الاتحاد يُعد الشريك التجاري الأكبر لها، ما جعله مهمّشًا، ومنقسمًا داخليًا، ومستبعدًا من دبلوماسية وقف إطلاق النار التي تقودها الولايات المتحدة وقوى إقليمية.
وأكد التقرير أن لدى الاتحاد الأوروبي خبرة طويلة في دعم التسويات السلمية بين أطراف متنازعة، استنادًا إلى فلسفة الاعتراف المتبادل ونبذ الهيمنة، ما يمنحه مؤهلات فريدة لأداء دور أكبر.
ورغم امتلاكه الأدوات العملية والنفوذ اللازمين للعب دور أكثر مركزية في عملية السلام بالشرق الأوسط، لم يفعّل الاتحاد هذا الدور بالشكل المطلوب حتى الآن.
وقالت المجلة إن أوروبا تعلمت من الحروب أن العلاقات الدولية ليست لعبة محصلتها صفر، لكنها فشلت طويلاً في تطبيق هذا الدرس في وجه القوى المُعرقلة لعملية السلام في المنطقة.
كما أشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي أدرج حركتي حماس والجهاد الإسلامي وفصائل أخرى ضمن قوائم الإرهاب منذ أكثر من 20 عامًا، لكنه لم يتخذ إجراءات مماثلة بحق المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين.
وخَلُصت المجلة إلى أن الضغط غير المتوازن يُعزز موقف المعرقلين على جانبي الصراع، داعيةً الاتحاد الأوروبي إلى الاضطلاع بدور أكثر فاعلية وجدية، حتى لا يبقى كما كان لسنوات طويلة على هامش القضايا المفصلية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.