في ختام قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في لاهاي، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة مباشرة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، دعاه فيها إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وأكد ترامب أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "يريد السلام" رغم الخلافات الشخصية بينه وبين الإدارة الأمريكية.
تصريحات ترامب جاءت في توقيت لافت، وسط توافق داخل الناتو على رفع الإنفاق الدفاعي الجماعي ليصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، ما يعكس تصعيدًا سياسيًّا وعسكريًّا يضع روسيا في مواجهة غير مباشرة مع أكبر تحالف عسكري في العالم.
وبينما قال ترامب إنه سيبحث مع بوتين سبل إنهاء الحرب، فقد لوح بإمكانية تزويد كييف بمنظومات "باتريوت" المتطورة، ما يوحي بأن "دعوة السلام" تأتي مصحوبة بتهديد ضمني، بالعودة إلى خطاب "سلام القوة" الذي يستند إليه من خلال الضغوط الاقتصادية والتهديد العسكري دون التورط المباشر في الحروب.
ويسعى ترامب إلى استخدام أدوات الضغط الاقتصادي لإجبار روسيا على إنهاء حربها في أوكرانيا، وذلك تفاديًا لأي صدام مباشر قد يفضي إلى حرب عالمية.
المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأمريكية، الدكتور توفيق حميد، قال إن سياسة القوة عادت لتتصدر المشهد مجددًا في الولايات المتحدة ولا سيما في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وأشار إلى أن هذا النهج برز بوضوح خلال التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، حيث سارعت واشنطن إلى التدخل وأسهمت في إنهاء الحرب.
وذكر حميد، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هذا التوجه تتبناه تيارات المحافظين الجدد في أمريكا ويشاركه فيه ترامب، الذي يعول على فرض الهيبة الأمريكية من خلال أدوات الضغط المتنوعة.
وأضاف المحلل السياسي أن فرض السلام بالقوة على روسيا في حربها ضد أوكرانيا لن يكون عبر التدخل العسكري، بل من خلال الوسائل الاقتصادية، وعلى رأسها العقوبات المشددة والضغوط التي تستهدف البنية الاقتصادية الروسية.
ولفت إلى أن موسكو باعتبارها دولة نووية كبرى تمتلك أسلحة متطورة وصواريخ عابرة للقارات، تجعل أي مواجهة عسكرية مباشرة محفوفة بمخاطر جسيمة.
وأكد الخبير في الشؤون الأمريكية أن ترامب رغم ميله إلى الحسم إلا أنه لن يلوح باستخدام القوة العسكرية ضد روسيا؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى إشعال حرب عالمية ثالثة ستكون كارثية ليس فقط على أمريكا وروسيا، بل على العالم أجمع.
وشدد حميد على أن منطق القوة وفقًا لرؤية ترامب يتمثل في توظيف الأدوات الاقتصادية للضغط على موسكو ودفعها إلى وقف الحرب بدلًا من الدخول في مواجهة مسلحة.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، إن مبدأ "سلام القوة" قد يعود إلى واجهة السياسة الأمريكية مع الرئيس دونالد ترامب، مؤكدًا في الوقت ذاته أن روسيا ليست كإيران أو سوريا، ولا يمكن فرض السلام عليها من منطلق التهديد.
وأشار البني في تصريحات، لـ"إرم نيوز"، إلى أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جاءت ردًّا على "تهديدات خطيرة" للأمن القومي الروسي، وأن روسيا لا تقبل بسياسة الضغوط أو الابتزاز وأن أي محاولة للضغط ستقابل برد مماثل.
وأضاف البني أن موسكو لن تتردد في الرد على التهديدات الغربية، سواء كانت سياسية أو عسكرية من خلال تجارب صاروخية جديدة، على غرار تجربة صاروخ "أورشنيك" الأخيرة، بالإضافة إلى أسلحة يصعب على أنظمة الدفاع الغربية اعتراضها، مشددا على أن ترامب ومن خلفه القوى الغربية لن ينجحوا في فرض إرادتهم على روسيا.
وأكد البني أن المصالح الاستراتيجية الروسية تتركز في منع توسع حلف الناتو نحو حدودها، وهو المبدأ الذي انطلقت منه العملية العسكرية منذ اليوم الأول.
وأشار إلى تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عندما قال: "ما فائدة عالم لا تكون روسيا جزءا منه؟"، معتبرًا أن هذا التصريح يُعد رسالة صريحة بأن موسكو مستعدة لاستخدام كل ما تملكه من قوة في حال تعرض وجودها القومي للتهديد.