logo
العالم

"الناتو" يسلح جبهته الشرقية.. هل اقترب الصدام مع روسيا؟

"الناتو" يسلح جبهته الشرقية.. هل اقترب الصدام مع روسيا؟
اجتماع قادة دول حلف شمال الأطلسي الأخير في لاهايالمصدر: (أ ف ب)
27 يونيو 2025، 1:06 م

أجمع قادة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، على تصعيد مستويات الإنفاق العسكري وتوسيع مظلة الدفاع الجماعي، في مشهد يظهر أن القارة العجوز بدأت في ترتيب أولوياتها الأمنية تحت وطأة شبح التهديد الروسي، وفي ظل ضغوط أمريكية متزايدة لتقاسم أعباء الحماية الغربية.

وأكد البيان الختامي لقمة الناتو التزام الحلفاء برفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي، في تحول يعكس شعورًا أوروبيًّا عامًّا بأن الردع لم يعد خيارًا، بل ضرورة، خاصة مع اندفاع دول مثل بولندا ودول البلطيق إلى مضاعفة استثماراتها العسكرية.

وتبنّى الحلف خطوات عملية لتعزيز الوجود العسكري على الجبهة الشرقية، خصوصًا في رومانيا والمجر، إلى جانب مراجعة منظومة الردع النووي، ونشر أسلحة أمريكية متطورة داخل القارة.

وشهدت القمة الاتفاق على نشر قوات إضافية في دول مثل رومانيا والمجر، وتنفيذ تدريبات مكثفة قرب الحدود الروسية، إلى جانب تأكيد الدعم العسكري والسياسي المستمر لأوكرانيا مع إبقاء باب العضوية مفتوحًا أمامها.

وبينما تتزايد المؤشرات على تحوّل استراتيجي أوروبي، يبقى السؤال مطروحًا: هل تمضي القارة نحو خط المواجهة المفتوحة، أم تكتفي بترسيخ خط ردع صلب يمنع اندلاع الحرب؟

وأكد الخبراء أن الارتفاع الملحوظ في الإنفاق الدفاعي الأوروبي يعكس تحوّلًا استراتيجيًّا في أولويات القارة، في ظل تراجع الاعتماد على المظلة الأمريكية داخل حلف الناتو.

وأوضح الخبراء في تصريحات، لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن بقيادة ترامب دفعت الحلفاء الأوروبيين إلى تحمّل مسؤولياتهم الدفاعية، وفي الوقت نفسه دفعت الحرب الأوكرانية الدول الكبرى، كألمانيا، إلى إعادة تسليح جيوشها وتعزيز جاهزيتها، وسط إدراك بأن الصراع مع روسيا لن يظل بعيدًا عن حدودها.

وأضاف الخبراء أن القارة العجوز باتت تُدرك هشاشتها العسكرية مقارنة بآلة الحرب الروسية، في ظل شيخوخة سكانها وفقدانها للطاقات البشرية اللازمة لأي تعبئة تقليدية واسعة.

ورغم استبعادهم لسيناريو المواجهة المباشرة مع موسكو في الوقت الراهن، إلا أن الدعم العسكري لأوكرانيا لا يهدف فقط لإضعاف روسيا، بل لتأجيل مواجهة قد تبدو حتمية ما لم يتم فرض حل سياسي ينهي الحرب.

وقال العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، إن تصاعد وتيرة الإنفاق العسكري الأوروبي يعود إلى سببين رئيسيين: أولهما أن الولايات المتحدة كانت لعقود المساهم الأكبر في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وكانت أوروبا تعتمد عليها فعليًّا في فترات سابقة. أما اليوم، وبعد تفوق واشنطن العسكري والتكنولوجي، فقد تراجعت حاجتها إليه.

وأضاف زهوي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سبق أن طالب الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو بزيادة إنفاقها الدفاعي لتخفيف العبء المالي عن الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة.

وأوضح الخبير العسكري أن بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، كانت بعيدة عن الإطار العسكري لفترة طويلة؛ بسبب القيود المفروضة عليها عقب الحرب العالمية الثانية، إلا أن التهديد الروسي المتصاعد جراء الحرب في أوكرانيا دفع هذه الدول إلى إعادة تسليح نفسها ورفع ميزانياتها الدفاعية.

واستبعد زهوي احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين أوروبا وروسيا في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن ما يجري في أوكرانيا هو "حرب بالوكالة" تخوضها كييف بدعم من دول الناتو، بهدف استنزاف روسيا وإضعاف قدراتها الدفاعية والعسكرية.

وأشار إلى أن الدعم الأوروبي لأوكرانيا ماليًّا وعسكريًّا يهدف إلى تحقيق مكاسب ميدانية لا تستطيع أوروبا تحقيقها في مواجهة مباشرة مع موسكو، واصفًا الضربات التي استهدفت العمق الروسي، خاصة في المناطق الاستراتيجية، بأنها "حرب غير تقليدية".

وأكد العميد نضال زهوي أن أغلب الدول الأوروبية تعاني من شيخوخة سكانية ونقص في الطاقات البشرية، ما يصعّب عليها خوض حروب تقليدية تتطلب تعبئة بشرية واسعة، على عكس بعض الدول الآسيوية.

وشدد الخبير العسكري على أن المواجهة المباشرة بين أوروبا وروسيا لا تزال مستبعدة، في ظل محاولات أمريكية لفرض شروط على طرفي النزاع تفضي إلى حل سياسي للحرب الدائرة في أوكرانيا.

من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن روسيا تُشكّل مصدر قلق كبير لأوروبا، في ظل استمرارها في الحرب على أوكرانيا ورفضها الدخول في مفاوضات لإنهاء احتلالها لأراضيها.

وأضاف كابان، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن موسكو تبدو وكأنها تتبع استراتيجية لتعويض خسائرها الاقتصادية عبر التصعيد مع أوروبا، مشيرًا إلى أن روسيا تُدرك جيدًا نقاط الضعف في الجيوش الأوروبية، وتُحسن استغلال غياب التكاتف الحقيقي بين شرق وغرب القارة.

وتابع: "روسيا تعلم أن أوروبا لن تدخل في مواجهة شاملة من أجل أوكرانيا، لكنها في الوقت ذاته تدرك أن استمرار الدعم الأوروبي لكييف أمر ضروري؛ لأن أي تراجع في هذا الدعم يعني توسع النفوذ الروسي في شرق أوروبا، وهو ما يهدد مستقبل القارة برمتها".

وأشار كابان إلى أن أوروبا بدأت تتجه نحو بناء قوة دفاعية جديدة وتعزيز جيوشها، في وقت تشهد العلاقات مع واشنطن تباينًا في المواقف بشأن دعم أوكرانيا.

ولفت إلى أن الدول الأوروبية أمام خيارات صعبة، أبرزها القبول بالشروط الأمريكية، وعلى رأسها رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي، كما أقرت قمة الناتو في لاهاي، أو المخاطرة بتراجع الحماية الأمريكية.

أخبار ذات علاقة

إيمانويل ماكرون

حلف اقتصادي داخل "الناتو".. هل تلقى دعوة ماكرون استجابة؟

 وأكد الخبير في الشؤون الأوروبية أن القارة العجوز، رغم تفوقها الاقتصادي، إلا أنها لا تمتلك حاليًّا القوة العسكرية الكافية لمواجهة الآلة الحربية الروسية، وأن زيادة الإنفاق الدفاعي في عدد من الدول الأوروبية يعكس قلقًا حقيقيًّا من التمدد الروسي واستعدادًا لمواجهة محتملة مع موسكو، آجلة كانت أو عاجلة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC