وجّه نشطاء حقوقيون طلبا إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق بشأن الجرائم المنسوبة إلى مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية الخاصة في مالي، التي أعلنت أخيرا إنهاء عملياتها هناك، في تطور لافت على صعيد محاربة الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي.
وبعد نحو أربع سنوات من القتال إلى جانب مجلس عسكري انبثق عن انقلاب يقوده الجنرال آسيمي غويتا، قررت فاغنر قبل أيام المغادرة، إلا أن موجة الانتقادات والاتهامات الموجهة لها بارتكاب تجاوزات بحق المدنيين أو الانفصاليين الطوارق لم تتوقف، ما يضع المحكمة الجنائية الدولية أمام تحدي النظر في تلك المزاعم والاتهامات.
تأتي هذه الدعاوى المرفوعة إلى المحكمة الجنائية الدولية في وقت يتصاعد فيه عنف المتمردين الإسلاميين في منطقة الساحل الأفريقي، حيث قُتل نصف ضحايا التطرف في العالم، والبالغ عددهم نحو 8 آلاف شخص، في هذه المنطقة، وفقاً لبيانات سنوية أعدها "معهد الاقتصاد والسلام".
وعلّق الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية عمرو ديالو على الأمر قائلاً: "مجموعة فاغنر لا تواجه هذه الدعوى فقط، فقد سبق أن وجهت إليها العديد من الاتهامات والقضايا في دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا، وبالتالي مثل هذه الاتهامات والتحركات أمر معتاد بالنسبة للمرتزقة الروس".
وأضاف ديالو لـ"إرم نيوز" أن "محاسبة المجموعة تبقى هدفاً صعب المنال، وهو ما نلاحظه في أماكن أخرى قاتلت فيها فاغنر، فسمعة المجموعة سيئة، خاصة مع استبدالها بالفيلق الروسي - الأفريقي وإدماج عدد من عناصر فاغنر ضمنه".
وشدد على أن "فاغنر تلقت انتكاسات كبيرة في مالي، خاصة العام الماضي عندما تم استهدافها رفقة الجيش في تينزاوتين، فقامت بالرد بعنف شديد على خسائرها، وهو الأمر الذي أثار مخاوف كبيرة على سلامة المدنيين، وتم بالفعل استهدافهم، بحسب تقارير وسائل إعلام أجنبية".
شهدت منطقة الساحل الأفريقي انقلابات عسكرية أدت إلى تراجع نفوذ القوى الغربية، في حين دخلت روسيا بقوة إلى المنطقة عبر مجموعة فاغنر والفيلق الأفريقي - الروسي، إذ تعوّل المجالس العسكرية الحاكمة على استعادة الأمن والاستقرار.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، قاسم كايتا، إن "هناك على الأرجح أدلة بشأن تورط عناصر فاغنر في انتهاكات جسيمة، خصوصاً في مالي، حيث تم بث مقاطع فيديو وصور توثق عمليات تعذيب وحتى إعدامات، كما تم الاستماع لشهادات ضحايا، وهو ما يفاقم اهتزاز صورة فاغنر".
وتابع كايتا في تصريح خاص لـ"إرم نيوز": "ما هو معروف عن فاغنر تجاهلها التام للقوانين المحلية والدولية، فهي مجموعة تعد نفسها خارج إطار المحاسبة، لذلك لا أتصور أن هذه الدعاوى القضائية ستقود فعلاً إلى محاسبة المجموعة أو إخضاعها للمساءلة القانونية".