حسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصير القيادة العسكرية في إفريقيا "أفريكوم"، التي "ستبقى قيادة قتالية مستقلة، ولن تُخفض رتبتها إلى قيادة فرعية تابعة للقيادة الأمريكية الأوروبية".
ويدرس ترامب حاليًا إلغاء قيود التعاون مع حكومات العسكريين، وسط معضلة تواجهه في سد الفراغ الذي خلفه طرد قواته من منطقة الساحل الإفريقي.
وعيّن ترامب، الجنرال داغفين أندرسون من القوات الجوية الأمريكية، قائدًا جديدًا لأفريكوم، بدءًا من صيف هذا العام، وذلك خلفًا لمايكل لانغلي، بعدما غادر القيادة بتوجيه تحذير شديد اللهجة في أواخر مايو/ أيار، أثناء مخاطبته قادة الدفاع الأفارقة في نيروبي.
وقال لانغلي إن منطقة الساحل أصبحت الآن "بؤرة الإرهاب" في العالم، وإن أخطر التهديدات الإرهابية التي تواجه الولايات المتحدة تنبع من إفريقيا.
وسوف يواجه القائد الجديد للقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا معضلة كبرى، حول كيفية مواجهة التحدي الذي تشكله الجماعات المتطرفة والمتمردة التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش في الصومال ومنطقة الساحل على مصالح الأمن القومي الأمريكي في الداخل والخارج.
ففي منطقة الساحل، سيضطر أندرسون إلى التعامل مع عواقب طرد القوات الأمريكية من النيجر العام الماضي، عقب إنهاء عمليات طائرات الاستطلاع المُسيّرة المتمركزة في ذلك البلد.
وكان البنتاغون يأمل في نقل هذه العمليات إلى ساحل غرب إفريقيا، لكن جهوده لإقناع كوت ديفوار وبنين وتوغو باستضافة العملية باءت بالفشل، بحسب تقارير إعلامية.
وأعربت إدارة ترامب عن قلقها العميق إزاء نشاط الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، وقدرتها المحتملة على مهاجمة المصالح الأمريكية، أو المواطنين الأمريكيين في إفريقيا، أو داخل الولايات المتحدة.
ومع ذلك، أبدت الإدارة عدم اهتمامها التام بأنشطة فيلق إفريقيا والعمليات العسكرية الروسية الأخرى في منطقة الساحل، رغم تأثيرها المزعزع للاستقرار في المنطقة.
ومع ذلك، شكّك رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي الروسي في موسكو، دينيس كوركودينوف، في عدم إدراك رئيس البيت الأبيض هذا الأمر، وقال "من غير المُرجّح أن يسمح لروسيا أو الصين أو إيران باحتلال الأمكنة الشاغرة في إفريقيا".
وأضاف كوركودينوف، لـ"إرم نيوز"، أن القادة الأوروبيين كانوا يخشون من أن تؤدي تصفية القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا إلى وقوع أوروبا فعليًا تحت تهديدات جماعات مسلحة مُختلفة قد تنتقل إليها من الدول الإفريقية.
وحاليًا، يدرس ترامب إلغاء قيود المادة 7008 على تعاون "أفريكوم" مع حكومات الدول التي شهدت انقلابات عسكرية، وهو ما يسمح له به القانون، ما سيتيح لأفريكوم استئناف العمليات العسكرية في منطقة الساحل.
ويرى معهد "أوريسيا ريفيو" الأمريكي، أن الخطوة قد تأذن لقوات أفريكوم بالمشاركة بشكل مباشر وأكبر في دعم العمليات القتالية للقوات العسكرية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بيد أنه من الصعب تصور كيف يمكن للجيش الأمريكي التعاون مع الديكتاتوريين العسكريين في المنطقة وحلفائهم، والقوات الروسية في فيلق إفريقيا.
بدوره، رجّح مدير مشروع أبحاث الأمن الإفريقي في واشنطن، دانييل فولمان، سماح ترامب بشن غارات جوية وعمليات عسكرية أخرى في منطقة الساحل وأجزاء أخرى من غرب إفريقيا باستخدام القوات البحرية الأمريكية المنتشرة قبالة سواحلها، وهو ما فعله في الصومال.
إلا أن هذا سيتطلب تخصيص موارد ضخمة، وقد يُخاطر بدفع المتطرفين إلى الرد باستهداف العسكريين الأمريكيين والمدنيين والمنشآت الحكومية والمصالح التجارية الخاصة في المنطقة.
أما إذا قرر ترامب، بدلًا من ذلك، التخلي عن أنشطة مكافحة الإرهاب الأمريكية في منطقة الساحل ونيجيريا وحوض بحيرة تشاد، فإنه يعلم أن المسلحين سيزدادون قوةً وينتشرون في جميع أنحاء المنطقة.
أما في الصومال، سيتعين على أندرسون التعامل مع عواقب قرار ترامب بإلغاء التمويل الأمريكي لعمليات حفظ السلام في السنة المالية 2026، بما في ذلك بعثة الاتحاد الإفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، وقد تتقدم دول أخرى - بما في ذلك الصين - بتمويل البعثة، ولكن من المستبعد جدًا أن يتم نشرها كما هو مخطط لها.