تساءل تقرير لصحيفة "المونيتور" عن السبب الذي حال دون إثارة حرب إسرائيل وإيران لقلق الأسواق العالمية كما كان متوقعًا؛ فعلى الرغم من أن الحروب السابقة في الشرق الأوسط أدت إلى انهيار الأسواق، لكن المستثمرين اليوم اعتادوا على مثل هذه الصدمات، الأمر الذي ربما مهّد الطريق لحسابات خاطئة في السوق في المستقبل.
سيناريوهات كابوسية
وبحسب الصحيفة، أثار احتمال اندلاع حرب ساخنة بين إسرائيل وإيران، على مدى سنوات، مخاوف من صدمات نفطية وارتفاع أسعار الطاقة إلى عنان السماء، في حين دفع احتمال وقوع صدام مباشر بين الولايات المتحدة وإيران تجار الهلاك إلى التنبؤ بأن مثل هذه المواجهة قد تؤدي إلى إشعال فتيل الحرب العالمية الثالثة.
ورغم هذه السيناريوهات الكابوسية؛ مع قدرتها على إحداث ضرر اقتصادي واسع النطاق، وُضعت على المحك هذا الشهر، لكن المستثمرين لم يحركوا ساكنًا وسط التقلبات الجيوسياسية التي أشعلتها الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي استمرت 12 يومًا، حيث ارتفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية في غضون 24 ساعة من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار في 23 يونيو/ حزيران.
عصر جديد
وقالت الصحيفة إن هذا الانتعاش علامة على عصر جديد، وهو أوضح دليل حتى الآن على أن الصراع في الشرق الأوسط لم يعد يُحرك الأسواق كما كان في السابق.
وأضافت أن التوترات بلا شك سادت؛ فبعد الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو/ حزيران، قفز سعر خام برنت القياسي بسرعة بنسبة 10%، وتذبذبت الأسهم مع تحول المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن، لكن التقلبات كانت محدودة في معظمها، حتى مع استعداد الولايات المتحدة لتصعيد القتال.
ولفتت إلى أن الحروب الإقليمية في الماضي لطالما كانت تُسفر عن عواقب سلبية ملحوظة على السوق؛ فعلى سبيل المثال، ساهم غزو العراق للكويت في أغسطس/ آب 1990 في انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 15% تقريبًا خلال الأشهر الثلاثة التالية، بينما تضاعفت أسعار خام برنت بسرعة؛ ولم تهدأ موجة البيع إلا في يناير/ كانون الثاني 1991، عندما استعدت الولايات المتحدة لشن عملية عاصفة الصحراء لطرد القوات العراقية من الكويت.
مشهد متطور
وعلى العكس من هذه الاتجاهات التاريخية، يعكس الرد العالمي الخافت الذي تزامن مع حرب إيران وإسرائيل في أغلبه على صراع إقليمي متفجر مشهدًا طاقيًا وجيوسياسيًا متطورًا؛ علاوة على إبرازه لمدى التغيير الذي طرأ على الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب غزة أواخر عام 2023.
والأهم من ذلك، أن هذا التطور يشير إلى أن المستثمرين، الذين اعتادوا الصدمات العالمية في السنوات الأخيرة، وأصبحوا الآن يتمتعون بإمكانية الوصول إلى بيانات آنية أكثر، باتوا أكثر إدراكًا، أو ربما أقل إدراكًا، للمخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وبالنظر إلى المستقبل، يبدو أن هذا الاتجاه سيستمر، ما قد يُهيئ الظروف لتوقعات خاطئة مستقبلية في السوق في منطقة لا تزال في حالة توتر.
وأردفت الصحيفة أن المستثمرين أصابوا هذه المرة في توقعاتهم؛ فعلى الرغم من أن إغلاق مضيق هرمز سيُثير رياحًا معاكسة، إلا أنه سيُلحق الضرر أيضًا بإيران، التي تعتمد على تصدير نحو 1.7 مليون برميل من النفط الخام عبر المضيق يوميًا.
وفي غضون ذلك، أصبح العالم أقل اعتمادًا على إمدادات الطاقة من الشرق الأوسط، مع زيادة الإنتاج في أماكن أخرى، بقيادة الإنتاج القياسي في الولايات المتحدة.
وفي حين يُرجح أن هذه العوامل أسهمت في الحد من تداعيات الصراع هذه المرة، لكن لا تزال هناك نقاط ضغط، وقد يجد المستثمرون الذين أصبحوا غير مبالين بهذه المخاطر الجيوسياسية صعوبة في تقدير المخاطر الإقليمية مُستقبلاً.