logo
اقتصاد

شيفرون في فنزويلا.. كيف تحافظ الشركة على عملياتها وسط العقوبات والتوترات؟

ناقلة نفط مستأجرة من قبل شركة شيفرون في فنزويلاالمصدر: رويترز

أدّى احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط خاضعة للعقوبات إلى شلل شبه كامل في حركة شحن النفط الفنزويلي، مع توقف عشرات السفن أو ابتعادها عن السواحل الفنزويلية خوفاً من المصادرة. 

غير أن هذا التصعيد اللافت في سياسة الضغط على نظام الرئيس نيكولاس مادورو لم يؤثر على جهة واحدة على الأقل: شركة "شيفرون" الأمريكية، التي تواصل تصدير النفط الفنزويلي إلى ساحل خليج المكسيك وكأن شيئاً لم يتغير، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".

الناقلة التي احتجزتها القوات الأمريكية الأسبوع الماضي، وتدعى "سكيبر"، كانت جزءاً مما يُعرف بـ"الأسطول الخفي" الذي يستخدمه نظام مادورو للالتفاف على العقوبات ونقل النفط الخام إلى السوق السوداء، خصوصاً إلى الصين وكوبا.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

"هدفه سرقة ثرواتنا".. فنزويلا تهاجم ترامب بعد الحصار النفطي

لكن العملية الأمريكية أرسلت إشارة ردع قوية دفعت عدداً كبيراً من السفن إلى الرسو في الموانئ الفنزويلية أو الانسحاب من المنطقة بالكامل، وفق بيانات تتبع السفن.

حصار نفطي متصاعد ورسائل سياسية واضحة

زاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حدة المواجهة بإعلانه فرض "حصار كامل" على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل أو تخرج من فنزويلا، في خطوة تُعد تصعيداً كبيراً في حملة الضغط القصوى على مادورو. 

وذهب ترامب أبعد من ذلك بتأكيده أن الولايات المتحدة حشدت "أكبر أسطول بحري في تاريخ أمريكا الجنوبية"، متوعداً بما وصفه بـ"صدمة غير مسبوقة" حتى تستعيد واشنطن ما تعتبره أصولاً مسروقة.

وبحسب متتبع السفن TankerTrackers، توقفت سبع ناقلات نفط على الأقل في موانئ رئيسية مثل خوسيه وأمواي منذ عملية الاحتجاز، فيما عدلت خمس سفن أخرى مسارها وعادت إلى موانئ بديلة خلال أيام قليلة. 

حتى شحنات النفتا الروسية، الضرورية لتخفيف النفط الفنزويلي الثقيل، باتت عرضة للتعطيل.

أخبار ذات علاقة

زورق تابع للبحرية الفنزويلية يرافق ناقلة للنفط

واشنطن تشل "الأسطول الخفي".. انقطاع نفط فنزويلا عن الصين وكوبا

في المقابل، وصف مادورو عملية الاحتجاز بأنها "قرصنة بحرية"، بينما أكد البيت الأبيض أن ناقلة "سكيبر" كانت خاضعة للعقوبات؛ بسبب تورطها في نقل نفط إيراني.

استثناء استراتيجي في قلب العاصفة

وسط هذا الشلل الواسع، برزت شركة "شيفرون" بوصفها الاستثناء الأبرز. فبعد يوم واحد فقط من احتجاز الناقلة، غادرت سفينتان محملتان بالنفط الخام المستخرج عبر مشاريع شيفرون ميناء باخو غراندي في بحيرة ماراكايبو، متجهتين إلى الولايات المتحدة. 

وأكد متحدث باسم الشركة أن عملياتها في فنزويلا مستمرة دون انقطاع و"وفقاً للقانون"، واصفاً وجود شيفرون بأنه عامل استقرار للاقتصاد المحلي.

وتُعد شيفرون واحدة من آخر الشركات الكبرى التي ما زالت تصدر النفط الفنزويلي بشكل قانوني، مستفيدة من ترخيص خاص يمنحها استثناءً من العقوبات الأمريكية الشاملة. 

وبموجب هذا الترخيص، يذهب نحو نصف إنتاج المشاريع المشتركة بين شيفرون وشركة النفط الحكومية الفنزويلية إلى حكومة مادورو، التي تعتمد عليه كمصدر حيوي للعملات الصعبة.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

صنف النظام "منظمة إرهابية".. ترامب يفرض حصاراً نفطياً شاملاً على فنزويلا

ورغم الانتقادات التي تواجهها الشركة، يرى محللون مثل كلاي سيجل من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن شيفرون "تمسكت بالسوق الفنزويلية في السراء والضراء"، وأن دورها في الاقتصاد الفنزويلي يفوق حجمها النسبي.

نفط مادورو تحت الضغط

يعمل نحو 3000 موظف في مشاريع شيفرون داخل حزام أورينوكو النفطي، حيث بلغ الإنتاج نحو 300 ألف برميل يومياً منذ استئناف العمليات أواخر 2022، أي ما يقارب ثلث الإنتاج الفنزويلي الكلي. 

ورغم أن هذا يشكل أقل من 10% من إنتاج شيفرون العالمي، فإنه يمثل شرياناً أساسياً لاقتصاد فنزويلا، الذي تعتمد صادراته النفطية على أكثر من 90% من عائداته الخارجية.

ويحذر خبراء من أن توقف صادرات النفط الخاضعة للعقوبات لفترة طويلة قد يوجه ضربة قاصمة لإيرادات مادورو. 

ويرى إيفانان روميرو، نائب وزير النفط الفنزويلي السابق، أن الجمع بين خنق تجارة النفط وتضييق الخناق على شبكات تهريب المخدرات قد يؤدي إلى "الانهيار النهائي" للنظام.

لكن التاريخ القريب يشير إلى قدرة مادورو على الصمود. فخلال جائحة كورونا، انهارت أسعار النفط وتراجع الإنتاج إلى أقل من نصف مستواه الحالي، ومع ذلك بقي النظام قائماً.

أخبار ذات علاقة

الرئيس ترامب ونظيره مادورو.

ضربة جديدة لمادورو.. واشنطن تستعد للاستيلاء على ناقلات نفط إضافية قبالة فنزويلا

ويقول فرانسيسكو مونالدي، مدير برنامج الطاقة في أمريكا اللاتينية بجامعة رايس، إن ما يجري "تصعيد خطير"، لكنه ليس بالضرورة أقسى الضغوط التي واجهها مادورو حتى الآن.

في المحصلة، تُظهر الأزمة الحالية أن واشنطن تملك أدوات قوية لتعطيل صادرات فنزويلا النفطية، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على نافذة ضيقة عبر شيفرون، ما يعكس توازناً دقيقاً بين الضغط السياسي وحماية المصالح النفطية الأمريكية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC