ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"

logo
العالم

الهجرة على المحك.. فرنسا ترفض مبدأ "المغادرة الطوعية"

الهجرة على المحك.. فرنسا ترفض مبدأ "المغادرة الطوعية"
وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايوالمصدر: أ ف ب
14 يونيو 2025، 1:38 م

في قلب اجتماع وزراء الداخلية الأوروبيين المنعقد في لوكسمبورغ، خرج وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو عن مألوف الخطاب الدبلوماسي، ليعلن صراحة: "إذا لم نستعد السيطرة على الهجرة، فإن شعوبنا ستستبدلنا بأحزاب شعبوية".

أخبار ذات علاقة

من هولندا إلى ألمانيا.. سياسات الهجرة تُربك حكومات أوروبا

من هولندا إلى ألمانيا.. سياسات الهجرة تهز عروش حكومات أوروبا (إنفوغراف)

 كلمات اختصرت ملامح توجه جديد وأكثر صرامة تسعى باريس لفرضه على السياسات الأوروبية للهجرة والعودة، رافضة بشكل خاص مبدأ "المغادرة الطوعية" الذي تعتبره غير مجدٍ في مواجهة الهجرة غير النظامية المتزايدة، بحسب مجلة "لوبوان" الفرنسية.

من جانبه، قال الدكتور جان-باسكال ديفاج، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS) والمتخصص في سياسات الهجرة الأوروبية، لـ"إرم نيوز" إن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي "تندرج ضمن إستراتيجية موجهة بالدرجة الأولى للرأي العام الفرنسي، أكثر منها لمخاطبة شركاء باريس الأوروبيين".

وأضاف ديفاج أن "ريتايو يعي تمامًا أن أي تعديل جوهري على لائحة العودة الأوروبية يتطلب توافقًا صعبًا بين الدول الأعضاء، لذا فإن تشدده اللفظي يهدف لطمأنة الجمهور الفرنسي الذي بات يميل بشكل متزايد نحو خطاب اليمين المتطرف. وهو يستبق المعركة الانتخابية القادمة بمحاولة استعادة زمام المبادرة في ملف تعتبره شريحة كبيرة من الناخبين سببًا رئيسيًا للتصويت العقابي ضد الحكومة".

وتابع: "من الناحية القانونية، من الصعب للغاية تطبيق ما يقترحه ريتايو، لا سيما في ما يخص تفتيش الهواتف أو إلغاء مبدأ المغادرة الطوعية؛ لأن ذلك يتطلب تعديلات جوهرية على منظومة الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي. لذا فإن معظم مقترحاته، وإن كانت مثيرة للجدل، تبقى رمزية أكثر منها قابلة للتنفيذ في الوقت الراهن".

لائحة العودة

في صلب اعتراض الوزير الفرنسي على مشروع "لائحة العودة" التي اقترحتها المفوضية الأوروبية، يكمن رفض واضح لفكرة منح المهاجرين غير النظاميين مهلة طوعية لمغادرة الأراضي الأوروبية.

وقال ريتايو بوضوح: "اليوم، نمنح المتسللين مهلة للمغادرة طوعًا. ما الذي يفعلونه؟ يختفون ببساطة في الطبيعة. يجب أن نقلب المنطق: لا مغادرة طوعية كقاعدة، بل استثناء في 20% من الحالات فقط".

ويرى أن هذا التغيير سيحوّل عبء الإثبات من الدولة إلى المهاجر نفسه، ويمنح السلطات قدرة أكبر على فرض قرارات الإبعاد الفوري.

اختلالات كبيرة

وضمن نفس الرؤية المتشددة، يرفض ريتايو أيضًا مبدأ "الاعتراف المتبادل" بقرارات الترحيل بين الدول الأوروبية. ففي الاقتراح الجديد، من المفترض أن يكون أي قرار طرد صادر من دولة عضو صالحًا في بقية الدول تلقائيًا. لكن الوزير الفرنسي يرى في ذلك خطرًا إداريًا، محذرًا من "اختلالات كبيرة".

وأشارت محلة "لوبوان" الفرنسية إلى أنه وفق فلسفة ريتايو: "من يتخذ القرار هو من يجب أن ينفذه"، في إشارة إلى ضرورة الاحتفاظ بالسيادة الوطنية الكاملة في تنفيذ قرارات الترحيل. 

تجريم الإقامة غير القانونية

واعتبرت المجلة الفرنسية أن ريتايو يرى أن "الدخول خلسة يمثل جريمة"، موضحة أن هناك جانبًا آخر لا يقل حساسية في خطاب الوزير الفرنسي، هو مطالبته الواضحة بتجريم الإقامة غير القانونية على الأراضي الفرنسية.

وقال ريتايو: "عندما يقتحم أحدهم منزلك، يُعد ذلك جريمة. لماذا لا يُعتبر اقتحام حدود الدولة جريمة أيضًا؟".

ويشير ريتايو إلى ضرورة منح الشرطة أدوات تحقيق فعلية، من بينها تفتيش الهواتف المحمولة، التي كثيرًا ما تكشف، حسب قوله، عن علاقات محتملة بالإرهاب أو خيوط تقود إلى بلد المنشأ أو مسار الهجرة.

الإجراءات الألمانية

في سياق متصل، تعاطى ريتايو ببراغماتية مع قرار ألمانيا بإعادة فرض مراقبة حدودها. فعلى الرغم من الانتقادات الحادة من لوكسمبورغ، أبدى الوزير الفرنسي تفهمًا للمخاوف الألمانية: "ناقشت الأمر مع نظيري الألماني مرتين. هناك حاجة لإعطاء إشارات بالحزم للشعب".

أخبار ذات علاقة

مهاجرون غير شرعيون يحاولون الوصول إلى دول أوروبية

جدل بين قضاء ألمانيا وحكومتها.. هل يقود ملف الهجرة لـ"أزمة دستورية"؟

 واقترح ريتايو حلولًا وسطًا، مثل الدوريات المشتركة على الحدود، لتفادي تعطيل حركة العمال اليومية بين الدول دون المساس بالرقابة الأمنية.

في المقابل، أعرب وزير داخلية لوكسمبورغ ليون غلودن عن رفضه الصريح لتلك الإجراءات، معتبرًا أنها تقوّض روح اتفاقية شنغن وتضر بالاقتصاد، قائلًا إن التأخيرات على الحدود بدأت تؤثر على العمالة والمصالح التجارية بين البلدين.

"إعادة تأسيس"

وبينما ترتفع الأصوات المطالبة بإعادة التفكير في اتفاقية شنغن، دعا الوزير الفرنسي إلى "إعادة تأسيس القواعد الأوروبية" بما يتماشى مع الواقع الأمني والمجتمعي الجديد.

وأوضح أن التضامن الأوروبي لا يمكن أن يكون "قائمة انتقائية"، بل يجب أن يُمنح فقط للدول التي تلتزم فعليًا بآليات اللجوء المشتركة مثل اتفاق دبلن.

"تسونامي الكوكايين"

ووسع الوزير الفرنسي نطاق تحذيراته ليشمل تحديات أمنية تتجاوز ملف الهجرة، وحذر من انتشار تهريب الكوكايين في أوروبا، واصفًا الظاهرة بأنها "تسونامي أبيض" يهدد ليس فقط الصحة العامة، بل الديمقراطيات والمؤسسات الأوروبية عبر شبكة فساد عابرة للحدود.

أخبار ذات علاقة

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو

فرنسا.. ريتايو يخلط أوراق اليمين قبل الانتخابات الرئاسية

 كما لم يُخفِ ريتايو انتقاداته العلنية للاتحاد الأوروبي بخصوص تمويل منظمات قريبة من الإخوان المسلمين، معتبرًا أن هذا التوجه يُمثل تهديدًا لـ"التماسك الوطني والقيم الجمهورية"، وأكد أن تقارير الأجهزة الفرنسية تُظهر بوضوح خطر الأيديولوجيا الإسلاموية على استقرار أوروبا.

تحركات برونو ريتايو تعكس تغيرًا واضحًا في المزاج السياسي الفرنسي إزاء ملف الهجرة، في ظل تنامي الضغوط الداخلية وتهديد صعود التيارات اليمينية المتطرفة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC