بينما كانت الأنظار مركّزة على إدوار فيليب كأبرز مرشح يميني محتمل للرئاسة الفرنسية في 2027، قلب وزير الداخلية الجديد، برونو ريتايو، المعادلة السياسية بتفوقه عليه في الشعبية لأول مرة، وفق استطلاع حديث.
هذا الأمر المدعوم بتأييد واسع من قواعد اليمين التقليدي والمتطرف، يطرح سؤالًا جوهريًا، إن كانت فرنسا تتجه فعلًا نحو رئيس يميني قادم، في ظل تراجع اليسار وتردد الوسط.
ورغم أن إدوار فيليب لا يزال يتصدر نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن استطلاعًا أجرته مؤسسة "أودوكسا-Backbone Consulting" لصالح صحيفة "لوفيغارو" أظهر أن برونو ريتايو تفوق عليه في معدل الشعبية.
ووصفت محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية هذه النتائج بأنها لحظة فاصلة ومؤشر واضح على صعود نجم ريتايو، إذ حصل وزير الداخلية ورئيس حزب "الجمهوريين" الجديد على 51% من الآراء الإيجابية، مقابل 48% فقط لفيليب.
وبحسب المعهد، فإن ريتايو، الذي ينظر إليه كثيرون بالفعل كمرشح محتمل لرئاسيات 2027 بعد فوزه الساحق على لوران فوكييه الأحد الماضي، حقق قفزة تقارب عشر نقاط منذ انضمامه إلى حكومة فرانسوا بايرو في ديسمبر/ كانون الأول 2024، حين كانت شعبيته تبلغ 42%.
في المقابل، تراجعت شعبية فيليب، الذي أعلن رسميًا ترشحه منذ سبتمبر/ أيلول 2024، بمقدار تسع نقاط، وسط غياب شبه تام عن المشهد العام مقارنة بالحضور اللافت لريتايو.
وبرونو ريتايو يحظى بدعم واسع من قواعد "الجمهوريين" (90%)، إضافة إلى تأييد كبير من مؤيدي حزب "النهضة" الماكروني (74%) و"التجمع الوطني" اليميني المتطرف (65%). أما شعبية فيليب، فترتكز جزئيًا على دعم اليسار، حيث يحصد 56% من التأييد لدى الاشتراكيين و46% لدى الخضر.
كما يُنظر إلى وزير الداخلية على أنه سياسي يتمتع بقناعات أعمق (62% مقابل 55%) وبقدر أكبر من الحزم والسلطة (55% مقابل 48%). لكن هذا الحزم له كلفة؛ إذ يراه الفرنسيون أكثر "قسوة" (36% مقابل 18%)، وأقل "تعاطفًا" (39% مقابل 53%)، وأقل "قربًا من الناس" (40% مقابل 47%) مقارنة بفيليب، عمدة مدينة لوهافر.
وتقول سيلين براك، المديرة العامة لمؤسسة أودوكسا: "رغم أن إدوار فيليب لا يزال حتى الآن المرشح الأوفر حظًا من حيث نوايا التصويت (حوالي 20% مقابل 10% لريتايو) في انتخابات 2027، إلا أن الزخم السياسي الحالي لا يصب في مصلحته".
وتضيف محذرة: "أمام برونو ريتايو الذي يترك بصمته بقوة، أصبح من الضروري لرئيس الوزراء السابق أن يعيد الإمساك بزمام المبادرة، وأن يحدد نفسه بوضوح، وأن يعرض رؤيته للمستقبل. وإلا، فقد يعيد التاريخ نفسه"، في إشارة إلى إخفاق آلان جوبيه أمام فرانسوا فيون في انتخابات 2017.
يُشار إلى أن هذا الاستطلاع نُشر بعد ثلاثة أيام فقط من فوز ريتايو برئاسة حزب "الجمهوريين"، ما يعزز من صعوده السياسي قبل عامين فقط من الانتخابات الرئاسية.