قررت الجزائر في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، تعليق الإعفاء من التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية الفرنسية، واضعةً حدًا لاتفاق طالما مثّل رمزًا للتنسيق المؤسسي بين البلدين.
القرار الذي جاء ردًا على خطوة مماثلة من باريس، أثار زوبعة من ردود الفعل داخل الأوساط الدبلوماسية والإعلامية الفرنسية.
وأعلنت الحكومة الجزائرية، عن تعليق الإعفاء من التأشيرة لحاملي الجوازات الدبلوماسية الفرنسية، تطبيقًا لمبدأ "المعاملة بالمثل" رداً على قرار باريس تعليق الإعفاء من التأشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو قد أعلن عن هذا القرار في نهاية الأسبوع الماضي.
في التفاصيل، صرح وزير الشؤون الخارجية الجزائري بأن الجزائر "تأخذ علماً بما يشبه تعليقاً فعلياً لاتفاق عام 2013 من دون احترام فرنسا للإجراءات المطلوبة، وسترد بتطبيق صارم لمبدأ المعاملة بالمثل".
وأكدت الجزائر أن "لا مصلحة أو ارتباطاً خاصاً" لها بهذا الاتفاق.
وفي الجهة الفرنسية، بدأ تنفيذ هذا القرار اعتبارًا من 16 مايو 2025.
وحسب ما ذكرته الشرطة الفرنسية، فإن "أي مواطن جزائري يحمل جواز سفر دبلوماسياً أو جواز سفر خدمياً ولا يحمل تأشيرة عند دخوله، سيخضع لإجراءات عدم القبول/الطرد".
وتكمن خلفية هذه الإجراءات في قرار الجزائر الأخير بطرد 12 دبلوماسيًا فرنسيًا.
منذ أكثر من تسعة أشهر، يعيش البلدان في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة.
بداية الأزمة كانت في أبريل الماضي، حين قامت الجزائر بطرد 12 موظفًا قنصليًا فرنسيًا في إطار الرد على توقيف أحد موظفي القنصلية الجزائرية في فرنسا، الذي اتهم بالمشاركة في اختطاف مؤثر جزائري في فرنسا.
من جانبه، قال جون-ميشيل دانيال، الباحث في العلاقات الدولية إن الجزائر تسعى إلى تعزيز سيادتها من خلال هذه الإجراءات.
واعتبر دانيال لـ"إرم نيوز" أن فرنسا تعاني من تراجع في قدرتها على التأثير في شؤون شمال إفريقيا.
وأضاف أن هذا القرار سيشكل تحديًا جديدًا للحكومة الفرنسية في سياستها تجاه الجزائر. ورأى أن الرد الجزائري يعكس رغبة الجزائر في موازنة القوى مع فرنسا.
وأوضح أن الجزائر كانت تشعر منذ فترة بأن فرنسا تتعامل معها من موقع القوة، لذا كان لا بد من اتخاذ خطوة مماثلة لتبديد أي تصور بأن فرنسا يمكنها اتخاذ قرارات أحادية الجانب دون عواقب.
واعتبر أن تصعيد الأزمة ليس في مصلحة أي من البلدين، مشيرة إلى أن القرارات المتبادلة قد تضر بالعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية طويلة الأمد بين الجزائر وفرنسا.
وأكد أن الأزمة تظهر الحاجة إلى تعزيز الحوار الدبلوماسي وتحسين آليات التعاون بين البلدين.
ومن جهته، قال جان-بيير بيرو، خبير في العلاقات الدولية والشرق الأوسط، إن الجزائر تحاول في هذه الحالة إرسال رسالة إلى الداخل وإلى المجتمع الدولي مفادها أنها ليست خاضعة لأي ضغوط خارجية.
وأُضاف جان-بيير بيرو لـ"إرم نيوز"، أن فرنسا قد تجد نفسها مجبرة على إعادة تقييم استراتيجياتها في المنطقة.