بوتين: مصممون على تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة

logo
العالم العربي

ملف السفير الجديد.. اتهامات لإيران بمحاولة افتعال أزمة في لبنان

يوسف رجي وعباس عراقجيالمصدر: وسائل إعلام لبنانية

أكدت مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية رفيعة أن تأخير اعتماد أوراق سفير  إيران الجديد في بيروت إجراء بروتوكولي بحت، معتبرة أن تضخيم طهران لهذا الملف ومحاولة تحميله أبعادا سياسية يهدفان إلى افتعال أزمة داخلية لبنانية والتشكيك بدور مؤسسات الدولة وسيادتها. 

وقالت المصادر في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن التصعيد الإيراني حول هذا الملف يعكس أزمة في مقاربة طهران لطبيعة العلاقة مع لبنان، مؤكدة أن هذه العلاقة يفترض أن تقوم على مبدأ الندية واحترام سيادة الدولة  اللبنانية ومؤسساتها، وعدم التعامل معها كطرف تابع أو ساحة نفوذ، إلى جانب الامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية، بما يضمن علاقة متوازنة بين البلدين.

وأضافت المصادر أن إثارة هذا الملف بهذه الطريقة تهدف إلى افتعال إشكالية داخلية في لبنان، عبر السعي لإحداث توتر بين المكون  الشيعي ومؤسسات الدولة، وتصوير الأمر على أنه تعطيل متعمد أو تقليل من شأن إيران بحجة دعمها للطائفة الشيعية، محذرة من أن هذا الخطاب يحاول الإيحاء بأن تأخير اعتماد أوراق السفير يشكل استهدافاً سياسياً أو مذهبياً، وهو ما لا يستند إلى أي أسس بروتوكولية أو قانونية.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أكد أخيراً أن العلاقات الدبلوماسية بين بلاده ولبنان "لا تزال قائمة"، معرباً عن أمله في استكمال المسار المعتمد لإجراءات تعيين السفير  الإيراني الجديد في بيروت ومباشرته مهامه قريباً، في وقت أفادت فيه وسائل إعلام لبنانية بأن وزير الخارجية يوسف رجّي لم يرفع نسخة من أوراق اعتماد السفير الإيراني الجديد إلى مجلس الوزراء أو القصر الجمهوري، كما لم يُبلغ طهران حتى الآن بالموافقة الرسمية اللبنانية على تعيينه.

ويأتي هذا الجدل في ظل انتقادات سابقة طالت السفير الإيراني السابق في بيروت مجتبى أماني؛ إذ رأى مراقبون أنه خرج عن الأعراف والتقاليد الدبلوماسية خلال فترة عمله، واتُّهم من قبل خصومه بتجاوز الدور الدبلوماسي التقليدي، وبالقيام بأدوار اعتُبرت لصيقة بحزب الله. 

وتزايدت هذه الانتقادات عقب حادثة تفجيرات أجهزة "البيجر"، التي أُثيرت حولها اتهامات ربطت اسمه بنقل تعليمات لعناصر الحزب، قبل أن يتعرض لإصابة نتيجة انفجار أحد الأجهزة، في واقعة أثارت حينها جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية اللبنانية.

أخبار ذات علاقة

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي ونظيره الإيراني عباس عراقجي- أرشيفية

أزمة السفير الإيراني في لبنان.. بروتوكول معطّل أم نهاية نفوذ؟

 وقال مصدر دبلوماسي لبناني رفيع المستوى إن تأخير اعتماد أوراق سفير إيران الجديد في بيروت يندرج في إطار إجراء بروتوكولي وإجرائي بحت، معتبرا أن الإيحاءات التي أثارتها طهران بشكل غير مباشر تعكس مقاربة تقوم على التقليل من مكانة الدولة اللبنانية، والتعامل معها بمنطق أن تقديم أوراق السفير يستوجب قبولها فوراً، من دون الخضوع لإجراءات طبيعية معمول بها، أو تحمل أي تأخير ولو لساعات.

وأضاف المصدر طالبا عدم الكشف عن اسمه لـ"إرم نيوز" أن إثارة هذا الملف من جانب طهران تستهدف افتعال أزمة داخلية في لبنان، عبر محاولة إحداث شرخ بين المكون الشيعي ومؤسسات الدولة، وتصوير الأمر على أنه تعطيل متعمد أو تجاهل لإيران، بذريعة دعمها للطائفة الشيعية، والإيحاء بأن تأخير قبول أوراق السفير يمثل تقليلا من شأنه، تمهيدا للقول إن الاستهانة التالية قد تطال المكون الشيعي نفسه.

وتابع أن الداخل اللبناني شهد في مراحل سابقة افتعال أزمات متعددة بين الدولة ومؤسساتها من جهة، والمكون الشيعي من جهة أخرى، في سياق ترويج أفكار مفادها أن غياب الدور الإيراني يشكل تهديدا لمكون وطني أصيل، لافتا إلى أن هذا الخطاب تضمن توصيفات عنصرية بغيضة جرى تداولها في بعض المجالس، وتنشط بها أطراف داخلية تعمل لصالح طهران.

وأشار المصدر إلى أن ما فاجأ طهران في مسألة تأخير الاعتماد يعود إلى اعتقادها بأن تقديم أوراق السفير يشكل نوعا من الامتنان أو الاستثناء، وليس إجراء دبلوماسيا يخضع للأصول المتبعة مع جميع السفراء، إضافة إلى ارتباط ذلك بخصوصية العلاقة القائمة بين البلدين وسياقها السياسي.

وبحسب المصدر، فإن اعتماد أوراق السفراء قد يستغرق أحيانا نحو أربعة أشهر، من دون أن تقدم أي دولة على افتعال أزمة مباشرة أو غير مباشرة، أو الإيحاء بأن التأخير مقصود أو متعمد، معتبرا أن حالة الإحراج الدبلوماسي التي تعاني منها طهران ومسؤولوها في الآونة الأخيرة في تعاملهم مع لبنان الرسمي، دفعتها إلى تصوير الأمر على أنه مساس بكرامتها، وهو ما وصفه بـ"الاستعلاء".

وفي السياق نفسه، أرجع مصدر سياسي لبناني هذه الإشكالية إلى أزمة أعمق تعاني منها طهران، تتمثل في عدم استعدادها حتى الآن للتعامل بندية مع لبنان، وفهمه على أنه دولة ذات سيادة لا ميليشيا تابعة، مشددا على ضرورة احترام المؤسسات اللبنانية والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية؛ لما لذلك من أثر مباشر على توازن العلاقة بين البلدين.

وأوضح المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن إيران لا تزال تتصرف على أساس أن العهد الحالي سيقبل بالممارسات السابقة، سواء على المستوى الدبلوماسي أو العسكري أو الأمني، مؤكدا أن على طهران أن تدرك أن لبنان متمسك بسيادته، ولن يقبل بالتجاوزات السياسية، وصولا إلى محاولات التعامل مع مطار بيروت على أنه منشأة عسكرية تابعة للحرس الثوري.

ولفت المصدر إلى وجود حملة تقودها منابر سياسية وإعلامية داخلية ضد وزير الخارجية يوسف رجي، تقوم على اختلاق وقائع غير دقيقة وتصويره على أنه بات شخصية غير مقبولة داخل الحكومة، معتبرا أن هذا الهجوم يكشف الجهة التي "تهندس" هذا المسار، وأنه في المقابل مؤشر على أن الوزير رجي يسير في الاتجاه الصحيح، رغم رفض بعض القوى الداخلية استيعاب هذا التوجه الساعي إلى حماية سيادة لبنان.

ورأى الباحث السياسي اللبناني قاسم يوسف أن عملية اعتماد أي سفير جديد قد تستغرق وقتاً وقد تتجاوز الأربعة أشهر، مشيراً إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار التداعيات المتعلقة بالتعامل مع الملف الإيراني لأسباب عدة، في مقدمها ما يتعلق بالسفير الإيراني السابق في بيروت، الذي حمل جهاز "بيجر" خاصاً بنقل التعليمات بين عناصر حزب الله، قبل أن ينفجر في وجهه خلال العملية الشهيرة التي نفذتها إسرائيل.

أخبار ذات علاقة

تجمع لأنصار مليشيا حزب الله اللبناني

بيروت تحت الضغط.. تصريحات السفير الإيراني تفجّر الداخل وتؤجج حسابات الحرب

وأوضح يوسف في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن هذه الواقعة أثبتت أن السفير السابق كان جزءاً من منظومة أمنية ويعمل مع الحرس الثوري، وليس سفيرا تقليديا لدولة يمارس نشاطه الدبلوماسي مثل أي سفير آخر، مؤكداً أن هذا الوضع يتيح للدولة اللبنانية التحقق من هوية السفير الجديد وسلوكه، وربما التشاور مع بعض الدول الصديقة بشأن ذلك.

وأضاف يوسف أن الأزمة تكمن في أن السفير الإيراني في لبنان لا يعامل كسفير عادي، بل يظهر كشخصية أمنية؛ ما يفرض على الدولة اللبنانية بعض الإجراءات والحساسية في التعامل معه، إلا أنه في نهاية المطاف من المتوقع أن يتم اعتماد أوراقه وتسليمها إلى رئيس الجمهورية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC