بوتين: مصممون على تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة
بدأ تصادم إرادات يتنامى بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يتعلق بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإنهاء الحرب التي استمرت لأكثر من عامين؛ ما يشير إلى "أزمة صامتة" قد تنفجر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويسعى نتنياهو لتعطيل تنفيذ الاتفاق أو تطبيقه بانتقائية تسمح له بالاستفادة من بعض جوانبه وتجاهل أخرى، في حين يواجه ترامب واقعا يرى فيه الوسطاء والضامنون للاتفاق أنه الوحيد القادر على تمريره، خاصة فيما يتعلق بإسرائيل.
وفي ظل تصاعد التقديرات حول انتقال خطة غزة إلى مرحلتها الثانية، تبرز معادلة دقيقة تحكم العلاقة بين إدارة ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو، إذ يرى محللون أن زمام المبادرة بالكامل بات بيد ترامب، بينما يناور نتنياهو لاعتبارات داخلية دون امتلاك قدرة فعلية على الرفض.
ويرى المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وصلت إلى مرحلة حساسة وتخضع لمعادلة دقيقة، خاصة ما يتعلق باستجابة نتنياهو لمحاولة ترامب فرض اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال سويلم لـ"إرم نيوز": "الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة غزة سيحدث من حيث الجوهر، لكن ترامب سيُراعي الشكل حتى لا يبدو نتنياهو وكأنه استجاب لذلك بالقوة أو أن إسرائيل رضخت بالكامل".
وأضاف سويلم، "نتنياهو لا يملك خيار الرفض، هو يراوغ فقط، وترامب يدرك ذلك ويتفهمه، لذا سيأخذ ببعض الاعتبارات الشكلية التي لا تمس جوهر الخطة، وتمنح نتنياهو مظهرا بأنه أقنع الإدارة الأمريكية ببعض التفاصيل".
وتابع، "من يعتقد أن نتنياهو قادر فعليَا على تحدي ترامب أو رفض ما يقرره، هو مخطئ، هذه التجربة أثبتت أن القرار النهائي بيد ترامب، وأن التوازن الحقيقي على الأرض يُترجم بهذه المعادلة".
وبيّن سويلم إن "الحقائق على الأرض تؤكد أن ترامب عازم على المضي قُدما في اتفاق غزة، وهو يرى أن الاستقرار في هذا الإقليم ضرورة لحماية المصالح الأمريكية، ولا يمكن المجازفة بها من أجل نتنياهو أو غيره".
وأضاف، "ترامب حالياً يريد بقاء نتنياهو في الحكم، ليس لأن الأخير قوي، بل لأنه مُروّض، لذلك هو لا يريد الدخول في صدام مع نتنياهو، لكنه أيضا لا يسمح له بالتشويش".
وقال، "لا أعتقد أن الولايات المتحدة سترفع الغطاء السياسي عن إسرائيل، كما أن الحديث عن دبلوماسية صارمة تجاهها قد يكون مبالغا فيه"، مضيفا: "ما سيحدث هو انصياع نتنياهو في نهاية المطاف، وربما تشهد العلاقة بعض التوترات، لكنها لن تغيّر من جوهر المعادلة".
من جانبه، قال المحلل السياسي عماد موسى إنه "يمكن اعتبار ما يجري حاليا مؤشرا على تحوّل في الموقف الأمريكي، لا نتيجة نهائية؛ لأن الأمور تتطور بسرعة في عدة ملفات، سواء في أوكرانيا أو غزة أو إيران"، مشيرًا إلى أن ذلك في إطار "مؤشرات أولية على تغير قادم".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "الدبلوماسية الصارمة من ترامب قد تتجلى في اتخاذ مواقف أكثر راديكالية تجاه حكومة نتنياهو، كفرض بعض الشروط أو التعديلات، خاصة فيما يخص القوة الدولية التي ستنتشر في غزة".
وتابع: "الفترة المقبلة ستكون فترة استحقاقات كبيرة، وستكون اختبارا لمعرفة حقيقة الموقف الأمريكي، وتحديداً موقف ترامب تجاه نتنياهو وإسرائيل، وما إذا كان ثمة تحول في شكل وطبيعة العلاقة".
وقال موسى، إن "ترامب يمتلك من الأوراق ما يكفي للضغط على نتنياهو، ولن يسمح له بإفشال المسار الذي آلت إليه الأمور في غزة، والذي يتجه نحو تحويل القطاع إلى مشروع اقتصادي؛ لأن الاقتصاد بالنسبة لترامب يسبق الحرب".
وأردف، "من يتابع سياسة ترامب يدرك أنه حتى في أوكرانيا يسعى لإنهاء الحرب عبر صفقة اقتصادية مع روسيا، في إطار إعادة الإعمار والاستثمار في الدمار"، مشيرا إلى أن "الصراع القائم اليوم تحوّل إلى صراع نفوذ اقتصادي يُبنى على أنقاض الخراب في عدد من الدول".