قدم ساسة وأكاديميون لبنانيون، معطيات، على رأسها معضلة نزع سلاح ميليشيا حزب الله، ترفع أسهم تأجيل الانتخابات النيابية اللبنانية، المُقرر إجراؤها في شهر أيار/مايو المقبل عام 2026، لافتين إلى احتمال إجرائها في صيف عام 2028.
وبيّنوا لـ"إرم نيوز"، أن معضلة سلاح "حزب الله"، ستكون مؤثرة إلى درجة كبيرة في عرقلة إتمام الاستحقاق في موعده، في ظل تعرض لبنان على أثر عدم حصر ترسانة التنظيم بيد الدولة لغارات واعتداءات إسرائيلية مستمرة جنوبي البلاد.
وأوضحوا أن الانتخابات النيابية لا تتوفر لها الأجواء الطبيعية للاقتراع، انطلاقا من الاستقرار على القانون الذي سيتم على أساسه إجراء الاستحقاق مرورا بمرحلة الدعاية والمؤتمرات للمرشحين وصولا إلى التصويت لا سيما في قرى الجنوب، فضلا عن تأثيرات أخرى متداخلة.
ويرفض حزب الله، إجراء أي تعديل تشريعي على قانون الانتخاب من شأنه أن يمنح الأحقية لـ"المغتربين"، الذين يمثلون كتلة كبيرة وينتشرون في الولايات المتحدة وأوروبا ودول عربية وأفريقية ولاتينية، بالتصويت على الـ128 مقعدا، الأمر الذي سيكون له أثر كبير لصالح ما يعرف بـ"خط السيادة"، وهو ما يدفع إلى ضرورة تنفيذ حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني.
ويأتي ذلك، في وقت تتعاظم فيه التعقيدات والانقسامات في الداخل السياسي اللبناني، مع تصاعد نفوذ اللاعبين الخارجيين في المرحلة المقبلة، وسط تصاعد التوقعات المتعلقة بأن العام المُقبل سيشهد تسويات كبرى بالمنطقة.
وقال السياسي اللبناني والمنسق العام لحزب "النجادة" عدنان الحكيم، إن الانتخابات النيابية المقبلة ليست بالتقليدية لأسباب عديدة في صدارتها تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على الداخل وما نتج عنها من إضعاف قدرات حزب الله بجانب تدمير العديد من القرى الأمامية في الجنوب، التي هي بمثابة اللاعب الأبرز في هذا الاستحقاق، ما يجعل "الحجة" جاهزة لتأجيل الاستحقاق، بعدم توفير الأجواء لقيام البيئة الشيعية في الجنوب بالتصويت وتحديدا في القرى المدمرة.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أنه على الرغم من أن الإدارة الأمريكية لديها أولويات تتقدم على الانتخابات، وهي نزع السلاح، إلا أن هذا الأمر له دور كبير في مدى الذهاب إلى الاستحقاق، بعد إجراء تعديلات على قانون الانتخابات تتعلق بتصويت المغتربين بالخارج كما تطالب قوى سياسية وهو ما يرفضه "الثنائي الشيعي"، وذلك في وقت تعتبر فيه ترسانة التنظيم ورقة إيرانية ستبقي عليها طهران، لاستخدامها في المفاوضات مع الولايات المتحدة.
ولفت الحكيم إلى أنه في هذا السياق، يجب النظر بعين التشريح للحراك الذي يقوم به رئيس الجمهورية جوزيف عون والذي افتتحه بتعيين السفير سيمون كرم في الوفد المفاوض في لجنة الميكانيزم عشية اختتام علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، نبيه بري، زيارته إلى طهران.
وبيّن أن كل تلك الترتيبات المتعلقة بهذه الأجواء، تحتاج وجود الرئيس نبيه بري في المعادلة خاصة أن ما يمكن أن يقبل به الشيعة بوجوده، لن يقبلوا به في حالة غيابه عن الساحة، لذلك من المرجح أن يكون هناك تأجيل للانتخابات لمدة سنتين لتكون في عام 2028 وليس شهرين بأن تكون في شهر تموز/يوليو 2026 بدلا من أيار/مايو المُقبل، في ظل ما هو مطلوب أمريكيا من هذا المجلس.
واعتبر الحكيم، أن في هذا الصدد، هناك أمرين تطلبهما واشنطن من هذا المجلس الذي يترأسه نبيه بري الذي هو زعيم حركة أمل، النصف الثاني لـ"الثنائي الشيعي" مع حزب الله، الأول الموافقة على الذهاب إلى تفاوض مباشر من جانب لبنان مع إسرائيل، والثاني القيام بتوقيع اتفاقية من الممكن أن نسميها هدنة أو ما يعادلها، تجعل رئيس البرلمان مطمئنا على درة تاجه أي الجنوب اللبناني والمحافظة على بيئته هناك، وفق تعبيره.
بدوره، يرى أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الدكتور حسان الأشمر، أن ملف الانتخابات النيابية في لبنان سيكون الأبرز في عام 2026 لما لها من دور تلعبه في إعادة إنتاج السلطة في الدولة ورسم موازين القوى الداخلية في ظل التطورات والمتغيرات التي جرت لا سيما بعد العدوان الإسرائيلي الأخير في 2024 والمستمر باعتداءات حتى الآن.
وبيّن أن الخارج سيحاول استغلال هذا الاستحقاق النيابي لتغيير التوازنات القائمة وفرض واقع سياسي جديد من شأنه تشكيل حكومات بتوجه معين بالمرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن مسألة تأجيل الانتخابات لا ترتبط بموضوع نزع السلاح، بقدر ما يدور من محاولة إقرار تعديلات معينة على القانون المنظم للاقتراع.
وأوضح الأشمر، أن مسألة انتخاب المغتربين تشكل عائقا أساسيا أمام إجراء الاستحقاق حال استمرار النزاع على ذلك في وقت أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن الانتخابات لن تجري إلا وفقا للقانون الحالي والنافذ مما يعني أنه أمام إصرار بعض القوى الداخلية على تعديل القانون بشكل يسمح للمغتربين بالاقتراع على الـ 128 مقعدا، من الممكن أن يؤدي إلى انقسام أكبر وبالتالي تأجيل العملية التصويتية.
ونوه إلى أنه قد يطرح التأجيل لفترة زمنية تكون لمدة شهرين، رهانا على أنه قد يتيح عودة المغتربين في الصيف، تواجد مقترعين من أبناء لبنان بالخارج ولكن في ظل الأوضاع الأمنية السائدة، من المستبعد أن يكون إقبالهم كبيرا في هذا الوقت، مما لا يجعل أمام الخارج سوى الضغط باتجاه تمديد ولاية المجلس النيابي لعام أو اثنين، حال استمرار الانقسام الداخلي.
وأكد الأشمر أن التعقيدات كبيرة بالواقع السياسي الداخلي اللبناني أمام هذا الانقسام وهو ما تم الاعتياد عليه مع كل استحقاق، ولكن هذه المرة الأمور تزداد من حيث التداخلات وذلك بتصاعد نفوذ اللاعبين الخارجيين في المرحلة المقبلة، على اعتبار أن 2026 هو العام الذي يمكن أن يشهد تسويات كبرى بالمنطقة.