logo
العالم

"غسيل أموال".. سرقة الماشية تغذي التنظيمات المتطرفة في الساحل الأفريقي

"غسيل أموال".. سرقة الماشية تغذي التنظيمات المتطرفة في الساحل الأفريقي
راعي أبقار مع قطيعه في ساحل العاجالمصدر: أ ف ب
13 أغسطس 2025، 1:27 م

لم يعد نشاط التنظيمات المتطرفة في منطقة  الساحل الأفريقي مقتصرًا على تهريب الوقود أو الذهب فقط لدعم عملياتها، بل أصبحت تركز على الماشية، التي يتم تهريبها عبر شبكات غسيل الأموال التي تنتشر في بوركينا فاسو وغانا وساحل العاج.

أخبار ذات علاقة

لاجئات من الساحل الإفريقي

مسؤولون أمميون يحذرون من مخاطر تمدد الإرهاب في الساحل الأفريقي

وكشفت دراسة أمنية جديدة، أن سرقة الماشية من قبل الجماعات المتطرفة وقطاع الطرق والميليشيات المدعومة من بعض الدول أصبحت عنصرًا أساسيًّا في اقتصاد الحرب في المنطقة.

وتمتد هذه الظاهرة إلى عمق الساحل الغربي لأفريقيا، ولا تفيد الجناة فقط، بل أيضًا اللاعبِين الرئيسِين، مثل: الرعاة الأصغر سنًّا، والجزارين، والتجار، والناقلين.

وتوثّق الدراسة، التي نشرتها المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة، بالشراكة مع منظمة المرونة من أجل السلام ومنظمة العمل من أجل الحياة، تفاصيل تنظيم الجماعات المسلحة النشطة في منطقة الحدود الثلاثية بين بوركينا فاسو وساحل العاج وغانا، عمليات سرقة الماشية كوسيلة لتمويل مخططاتها، وتأكيد السيطرة الإقليمية وإضعاف القدرة المحلية على الصمود.

وواجهت بوركينا فاسو ومالي والنيجر، التي يقودها مجلس عسكري، هجمات عنيفة من قِبل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم داعش. 

وبينما لا تزال هذه الدول الساحلية تُشكّل جبهات لسرقة الماشية، تُعد بعض الدول الساحلية في غرب أفريقيا، مثل: غانا، وساحل العاج، مركزًا لغسل الأموال. ومع ذلك، شهدت بعض أجزاء ساحل العاج أيضًا غارات عنيفة وسرقة ماشية من قِبل هذه الجماعات.

إحصائيات

كشف المصدر أنه بين عامي 2022 و2024، تمت سرقة نحو 3 آلاف رأس ماشية أو أخذها بالقوة كشكل من أشكال الضريبة من الرعاة أو مالكي الماشية.

وأدى هذا الاقتصاد الحربي، الذي تدعمه "جماعة النصرة"، إلى سرقة نحو 3000 رأس من الماشية في بوركينا فاسو وساحل العاج.

وفي الفترة ما بين 2022 و2024، سُرق أكثر من 2000 رأس من الماشية في منطقة جنوب غرب بوركينا فاسو وحدها، بينما سجلت منطقة بونكاني في ساحل العاج 25 حادثة في عام 2024، شملت نحو 640 رأسًا من الماشية المسروقة، وهو ضعف عدد الحوادث في السنوات السابقة.

وفي منطقة غرب غانا، تقول مصادر أمنية إن السرقات الأخيرة تشمل الآن مئات الماشية في وقت واحد، وهو نطاق يعتبر خارج قدرة اللصوص الصغار.

أخبار ذات علاقة

نازحون في إحدى الدول الأفريقية

"وطن دون أوراق".. الحروب تخلّف نازحين "بلا جنسية" في الساحل الأفريقي

ويشير التقرير إلى أن "سرقة الماشية تظل أحد أكثر مصادر التمويل مرونة وربحية للجماعات المسلحة في المنطقة"، موضحًا أن هذا النشاط لم يعد مجرد جريمة انتهازية بل أصبح جزءًا من اقتصاد عابر للحدود الوطنية.

وإلى جانب جماعة نصرة الإسلام من بين الجناة الرئيسين الآخرين جماعة متطوعي الدفاع عن الوطن في بوركينا فاسو، وشبكة من قطاع الطرق والتجار المجرمين الذين يعملون عبر الحدود غير المحكمة. 

وفي المناطق الخاضعة لسيطرتها، تفرض جماعة النصرة "الزكاة" على مُربي الماشية، وتجمع مئات الأبقار سنويًّا كجزء من نموذجها الإداري. أما في المناطق التي تضعف فيها سيطرتها، فتلجأ الجماعة إلى النهب الصريح، وتستولي أحيانًا على قطعان بأكملها لترهيب المجتمعات المحلية أو معاقبتها.

وفي إحدى الحالات التي ذكرها التقرير، فقد أحد المربين في بوركينا فاسو، 400 رأس ماشية في ليلة واحدة. واتهمته الجماعة بالفساد وصادرت قطيعه عقابًا له. ومع ذلك، كانت ردود أفعال الدول في منطقة الحدود الثلاثية متناقضة في كثير من الأحيان.

وفي بوركينا فاسو، دعمت الحكومة ميليشيا حزب الشعب الديمقراطي، المتهمة الآن بانتهاكات حقوق الإنسان ونهب الماشية. 

أخبار ذات علاقة

جماعات مسلحة متشددة في مالي

بيان "نصرة الإسلام والمسلمين" في مالي.. محاولة لتكريس معادلة جديدة

ومنذ عام 2022، استهدفت حملات القمع العسكرية في ساحل العاج تسلل المتطرفين؛ ما أجبر جماعة النصرة على تحويل عملياتها نحو غانا، حيث تكون الرقابة أضعف.

وفي غانا، رغم عدم تسجيل أي هجمات مسلحة، فإن السلطات لم تفعل الكثير لمعالجة سرقة الماشية، ربما كجزء من إستراتيجية لتجنب إثارة العنف.

كما يُسلّط التقرير الضوء على أدلة متزايدة على أن الميليشيات التابعة للدولة أصبحت الجهة الرئيسة المسؤولة عن سرقة الماشية.

وبمجرد سرقتها، يتم تهريب الماشية عبر شبكات غسيل الأموال التي تنتشر في البلدان الثلاثة: بوركينا فاسو وغانا وساحل العاج.

ويتم غسل الأموال الناتجة عن سرقة الماشية في الأسواق الإقليمية، ثم نقلها إلى المدن الجنوبية، مثل: أكرا، وكوماسي، وأبيدجان حيث الطلب المرتفع على اللحوم.

ولتسهيل عملية غسل الأموال، يعتمد الفاعلون على كلٍّ من التدفقات النقدية والرقمية، بما في ذلك الأموال عبر الهاتف المحمول والخدمات المصرفية غير الرسمية على غرار الحوالة.

أخبار ذات علاقة

جنود ماليون

تخوضها الجماعات المسلحة.. حروب الاستنزاف تُرهق جيوش الساحل الأفريقي

ولا تقتصر عائدات سرقة الماشية على المقاتلين فحسب، بل يُفصّل التقرير سلسلةً متشابكةً من المستفيدين، بدءًا من الكشافة المحليين أو الرعاة الشباب، وصولًا إلى الناقلين والتجار الإقليميين.

وتكسب الجماعات المسلحة نحو 275 يورو للثور الواحد، وهو أقل من 360 يورو التي يجنيها عميل مرتبط بها بعد بيع الثور في الأسواق الإقليمية. 

وأشارت الدراسة إلى أن "سرقة الماشية في منطقة الحدود الثلاثية بين بوركينا فاسو وغانا وساحل العاج تسهم بشكل كبير في عدم الاستقرار الإقليمي"، داعية إلى مبادرات أمنية عبر الحدود والتعاون، وتحسين شفافية سوق الماشية وتنظيمه.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC