الجيش الأردني: شاركنا بضربات جوية مع التحالف على مواقع لداعش في جنوب سوريا
اعتبر الخبير في الشأن الأفريقي حمدي دويدارا، أن الصراع الدولي على ثروات القارة السمراء عمق أزماتها الداخلية والخارجية، وهو ما تسبب بالانقلابات والتوترات التي نراها اليوم.
وتشهد القارة الأفريقية في السنوات الأخيرة تصاعدا لافتا في موجات الانقلابات العسكرية، لا سيما في منطقة الساحل؛ ما يثير تساؤلات عميقة حول جذور هذه الظاهرة بين الإخفاقات الداخلية والتجاذبات الدولية.
وأضاف دويدارا في حوار مع "إرم نيوز" أن الصراعات خارج أفريقيا، كالحرب الروسية، الأوكرانية، انعكست على القارة؛ إذ تحرّكت أطراف دولية لفتح سفارات ونشاطات سياسية في الساحل بهدف ضرب مصالح منافسيها.
وفيما يلي نص الحوار:
لا شك أن هذه الظاهرة مؤسفة، ولا أحد يتمنى وقوع انقلاب في أي بلد، فالجميع يأمل أن يحتكم الساسة إلى قواعد اللعبة الديمقراطية القائمة على الحرية، وتعدد البرامج والرؤى، بما يخدم الصالح العام.
لكن، ورغم هذا التمني، فإن الانقلابات الأخيرة- كما حدث في مالي- جاءت عقب احتجاجات شعبية واسعة ضد طبقة سياسية وصلت إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، لكنها فشلت في تلبية تطلعات المواطنين، خاصة في ظل أزمات أمنية خانقة، وفساد مستشرٍ داخل دوائر السلطة.
إضافة إلى ذلك، يلجأ بعض الحكّام، حين يدركون ضعف فرصهم الانتخابية، إلى تعديل الدساتير وتمديد فترات الحكم، وهو ما حدث في غينيا كوناكري، وغينيا بيساو، وكذلك في بنين حيث جرى قمع المعارضة ومنعها من الترشح.
هذه الممارسات تشكّل الأسباب الحقيقية للانقلابات؛ إذ لا يمكن تحقيق استقرار سياسي دون ديمقراطية حقيقية تحترم الدستور، وتؤمّن المواطن، وتضمن تداول السلطة.
الشقّ الداخلي حاضر بقوة، من خلال غياب احترام الدستور وفشل البرامج السياسية. فالأزمة في مالي، مثلًا، بدأت أمنية في الشمال، ورغم التدخل العسكري الأجنبي، تفاقم الوضع وانتشر الإرهاب في مختلف أنحاء البلاد. لكن السؤال الأهم: لماذا تحظى هذه الانقلابات بتأييد شعبي رغم رفضها إقليميا ودوليا؟
الجواب يكمن في شعور الشعوب بأن الأنظمة “الديمقراطية” عقدت اتفاقات مع قوى كبرى لا تخدم مصالحها، وخضعت لأجندات غربية. لذلك، ينظر المواطنون إلى الانقلابات—كما في دول تحالف الساحل—كفرصة للتحرر من تلك الهيمنة.
بلا شك، أسهم التنافس الدولي على ثروات القارة في تعميق الأزمات. فالصراعات خارج أفريقيا، كالحرب الروسية، الأوكرانية، انعكست على القارة؛ إذ تحرّكت أطراف دولية لفتح سفارات ونشاطات سياسية في الساحل بهدف ضرب مصالح منافسيها، بتواطؤ أوروبي وأطلسي. وهكذا، تجد دول المنطقة نفسها بين تهديد الجماعات المتطرفة من جهة، وضغوط التنافس الدولي من جهة أخرى؛ ما يزيد المشهد تعقيدا.
هناك توجه متزايد نحو التعاون مع روسيا وتركيا والصين؛ لأن هذه الدول لا تفرض شروطا معقدة. ففرنسا، مثلًا، مكثت سنوات في مالي تحت شعار مكافحة الإرهاب، لكنها قيّدت تحركات الجيش المالي، ومنعت سيطرته على مناطق استراتيجية، إضافة إلى فرض قيود على تسليحه.
في المقابل، تقدّم روسيا وتركيا والصين دعما أقل تعقيدا؛ ما ولّد ارتياحا شعبيا ورسميا للتعامل معها، خاصة في الملف الأمني.
الموارد الطبيعية تمثل جوهر هذا الصراع. فالنيجر، رغم تصديرها اليورانيوم لفرنسا منذ عقود، لم تنعم بتنمية حقيقية أو كهرباء كافية لشعبها. ومع ذلك، لا يمكن تحميل القوى الخارجية وحدها المسؤولية؛ فهناك إخفاق واضح من الحكّام في إدارة الدولة ومحاربة الفساد، كما في شمال مالي الغني بالذهب، حيث لم ينعكس ذلك على التنمية أو الأمن. كما أن اكتشاف النفط والمياه في بعض المناطق يزيد من حدة التنافس، ويعقّد المشهد أكثر.
الانقلابات تخلّف آثارا سلبية، أبرزها العقوبات الاقتصادية التي تزيد من معاناة الشعوب، خاصة في الدول الحبيسة. لذلك، لا أحد يرغب في الانقلابات، لكن الوقاية الحقيقية تكون بتحقيق العدالة، ومحاربة الفساد، وتنمية حقيقية تقلل دوافع الانفجار السياسي.
المفتاح هو الشفافية ومحاربة الفساد، وقبول نتائج الانتخابات، واحترام التداول السلمي للسلطة. فحين يقبل الخاسرون بالهزيمة، وتكون صناديق الاقتراع هي الفيصل، يمكن تجنب الانقلابات.
لكن استمرار زعماء في الحكم لعقود- كما في الكاميرون حيث يحكم الرئيس منذ أكثر من 40 عاما- مع القمع ومنع المعارضة، يجعل الانقلابات احتمالا قائما. وإن لم تُعالَج هذه الاختلالات، فإن القارة الأفريقية مرشحة لمزيد من "المسلسلات الانقلابية"، للأسف.