logo
العالم

الرصاصة بدل صندوق الانتخابات.. عدوى الانقلابات العسكرية تشل أفريقيا

مسلحون في ماليالمصدر: (أ ف ب)

تنتشر عدوى الانقلابات العسكرية من منطقة الساحل إلى وسط إفريقيا، مرورًا بالمحيط الهندي، واللافت في هذه الموجة الجديدة هو الثقة المطلقة التي يتحلى بها العسكريون مدبرو الإطاحة بالأنظمة المنتخبة.

وولّى زمن عمل الجيش سرًّا، تحت سيطرة قوى أجنبية، إذ بات الانقلابيون اليوم، يتصرفون علنًا ويدّعون أن أفعالهم هي بدافع "تحرير البلاد"، والأكثر من ذلك، أنهم غالبًا ما يحظون بتأييد شعبي حقيقي، تغذيه سنوات من خيبة الأمل الديمقراطية.

أخبار ذات علاقة

مركبة مسلحة تابعة للجيش النيجري

"اتحاد النيران".. جبهة تطرف جديدة تثير القلق في الساحل وغرب أفريقيا

وتتزايد قائمة الدول الإفريقية التي شهدت انقلابات عسكرية بشكل مطرد منذ عام 2020، وكادت بنين، التي تُعدّ مختبرًا للديمقراطية في القارة، أن تقع ضحية انقلاب يوم الأحد الـ7 من كانون الأول/ ديسمبر، وأعلن أفراد من الجيش لفترة وجيزة سقوط الرئيس باتريس تالون على الهواء مباشرة عبر التلفزيون الرسمي. لكن استعادت السلطات البنينية، بدعم من نيجيريا وفرنسا، السيطرة على العاصمة الاقتصادية كوتونو، بعد ساعات من الفوضى والاشتباكات التي أسفرت عن سقوط العديد من القتلى.

 ومن المقرر أن يتنحى الرئيس تالون عن منصبه في نيسان/ أبريل المقبل بعد أن قضى فترتين رئاسيتين.

وعلى مدار خمس سنوات نجحت تسعة انقلابات، اثنان في مالي، واثنان في بوركينا فاسو، وواحد في كل من غينيا، والنيجر، والغابون، ومدغشقر، وغينيا بيساو، وهي دولة ناطقة بالبرتغالية ولكنها جزء من منطقة الفرنك الفرنسي.

ولم تعد إدانات المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" والاتحاد الإفريقي محاولات الانقلاب تردع قادة الانقلاب، بل إن هذه المنظمات أقرت الأمر الواقع في نهاية المطاف بوصفه "مرحلة انتقالية" بمجرد أن وعد الحكام الجدد بإجراء إصلاح ديمقراطي شامل.

وصرح أحد المطلعين الأفارقة على الوضع السياسي في القارة لـ"إرم نيوز"، "لقد بدأنا نشعر بالأسف لعدم وجود شرطي لإفريقيا لمنع تكاثر كل هذه الانقلابات".

وعرف عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، أنها كانت الممسكة بزمام الأمور لعقود رغم منحها الاستقلال للكثير من الدول، غير أنها اضطرت قواتها إلى الانسحاب تحت ضغط الشارع الغاضب من سياساتها أو على خلفية التغييرات غير الدستورية.

ويعود تدهور الوضع الأمني في منطقة الساحل وغرب إفريقيا إلى سقوط معمر القذافي في ليبيا عام 2011 الذي أدى لزيادة كبيرة في التسلح بالمنطقة وتفاقم انعدام الأمن.

وكان هجوم المتطرفين الذي شنّه مقاتلو الأزواد المتدربون بليبيا في شمال مالي عام 2012 أول هجوم يزعزع استقرار البلاد. وأدى التمرد والاحتجاجات الشعبية في نهاية المطاف إلى سقوط الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، الذي أطاح به المجلس العسكري في الـ18 من آب/ أغسطس 2020، بعد سبع سنوات في الحكم.

بعد مرور عام تقريبًا، أوصل انقلاب ثانٍ الجنرال أسيمي غويتا إلى السلطة في مالي. وبعد طرد القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة من البلاد بشكل منظم، عززت روسيا نفوذها في المنطقة عبر جماعة فاغنر شبه العسكرية التي كان يقودها المرتزق يفغيني بريغوجين (الذي توفي عام 2023).

ولم تكن حالة مالي معزولة على الإطلاق، فقد هز انقلابان عسكريان متتاليان بوركينا فاسو في عام 2022. وفي تموز/ يوليو 2023، أُطيح برئيس النيجر، محمد بازوم، واحتجزه حرسه الرئاسي رهينة.

وحسبما صرح الباحث المالي المتخصص في الشؤون الإفريقية، أومو مكجي، فإن الجيوش المتعطشة للسلطة تستغل الوضع الأمني للاستيلاء على السلطة، وغالبًا ما يكون ذلك على خلفية غضب شعبي، ومع ذلك، لم يؤدِ تنصيب مجالس عسكرية إلى انخفاض في العنف، بل إن الوضع ازداد سوءًا حسب اعتقاد الباحث.

ماذا تعرف عن تغلغل الجماعات المتطرفة في أفريقيا؟

وحاليًّا وفق مكجي لـ"إرم نيوز"، تخيم مخاوف انقلاب عسكري آخر على مالي، حيث تُكثّف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وهي أقوى تنظيم مسلح في المنطقة، هجماتها على قوافل الوقود وتُحكم قبضتها على العاصمة باماكو.

أما في نيجيريا المجاورة، التي يبلغ عدد سكانها 235 مليون نسمة، فتُحافظ الحكومة على تماسكها رغم المحاولات العديدة لزعزعة الاستقرار وعمليات الخطف المتكررة التي ترتكبها الجماعات المسلحة.

وبعد منطقة الساحل، بات التهديد يهز بعض دول خليج غينيا فمنذ كانون الثاني/ يناير، قُتل عشرات الأشخاص في شمال توغو خلال بضع هجمات، كما رُصدت بوادر أولية في غانا. وقد انتشرت هذه الظاهرة في جميع أنحاء المنطقة. 

وأعربت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) مؤخرًا عن قلقها، والدليل على ذلك، سجلت الأمم المتحدة 450 هجومًا إرهابيًّا في غرب إفريقيا منذ بداية العام.

لذلك يرى مراقبون أن انعدام الأمن هو العامل الرئيسي في ظهور هذه الانقلابات، ويضاف إليها حالة رؤساء الدول الذين يرغبون في البقاء في السلطة رغم الغضب الشعبي.  

أخبار ذات علاقة

الزعيم الانتقالي لغينيا بيساو الجنرال هورتا نتام

المعارضة تشكّك و"إيكواس" تضغط.. الانقلاب يُغرق غينيا بيساو في المجهول

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC