تسلمت أوغندا حزمة عسكرية روسية ضخمة تقدّر قيمتها بنحو 53 مليون دولار، في خطوة تعكس توسعًا واضحًا في العلاقات الدفاعية بين كمبالا وموسكو.
وجرت عملية التسليم في 26 أكتوبر الماضي بكلية اللوجستيات والهندسة في ماغاما، بحضور الرئيس يويري موسيفيني والسفير الروسي فلادلين سيميفولوس.
وتضم الحزمة معدات هندسية ثقيلة تمثل نقلة تشغيلية مهمة لقوات الدفاع الشعبية الأوغندية، أبرزها مركبتان مدرعتان متعددتا المهام من طراز IMR المبنيّة على هيكل دبابة T-55، والمصممة لفتح الطرق وإزالة الأنقاض في بيئات قتالية معقدة، بحسب "Military Africa".
كما شملت حفّار خنادق TMK-2 عالي الكفاءة، وشاحنات GAZ-66 مجهزة بملاجئ ومولدات طاقة ميدانية.
وفق مراقبين، فإن هذه المنظومة من المعدات تُحسّن بشكل مباشر قدرة الجيش الأوغندي على تنفيذ مهام التحصين، وتهيئة المسارات، وبناء البنى الهندسية للعمليات القتالية على نحو لم يكن متاحًا سابقًا بهذا الحجم والتكامل.
موسكو تتوسع في الأمن المائي لشرق أفريقيا
إلى جانب المعدات البرية، سلّمت روسيا حزمة بحرية تخدم الأمن المائي الأوغندي في بحيرة فيكتوريا والحدود النهرية، تضمنت قارب دوريات BL-820 المستخدم في البحرية الروسية، إضافة إلى قاربين قابلين للنفخ من إنتاج شركة "Mnev & Co".
هذه الأنظمة، ذات الحركة العالية والقدرات المتعددة، ستعزز قدرة أوغندا على تنفيذ مهام التفتيش، الاعتراض، مكافحة التهريب، وإنقاذ الطوارئ، وهي مهام تكتسب أهمية في ظل التهديدات العابرة للحدود في شرق أفريقيا.
وتتجاوز الشراكة المعدات لتصل إلى البنية التحتية الإستراتيجية، إذ أكّد السفير سيميفولوس أن هذه المنظومة ليست سوى المرحلة الأولى من اتفاق شامل، بينما تتضمن المرحلة الثانية، المقرر إنجازها بحلول سبتمبر 2026؛ إنشاء منشأة صيانة وإصلاح وتجديد (MRO) للمركبات المدرعة في ماغاما، وموقع تخزين مخصص لقوارب الدورية، ورصيف عائم حديث في عنتيبي.
بهذه الخطوات، تسعى أوغندا للانتقال من الاعتماد الخارجي المكلف إلى تطوير قدراتها المحلية في الصيانة والإصلاح، وهو توجّه بات متناميًا في عدد من الجيوش الأفريقية.
عودة النفوذ الروسي إلى أفريقيا
يصف الرئيس موسيفيني هذا التعاون بأنه امتداد لـ"الصداقة التاريخية" بين البلدين منذ الحقبة السوفيتية.
وجاءت الهبة الروسية في سياق سلسلة لقاءات وزيارات رفيعة المستوى، أبرزها زيارة وفد عسكري روسي في أغسطس 2024، وزيارة قائد الجيش الأوغندي إلى موسكو، إضافة إلى اجتماعات متكررة بين القوات الخاصة الأوغندية والقيادة العسكرية الروسية.
وتشير التحليلات إلى أن الحزمة الحالية تعد واحدة من أكبر التبرعات العسكرية الثنائية التي تلقتها أوغندا في العقد الأخير، ما يعكس رغبة موسكو في تعزيز حضورها داخل شرق أفريقيا، مقابل محاولات دول أخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، تعزيز نفوذها العسكري في المنطقة.
كما تأتي هذه الخطوة استكمالًا لالتزامات روسية سابقة أُعلنت في قمة روسيا–أفريقيا 2023، الهادفة إلى تحويل أوغندا إلى مركز إقليمي لصيانة المعدات العسكرية الروسية وإنتاج الأسلحة الخفيفة.
وتواصل أوغندا الاعتماد على المعدات الروسية في قواتها، إذ تشغّل مروحيات Mi-24 وMi-171، ودبابات T-90، ومعدات استطلاع متنوعة، ما يجعل تطوير البنية التحتية للصيانة داخل البلاد ضرورة إستراتيجية.
تشير الهبة الروسية وما يتبعها من بنية تحتية عسكرية إلى تحوّل تدريجي في قدرات الجيش الأوغندي، وتعميق لشراكة قد تسهم في إعادة رسم توازنات القوى الإقليمية في شرق أفريقيا.
وفي وقت تبحث فيه كمبالا عن تنويع مصادر السلاح وتقليل الاعتماد الخارجي، تبدو موسكو لاعبًا مستعدًا للدخول بقوة إلى المنطقة، في سياق تنافس عالمي متصاعد على النفوذ العسكري داخل القارة.