logo
العالم

أردوغان على خط واشنطن-موسكو.. ما حدود الوساطة التركية؟

دونالد ترامب ورجب طيب أردوغان المصدر: رويترز

ذكرت مصادر تركية مطلعة أن أنقرة تسعى لترسيخ مكانتها كلاعب محوري على الساحة الدولية، خصوصاً في ملفات الصراع التي تمس أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية، وعلى رأسها الملف الأوكراني الروسي.

إذ ترى تركيا أن نجاحها في هذا المسار سيعزز سمعتها كوسيط موثوق ويقلل من التوترات على حدودها الشرقية القابلة للاشتعال.

أخبار ذات علاقة

أردوغان وترامب في قمة شرم الشيخ

يحد من نفوذ إسرائيل.. تقرير عبري يحذر من تقارب أردوغان وترامب

توازن دقيق

وقالت المصادر، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إن تركيا تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين الغرب وروسيا، دون أن تُحسب على أي محور، من خلال علاقات متزنة تسمح لها بالتحرك بحرية دبلوماسية ضمن أدوار متعددة الأطراف.

وأضافت أن الدور التركي الجديد، رغم صعوبته وتعقيداته، قد يمنح أنقرة فرصة لتأكيد حضورها في الملفات الدولية الكبرى، شريطة أن يحظى بدعم أمريكي واضح وضمانات روسية تفتح المجال أمام وساطة واقعية قابلة للتنفيذ.

وذكرت المصادر أن تركيا تسعى لكي تكون لاعباً أكثر وزناً على الساحة الدولية، خصوصاً في ملفات الصراع، وإذا نجحت هذه الوساطة في أوكرانيا، فهذا يعزز سمعتها ومكانتها ويقلل التوتر على الحدود الشرقية القابلة للانفجار، لأن هذا الأمر له ارتباطات بالأمن القومي والمصالح الاستراتيجية في المنطقة ويزعزع أمن واستقرار تركيا ومقومات استقرار الطاقة.

علاقات متوازنة

وأوضحت أن تركيا لا تريد أن تحصر أو تُحصَر في خانة العداء مع روسيا، وبالوقت نفسه تحافظ على علاقات متوازنة بين الغرب وروسيا، وبين الأخيرة والولايات المتحدة، وهنا يتم منحها الدور. فسبق أن استضافت عدة لقاءات ولعبت دوراً في الملف الإنساني والغذائي، مشيرة إلى أن لروسيا مطالب لن تتنازل عنها، وهذا يجعل مهمة تركيا شبه مستحيلة، وما يصعب المهمة عليها.

واستطردت المصادر أنه عندما تمنح أمريكا تركيا هذا الدور الشاق، سيدفعها ذلك نحو الانشغال بملفات أخرى ربما لا تكون أولوية بالنسبة لها، لذلك فإن الدور التركي لن يكون فاعلاً بشكل كبير، كما أنه سيكون منوطاً بوساطة ربما لا تؤدي لأي انفراجات إذا لم يكن هناك ترتيب أميركي-روسي.

وأشارت المصادر إلى أن تركيا حافظت على علاقات متزنة مع روسيا ومع أوكرانيا، مما يجعلها لاعباً محايداً رغم أن هناك خلافاً في بعض الملفات. مثلاً، هي تدين ما تسميه "الغزو الروسي" وتدعم سلامة الأراضي الأوكرانية، لكن بالمقابل لم تنضم بالكامل إلى بعض العقوبات الغربية ضد روسيا، وتحافظ على مصالحها الاقتصادية.

وأكدت المصادر أن هذا التوازن يعطيها دوراً يمكن أن يفيد مع الروس والأوكرانيين، لأن موقع تركيا الجيواستراتيجي، فهي تطل على البحر الأسود، وهي دولة وسيطة بين الشرق والغرب، وبلد مهم لنقل الطاقة والأمان البحري. وقربها من النزاع يسهل الاستضافة والتواصل ويعطيها فهماً أعمق للتهديدات والمخاطر.

دور كبير

ونوهت المصادر إلى أن أنقرة لديها خبرة بالوساطات سابقاً، مثل مبادرة الحبوب واستضافت محادثات تبادل الأسرى وغيرها، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منفتح على أن يقوم بدور دولي وتحقيق مكاسب سياسية، تحديداً في هذا الملف نتيجة قربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهذه من الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة للاعتماد على تركيا.

وبيّنت المصادر أن واشنطن ترى في أنقرة أيضاً أنها تستطيع أن تعمل ضمن إطار متعدد الأطراف وتتعامل مع التناقضات، وهذا أمر تراه أمريكا جيداً، مؤكدة أن توزيع الأدوار التي تقوم بها الولايات المتحدة بكل تأكيد يخدم المصالح الأمريكية وأجنداتها، وتركيا تريد أن تثبت دورها في المنطقة بأن الأمريكي يعتمد عليها في حل ملفات معقدة كالملف الأوكراني الروسي.

واختتمت حديثها مؤكدة أنه إذا نجحت تركيا بهذا الأمر، سيكون لها دور كبير في الشرق الأوسط وفي المنطقة بشكل عام، مؤكدة أن أردوغان يريد أن يكون اللاعب البارز في الملف الأوكراني الروسي.

أردوغان وترامب

خبرة سابقة

بينما رأى المحلل السياسي التركي، إسلام أوزكان، أن ترحيب موسكو بتركيز ترامب على تسوية حرب أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار في غزة، يفتح نافذة لمسار دبلوماسي جديد قد يكون لتركيا فيه دور "مُمكّن" لا "صانع صفقة".

وأضاف أوزكان لـ "إرم نيوز" أن أنقرة تمتلك أوراقاً عملية: خبرة وساطة سابقة (إسطنبول 2022 واتفاق الحبوب)، نفوذ بحري في البحر الأسود عبر مونترو، وقنوات مفتوحة مع موسكو وكييف والغرب، كما يمكنها دفع خطوات تقنية وإنسانية قابلة للتحقق، مثل تأمين الملاحة وتبادل الأسرى وترتيبات سلامة محطة زابوريجيا، وربما مراقبة منخفضة الكلفة بطائرات مسيّرة وأصول بحرية.

وأكد أن حدود تأثير تركيا واضحة: لا تملك أدوات ضغط قسرية على الطرفين، وتجد حساسية داخل الناتو والاتحاد الأوروبي، فيما تطلب موسكو ضمانات أمريكية مباشرة، وتخشى كييف "تجميداً" للصراع، لذلك، العودة إلى صيغة 2022 بحذافيرها غير واقعية.

وأوضح أن الأنسب مسار تدريجي من 4 طبقات: إجراءات إنسانية وتقنية أولاً، ثم تهدئات محلية قابلة للتمديد مع مراقبة تقنية، يتبعها حوافز اقتصادية محدودة، وفوقها مسار سياسي تستضيفه تركيا برعاية وضمانات أميركية.

وأكد أن حسابات أنقرة ترتكز على تثبيت صورتها كوسيط ضروري وجني مكاسب أمنية واقتصادية غربية، فيما ترى واشنطن فائدة في "تفويض تنفيذي" لتركيا مع احتفاظها بمفاتيح الضمانات.

واختتم أوزكان حديثه بالتأكيد على أن تركيا قادرة على خفض المخاطر وخلق زخم ثقة، لكن اختراقاً سياسياً يتطلب مظلة وضمانات أميركية وتطمينات واضحة لأوكرانيا وحلفائها.

أخبار ذات علاقة

الرئيس ترامب يتحدث مع الصحافة على متن طائرة الرئاسة

ترامب يكشف عن دور محتمل لأردوغان في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

تهميش وإشراك

من جانبه، قال الخبير في الشؤون التركية، محمود علوش، إن تركيا بعدما كان دورها مهمشاً في غزة خلال العامين الماضيين، أصبحت طرفاً رئيساً على الطاولة في هذا الملف، ومن الواضح أن ترامب دفع من أجل إشراك تركيا ليس فقط لكي يكون لأنقرة دور في الترتيبات الأمنية الجديدة في غزة، بل أيضاً على مستوى المنطقة.

وأضاف الخبير لـ "إرم نيوز" أن الحرب الروسية الأوكرانية من بين القضايا التي يرغب ترامب أن يحدث خرقاً فيها ووضع نهاية لها، وهنا يمكن لتركيا أن تلعب دوراً محورياً في مجال الوساطة، بالنظر إلى علاقاتها الجيدة عملياً مع كل من روسيا وأوكرانيا، ويريد ترامب أن يستفيد من وضع تركيا في هذا الملف من أجل أن يخدم الدور التركي هدفه في نهاية المطاف والتوصل إلى تسوية لهذه الأزمة.

وأشار إلى أن في الملف الأوكراني، تبدو الوساطة التركية معقدة لأسباب كثيرة على رأسها، أن الصراع الروسي-الأوكراني ليس صراعاً روسياً-أوكرانياً فحسب، بل هو صراع بين روسيا والغرب، وعلى مستوى الغرب أيضاً هناك تباين كبير في مصالح وسياسات الدول الغربية، ونجد هذا التباين في العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأوضح علوش أن عدم الانسجام في السياسات الأوروبية والأمريكية يقوض من قدرة أي طرف وسيط في لعب دوره، لكن رغم ذلك، خلال الفترة المقبلة سيكون هناك المزيد من الانخراط التركي في مجال الوساطة بين موسكو وكييف، في حين ستحاول أنقرة أن تعتمد على الزخم الجديد الذي اكتسبته خلال ولاية ترامب من أجل تحقيق هذا الهدف.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC