logo
العالم
خاص

المحامي الفيدرالي للدفاع يكشف لـ"إرم نيوز" أسرار وتطورات قضية إبستين

المحامي الفيدرالي للدفاع يكشف لـ"إرم نيوز" أسرار وتطورات قضية إبستين
المحامي الفيدرالي للدفاع رونالد تشابمان الثانيالمصدر: إرم نيوز
13 أغسطس 2025، 7:56 ص

في خضم الجدل المستمر حول قضية جيفري إبستين، التي هزّت الأوساط السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة والعالم، تتكشف بين الحين والآخر تفاصيل جديدة تعيد فتح الملف، وتثير أسئلة صعبة حول حقيقة ما جرى، ومن المستفيد من طيّ الصفحات المظلمة في حياته.

ما زالت غيسلين ماكسويل، الصديقة المقرّبة والشريكة السابقة لإبستين، تقبع في السجن، وسط أنباء عن احتمال حصولها على عفو مقابل تقديم معلومات حساسة قد تطال شخصيات رفيعة المستوى. وفي ظل هذه التطورات، يتزايد الاهتمام بتشابك خيوط القضية، بين شبهات الاتجار بالبشر، والاحتيال المالي، والعلاقات التي ربطت إبستين بكبار المسؤولين في عالم السياسة والمال.

في هذا الحوار الخاص مع "إرم نيوز"، يفتح لنا رونالد تشابمان الثاني، المحامي الفيدرالي للدفاع، ملفات حساسة تتعلق بالقضية، ويكشف رؤيته لما جرى في الكواليس، والاتجاه المحتمل الذي قد تأخذه التحقيقات في الفترة المقبلة.

أخبار ذات علاقة

ملصق يحمل صورة ماكسويل وإبستين

قاضٍ يرفض الكشف عن نصوص هيئة المحلفين الكبرى لصديقة إبستين

  هناك حديث واسع عن شبكات اتجار بالبشر مرتبطة بجيفري إبستين، لكنك تشير اليوم إلى أن القصة الحقيقية تتعلق بأمواله وعلاقاته السياسية. كيف تفسر ذلك؟

 استنادًا إلى تحقيقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك تحقيق المدعية العامة، لم يعثر على أدلة تؤكد وجود مؤامرة واسعة النطاق للاتجار بالبشر مرتبطة بجيفري إبستين. وهذا بحد ذاته أمر يثير اهتمام الكثيرين. لكن ما يجب فعله هو النظر بعمق، للتأكد مما إذا كان جزء كبير مما يُقال مجرد تضخيم إعلامي.

الأدلة المتوفرة حتى الآن تُشير إلى أن أنشطة إبستين كانت محدودة نسبيًا، ولا توجد مؤشرات على تورّط شخصيات مثل بيل  كلينتون أو دونالد ترامب أو غيرهما. قد يكون العنوان مغريًا إعلاميًا، لكنه لا يستند إلى دلائل ملموسة حتى الآن.

 

ومع ذلك، أود الإشارة إلى أمر لافت جدًا، لا يرتبط بالاتجار بالبشر، بل بعلاقة إبستين بالبيت الأبيض في عهد كلينتون خلال التسعينيات. إبستين كان ممولًا جمع نحو 450 مليون دولار من خلال مخطط بونزي – وهو نوع من الاحتيال المالي – دون أن تُوجَّه له أي تهم في هذا السياق.

السبب؟ المدعي العام في نيويورك سحب القضية من نظيره في شيكاغو وقام بإغلاقها، ثم لاحقًا حصل إبستين على اتفاق إقرار بالذنب في قضايا فلوريدا عام 2007.

عندما نراجع ذلك، نكتشف أن إبستين نجا فعليًا من قضيتين كبيرتين على الأقل كان يمكن أن يُدان فيهما. والسؤال: كيف أفلت؟ البعض يربط ذلك بضلوعه في إنشاء "مبادرة كلينتون العالمية"، وهو أمر – بحسب معلوماتي – يخضع لتحقيق من قِبل الرئيس ترامب حاليًا.

لذلك، أستطيع القول إن القصة الحقيقية لم تعد تتعلق بالاتجار بالبشر، بل أصبحت تدور حول: كيف جنى إبستين أمواله؟ ولمصلحة من؟ وما دوره في مبادرة كلينتون العالمية؟

 المتهمة الموقوفة حتى الآن، غيسلين ماكسويل، وهي صديقة جيفري إبستين، التقت نائب المدعي العام وقد تُمنح عفوًا مقابل معلومات تملكها. ما طبيعة هذه المعلومات؟ وبمن يمكن أن تطيح؟

 ما حدث حتى الآن هو أن غيسلين ماكسويل جلست، في خطوة نادرة جدًا، مع نائب المدعي العام الأمريكي، وهو ثاني أعلى منصب قضائي في وزارة العدل. وبعد تلك الجلسة، يُرجَّح أنه طُرحت فكرة منحها عفوًا، وفي حال تم ذلك، فهذا يعني إسقاط التهم الموجهة إليها، وإطلاق سراحها من السجن.

في النظام القضائي الأمريكي، لا يُمنح العفو إلا مقابل تقديم معلومات بالغة الأهمية. ويُمنح عادة لمن سدد دينه للمجتمع، أو قضى وقتًا كافيًا في السجن، أو أبدى ندمًا حقيقيًا. أما في حالة ماكسويل، فهي تطلب العفو كورقة ضغط مقابل ما تملكه من معلومات حساسة عن آخرين.

السؤال  هنا من هم هؤلاء الآخرون؟ وما الذي يمكن أن تقدمه ماكسويل ليكون ذا قيمة كافية يُقنع وزارة العدل أو حتى الرئيس دونالد ترامب بمنحها عفوًا؟

أعتقد أن المعلومات التي قدّمتها ماكسويل لا تتعلق بالاتجار بالبشر كما يشاع، بل تركز على الاحتيال المالي، وإخفاء الأموال، وغسل الأموال، وهي أنشطة كان جيفري إبستين متورطًا بها على نطاق واسع.

أخبار ذات علاقة

جدارية لترامب وإبستين

ديمقراطيون يستندون إلى نص قانوني قديم للمطالبة بنشر ملفات إبستين

هذا النوع من المعلومات هو الوحيد الذي يمكن أن يكون بالغ الأهمية من الناحية القانونية والسياسية، وقد يكون كافيًا لدفع الإدارة إلى التفكير في منحها عفوًا، خصوصًا إن كانت تتعلق بأسماء رفيعة المستوى، وهو ما تشير إليه بعض التسريبات.

ماكسويل تدرك تمامًا أن هذه الورقة هي وسيلتها الوحيدة للخروج من السجن، وسط قضية معقدة تتشابك فيها الخيوط بين المال، والنفوذ، والمعلومات الخطيرة.

هناك نظريات عديدة حول وفاة جيفري إبستين داخل السجن. برأيك، هل انتحر بالفعل، أم أن هناك من سهّل له ذلك أو أتاح له الظروف المناسبة؟

هذا سؤال مثير للاهتمام، والإجابة عليه ليست سهلة. سأقول لك إنني بحثت في هذا الملف بشكل معمّق، بحكم كوني محاميًا فيدراليًا مختصًا في قضايا الجرائم المالية، وقد تعاملت مع أشخاص مثل جيفري إبستين، وكنت على دراية وثيقة بحياتهم أثناء مواجهتهم للنظام القضائي.

من النادر جدًا أن يُقدم شخص يواجه ضغوطًا من هذا النوع على الانتحار، خصوصًا إذا لم تكن لديه مؤشرات على اضطراب نفسي أو مرض عقلي، كما كان الحال مع إبستين، الذي كان – وفقًا للمعلومات – متكيّفًا اجتماعيًا ويبدو مستقرًا نفسيًا.

رؤية ما حدث تطرح فرضيتين: إما أنه كان قلقًا للغاية مما قد يواجهه لاحقًا، أو أن هناك طرفًا ما كان متورطًا بشكل غير مباشر. شخصيًا، أنا أعتمد على الأدلة، وحتى الآن لا توجد أدلة قاطعة على أن جيفري إبستين قُتل، لكن من الممكن أن يكون هناك من سهّل له الانتحار أو تعمّد تجاهل مؤشرات على نيّته القيام بذلك.

في زنزانته، وُجدت أشياء لا يُفترض أن تكون موجودة، كما أن كاميرات المراقبة لم تكن تعمل، وتُرك وحيدًا لفترات غير مبررة، وربما حتى فُتح له الباب بشكل غير مباشر، سواء عبر الإهمال أو التغاضي، ليفعل ما فعله.

لذلك، ورغم عدم وجود دليل جنائي يثبت وجود طرف خارجي نفّذ عملية قتل، فإن الظروف المحيطة بوفاته كانت مريبة للغاية، وتدفع إلى التساؤل عمّا إذا كان هناك من أراد التخلص من عبء وجوده، دون أن يترك بصمات واضحة.

 بعد وفاة جيفري إبستين، أصبحت غيسلين ماكسويل قادرة على قول ما تشاء. هل يمكن أن تُشكّل شهادتها ورقة ضغط حاسمة في القضية، أم أن تأثيرها محدود؟

مع رحيل إبستين، باتت ماكسويل بالفعل قادرة على قول ما تريد، إذ لم يعد هناك من يردّ على ما تقوله أو يدحضه. ومع ذلك، هناك مبدأ قانوني مهم في النظام القضائي الأمريكي يجب أخذه بعين الاعتبار: عندما يُدلي شريك في المؤامرة — مثل ماكسويل — بمعلومات تؤدي إلى اعتقال طرف آخر، فلا بدّ أن تُدعَّم هذه المعلومات بأدلة مستقلة.

أخبار ذات علاقة

4 سيناريوهات خطيرة تهدد مستقبل ترامب بسبب فضيحة إبستين

فضيحة إبستين تثير 4 سيناريوهات "خطيرة" تهدد مستقبل ترامب (فيديو إرم)

بمعنى آخر، لا يكفي أن تُدلي بشهادات شفوية، بل يجب أن يتم التحقق من أقوالها عبر فحص سجلات البريد الإلكتروني، والبيانات المالية، والرسائل النصية، وغيرها من الأدلة. وإن لم تكن هناك أدلة تدعم أقوالها، فلن تُعتبر شهادتها ذات مصداقية قانونية.
لذا، ما تملكه ماكسويل من معلومات قد يكون ورقة ضغط قوية فقط إذا دعمتها وثائق وأدلة قابلة للتحقق.

ظهرت صور لإبستين مع شخصيات سياسية ونافذة.. إلى أي مدى يمكن اعتبار تلك الصور دليلاً على تورّطهم في أنشطته غير القانونية؟

رؤية إبستين في صور مع شخصيات سياسية أو عامة قد تبدو مثيرة للقلق من الناحية العامة، لكنها لا تُعدّ دليلاً قانونيًا على تورطهم. فحقيقة وجود صورة تجمعه مع بيل كلينتون، أو ظهوره في مناسبات اجتماعية مع شخصيات بارزة، ليست كافية لإثبات أي علاقة جنائية.

في حفلات جمع التبرعات أو الفعاليات الاجتماعية الكبرى، لا يقوم المنظمون عادةً بالتحقق من خلفيات جميع الحضور، ومن الطبيعي أن يتواجد أشخاص في نفس المكان دون معرفة بعضهم البعض عن كثب أو التورط في نشاطات بعضهم البعض.

الحقيقة أن جيفري  إبستين كان محتالًا ذكيًا، يجيد التسلل إلى دوائر النخبة، واستغل ذلك لبناء سمعته والتأثير في الآخرين.
كان يدير شركة استشارات مالية لا تقبل إلا العملاء الذين يملكون أصولاً تتجاوز مليار دولار، ولذلك كان بحاجة إلى صور مع شخصيات شهيرة لإقناع عملائه المحتملين بأنه جدير بالثقة والاستثمار.

لكن وجود تلك الصور لا يعني بالضرورة أن الشخصيات الظاهرة معه كانت على علم بأنشطته أو متورطة فيها.

الشخص الوحيد المعروف بأنه كان على ارتباط وثيق وواضح بإبستين هو مؤسس شركة فيكتوريا سيكريت، الذي يُقال إنه استثمر مئات الملايين من الدولارات معه، ويُعتقد أنه كان بوابته إلى عالم الأثرياء والنفوذ.

إذا لم يكن هناك دليل قوي على تورط شخصيات بارزة في الاتجار بالبشر أو تورط إبستين نفسه، كيف تفسّر ظهور الفتيات القاصرات وبعض الصور المثيرة للجدل؟

في رأيي، هذا نتيجة لتضخيم إعلامي كبير. فقد كانت صحيفة "أورلاندو سنتينيل" هي أول من فجّر القضية في عام 2007 تقريبًا. حينها، حاولت الشرطة التستر على بعض التفاصيل، لكن ما ظهر من أدلة يشير إلى أن أنشطة إبستين كانت محصورة به شخصيًا، ولا توجد أدلة تُثبت تورط شخصيات أخرى معه.

ببساطة، لا شيء حتى الآن يُثبت أن شخصيات بارزة كانت منخرطة في أنشطة اتجار بالبشر إلى جانب إبستين. لو كان الأمر كذلك، لكنا رأينا صورًا أو أدلة واضحة على ذلك. كل ما تم تداوله حتى الآن لا يتعدى صورًا هامشية، كصورة لأحدهم وهو يُدلك ظهر بيل كلينتون، وهذا ليس دليلًا على الجريمة.

بناء قضية اتجار بالبشر على نطاق واسع ليس أمرًا صعبًا لو توفرت الأدلة، والحقيقة أن جيفري  إبستين كان شخصًا منحرفًا بالفعل وارتكب أفعالًا مشينة، وقد يكون فعلها بمشاركة عدد محدود جدًا من الأفراد.

وهنا من المهم الإشارة إلى محاكمة غيسلين ماكسويل، حيث وجهت لها تهمة التآمر مع إبستين. ولو كانت هناك أدلة على تورط شخصيات بارزة أخرى، لكان المدّعون استغلوا ذلك لتوسيع نطاق القضية، لكن هذا لم يحدث.

لذلك، من الأرجح أن القضية تدور في جوهرها حول إبستين نفسه، وحول مصادر أمواله وعلاقاته المالية، لا حول شبكة اتجار بالبشر موسعة تضم شخصيات معروفة.

هل يمكن القول إن ملف جيفري إبستين يوشك على الانتهاء أو إغلاق ملف الاتجار بالبشر، أم أننا أمام تحقيقات قد تكشف المزيد من الأسماء الكبيرة؟

 لا أعتقد ذلك. أظن أن الرئيس ترامب يحقق حالياً في الأنشطة المالية لإبستين، وقدّمت ماكسويل الكثير من المعلومات حول أشخاص قام إبستين بغسل الأموال لصالحهم. لقد تلقى كل من بيل وهيلاري كلينتون أوامر استدعاء، وأعتقد أننا سنشهد تحقيقات واسعة النطاق في المعاملات المالية لعائلة كلينتون ولشخصيات بارزة أخرى تلقت أيضًا أوامر استدعاء.

في الأساس، أي شخص تولى منصبًا رفيعًا في الحكومة خلال التسعينيات يخضع الآن للتحقيق في إطار هذا الملف. وأعتقد أن هذه واحدة من أكبر التحقيقات التي أطلقتها وزارة العدل الأمريكية على الإطلاق. هذه ليست نهايتها؛ فالقصة ستستمر على الأرجح في التطور خلال العقد المقبل، وقد تؤدي إلى توجيه لوائح اتهام كبيرة ضد شخصيات بارزة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC