في الوقت الذي يستعد فيه ممثلو الولايات المتحدة وإيران لاستكشاف إمكانية إحياء الدبلوماسية النووية رسميًا يوم السبت في سلطنة عُمان، يقف الرئيس دونالد ترامب على حافة خطوة كبيرة نحو رؤيته المعلنة للسلام في الشرق الأوسط.
وقالت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إن هذا الإنجاز سيَمنح الرئيس فوزًا طال انتظاره في إثبات حجته لأسلوب جديد من القيادة الأمريكية في منطقة اتجهت لولا ذلك نحو تزايد عدم الاستقرار.
ولم يتفق المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون علنًا حتى على شكل المحادثات المقرر إجراؤها في عُمان، ناهيك عن نطاقها.
ويقول محللون ومسؤولون سابقون إنه سيتعين على الجانبين معايرة توقعاتهما بعناية من أجل تحقيق نتيجة سلمية، وتجنب تصعيد خطير قد يؤدي حتى إلى حرب.
"ترامب عالق بين رؤيتين متعارضتين"
ويرى ريتشارد نيفيو، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، والباحث البارز حاليًا في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، أن استراتيجية ترامب تبدو حاليًا عالقة بين "رؤيتين متعارضتين تمامًا"، هما دعوة مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض مايك والتز لتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وحديث المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف عن تطبيق شفافية وقيود أكثر صرامة على الأنشطة النووية الإيرانية.
وقال إن المسار الأخير فقط هو الذي يُرجّح أن يُقابل بمشاركة جادة من طهران، التي لطالما أصرت على أن منشآتها النووية مخصصة للأغراض السلمية فقط، مشيرا إلى أن إيران لن تقبل بالإزالة.
وأضاف أن القيادة الإيرانية "ستقبل اتفاقًا محدودًا مع تحسينات في الشفافية".
انعدام الثقة
ومع استعداد المبعوث لقيادة الوفد الأمريكي الذي سيلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي وفريقه في عُمان يوم السبت، صرّح نيفيو بأنه "إذا كانت مطالب إدارة ترامب أقل شمولية، كما أشار ويتكوف، فقد يتمكنون من إيجاد طريقة للحصول على شفافية أكبر بشأن البرنامج النووي الإيراني، وربما حتى خفض طفيف في بعض الأنشطة".
وتزداد جهود ترامب تعقيدًا بسبب انعدام الثقة المتفشي بين الولايات المتحدة وإيران، الخصمين القديمين اللذين ألغى ترامب أهم إنجاز دبلوماسي حققاه عام 2018.
وقد دفع هذا العداء المسؤولين الإيرانيين إلى التساؤل عن مدى التزام ترامب الحقيقي بإتمام الصفقة. وبينما لن تكون هذه المرة الأولى التي يُغيّر فيها ترامب موقفه، إلا أن انتكاسات الماضي تُخيّم على مساعي التوصل إلى اتفاق ناجح.
وقال أمير حسين وزيريان، المحلل المقيم في طهران، إن تجارب العراق وليبيا وأوكرانيا التي تنازلت عن الأسلحة النووية السوفييتية لروسيا بعد استقلالها في التسعينيات لتواجه غزوًا بعد 3 عقود، لا تزال تُشكل ثقلًا كبيرًا في عملية صنع القرار الإيراني.
ومع وضع ذلك في الاعتبار، جادل بأن أي نقاش حول "النموذج الليبي والنموذج العراقي"، أو أي جهدٍ آخر لتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، ناهيك عن ترسانته الصاروخية الضخمة، ليس سوى "كلامٍ وهمي". وأضاف أنه بخلاف ذلك، فإن المحادثات المتعلقة تحديدًا بوضع قيود على البرنامج النووي الإيراني "ستكون متاحة" لكلا الجانبين.
وأضاف: "إذا أرادت الولايات المتحدة في هذه المفاوضات إزالة البرنامج النووي الإيراني، فلن تقبل إيران بذلك، أولاً وقبل كل شيء، بدافع الفخر الوطني، وثانياً، يعود العامل إلى التجربة الليبية والأوكرانية في نزع السلاح النووي".
صفقة استثمارية
فيما رجّح سيد حسين موسويان، الدبلوماسي الإيراني السابق الذي عمل في فريق المفاوضات النووية الإيرانية في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إبرام صفقة استثمارية تخفف من حدة انعدام الثقة بين طهران وواشنطن.
وقال موسويان لمجلة "نيوزويك"، إن "انعدام الثقة متبادل، وعلى الجانبين العمل على تجاوزه. ومع ذلك، فإن ما يمكن أن يُحدث تحوّلًا حقيقيًا في العلاقات الإيرانية الأمريكية هو اتفاقية اقتصادية بتريليونات الدولارات، قادرة على جرف المشاكل بينهما كالطوفان".
فرصة حاسمة
من جهتها رأت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في جمعية الحد من الأسلحة، أن الاجتماع "يُتيح فرصةً حاسمةً لترامب لتوضيح أهداف عملية للتوصل إلى اتفاق، والنأي بنفسه عن الإشارات الاستفزازية غير المبررة حول التفكيك الكامل للأسلحة النووية".
وقالت دافنبورت لمجلة "نيوزويك"، "على ترامب أن يُظهر أنه يُفاوض بحسن نية، وأن يُهيئ بيئةً مُواتيةً للمحادثات". لافتة إلى أن "التقليل من الإشارة إلى الضربات العسكرية، ووقف فرض المزيد من العقوبات قد يُسهم بشكل كبير في إظهار جدية الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق مفيد للطرفين".
وأضافت: إن "على ترامب انتهاز فرصة محادثات عُمان لوضع رؤية للوضع النهائي للبرنامج النووي الإيراني في ظل اتفاق. وقد يشمل ذلك توضيح أن الولايات المتحدة ستحترم حقوق إيران بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي إذا تراجعت طهران عن عتبة الأسلحة النووية وقَبِلت المراقبة التدخلية".