الكرملين: بوتين يجتمع مع كيم ويشكره على دعمه للجيش الروسي
وقّعت القوى السياسية في كاليدونيا الجديدة – من الاستقلاليين والموالين للوحدة – اتفاقًا وُصف بـ"التاريخي"، بعد مفاوضات شاقة استمرت 10 أيام خلف الأبواب المغلقة، تضمنت بندوه "ميثاقًا لإعادة التأسيس الاقتصادي"، واستحداث نظام جنسية كاليدونية تُضاف إلى الجنسية الفرنسية.
وأسس هذا الاتفاق وضعًا غير مسبوق للإقليم داخل الجمهورية الفرنسية، شكّل ما يشبه "دولة كاليدونيا الجديدة" في إطار دستوري جديد، دون الانفصال الكامل عن فرنسا.
وتبادل النائبان نيكولا ميتزدورف (من الموالين لفرنسا) وإيمانويل تيجيبا (من الاستقلاليين) التحية بقبضة اليد، إعلانًا عن ولادة هذا التفاهم بعد ليلة أخيرة كانت على وشك الانهيار.
وينص الاتفاق، الواقع في 13 صفحة، على إنشاء "دولة كاليدونيا الجديدة" ضمن الجمهورية الفرنسية، عبر قانون أساسي جديد يُضمَّن في الدستور، وتحديدًا في تعديل مرتقب للمادة 13.
وستكون لهذه الدولة مؤسسات تنظيمية بصيغة فريدة وخاصة بها (sui generis)، وهو ابتكار قانوني يتيح لكل طرف أن يرى فيه ما يناسب تطلعاته: فالاستقلاليون يرونه خطوة نحو مزيد من السيادة، بينما يتمسّك الموالون بوحدة فرنسا.
كما يسمح الاتفاق بتغيير رموز الهوية مثل العلم، والنشيد، والشعار، والاسم الرسمي، إضافة إلى إقرار ميثاق للقيم الكاليدونية يمزج بين القيم الجمهورية الفرنسية، والقيم الكاناكية الأصلية، والأوقيانية.
وينص الاتفاق على استحداث نظام جنسية كاليدونية تُضاف إلى الجنسية الفرنسية، وتُمنح للمواطنين الفرنسيين الذين يستوفون شروطًا محددة تُحدَّد لاحقًا في القانون الأساسي.
ولا تُمنح هذه الجنسية بشكل منفصل؛ إذ إن التخلي عن الجنسية الفرنسية يعني تلقائيًا فقدان الجنسية الكاليدونية، ما يعكس حرص الدولة على تجنّب أي انفصال فعلي.
كما يقرّ الاتفاق إمكانية نقل بعض الصلاحيات السيادية من الدولة إلى الإقليم – مثل الأمن، والدفاع، والعملة، والقضاء، والشرطة – لكن بشروط: لا يتم ذلك إلا بطلب من كونغرس كاليدونيا الجديدة وبأغلبية 3 أخماس أعضائه، وفي إطار تدريجي وتوافقي.
وكذلك، يسمح الاتفاق بتمثيل دبلوماسي للإقليم في نطاق اختصاصاته، بشرط احترام التزامات فرنسا الدولية.
في نقطة كانت محور توترات شديدة خلال السنوات الماضية، أقر الاتفاق مبدأ توسيع الهيئة الناخبة تدريجيًا اعتبارًا من انتخابات 2031، لتشمل المقيمين في الإقليم منذ أكثر من 10 سنوات.
وكانت هذه القضية تحديدًا من أسباب أحداث مايو/ أيار 2024، التي أسفرت عن مقتل 14 شخصًا، وشلّت الاقتصاد المحلي إثر احتجاجات عنيفة.
وسيتألف كونغرس الإقليم من 56 عضوًا، مع إمكانية تعديل نظام الاقتراع وتوزيع الدوائر.
كما سيُحافظ على آليات التضامن بين المقاطعات الثلاث: الجنوب، والشمال، وجزر لويالتي، بموجب قانون خاص.
يتضمن الاتفاق أيضًا "ميثاقًا لإعادة التأسيس الاقتصادي"، يهدف إلى إنعاش الاقتصاد وتنويعه، مع خطة استراتيجية خاصة لمعدن النيكل، أحد أعمدة اقتصاد الإقليم.
وتشير الوثيقة إلى رغبة في تعزيز المعالجة المحلية للمعدن أو إقامة مصانع خارجية تابعة للإقليم، دون تحديد أرقام أو جداول زمنية دقيقة.
ويتضمن الاتفاق خطوات متتالية للوصول إلى التطبيق الكامل؛ ففي خريف 2025، سيُعرض مشروع القانون الدستوري على البرلمان في فرساي، وفي فبراير/ شباط 2026، يُنظَّم استفتاء شعبي في كاليدونيا الجديدة للموافقة على الاتفاق.
أما في مارس/ أبريل 2026، فسيجري تبنّي القوانين العضوية والإعدادية، بينما تُنظَّم الانتخابات الإقليمية المؤجلة في يونيو/ حزيران 2026.
ورغم التوافق، لا يُعدّ النص اتفاقًا نهائيًا، بل هو "اتفاق نوايا سياسية".
وقد تعهّد الموقّعون بالدفاع عن مضمونه أمام قواعدهم الشعبية التي تعاني من الإنهاك والرفض المتصاعد للطبقة السياسية بأكملها، وقال أحد المفاوضين: "الآن، نحن نتعرض للتمزيق في نوميا".
وأقرّ الوزير مانويل فالس بدوره بأن "كل شيء لا يزال في بدايته"، مضيفًا: "الاتفاق جيد، لكن التحدي الآن هو إقناع الناس، نعرف حجم المخاطر، ونبقى متفائلين... ولكن حذرين".
يفتح الاتفاق نافذة أمل حذرة لمستقبل كاليدونيا الجديدة، بين هوية محلية متنامية، وسعي الدولة الفرنسية للحفاظ على وحدة ترابية وسياسية، ضمن نموذج غير مسبوق في تاريخ الجمهورية؛ غير أن المصادقة الشعبية، والتنفيذ العملي، سيكونان الاختبار الحقيقي لنجاح هذا التفاهم.