شهدت فرنسا عامًا برلمانيًا اتسم بالاضطراب والانقسامات الحادة، في ظل غياب أغلبية واضحة داخل الجمعية الوطنية، ما أعاق التوافق السياسي وأربك العمل التشريعي.
وبينما تروّج رئاسة الجمعية لحصيلة "مُرضية" على المستوى الكمي، يرى عدد من النواب أن العام التشريعي افتقر إلى العمق والإصلاحات الجوهرية، وانتهى وسط أجواء من الشك وعدم الرضا.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد انطلقت الدورة البرلمانية الحالية في يوليو/تموز 2024، عقب قرار حل الجمعية الوطنية من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون، وسط مشهد سياسي منقسم إلى 3 كتل رئيسة وغياب أي أغلبية حاكمة.
وسرعان ما سقطت حكومة في الشتاء الماضي، في حين واصلت الحكومة التالية العمل بلا دعم نيابي متماسك، ما انعكس على أداء البرلمان برمّته.
وعبّرت رئيسة الجمعية الوطنية، يائيل براون-بيفيه، عن تفاؤلها خلال مؤتمر صحفي عقدته مطلع يوليو/تموز، مشيدة بتصويت المجلس على نحو 90 نصًا قانونيًا.
وقالت: "رغم الصخب، الجمعية تعمل، والنصوص تُمرّر"، معتبرة ذلك دليلًا على استمرارية الحياة البرلمانية، وفق تقديرها، في حين يرى كثير من النواب أن هذا الزخم التشريعي لم ينعكس على أولويات المواطنين.
وقال النائب لوران جاكوبيللي، عن حزب التجمع الوطني: "نشعر وكأننا نركض في دائرة مغلقة، نمرّر نصوصًا إدارية صغيرة، بينما تطالبنا الناس بإصلاحات كبيرة".
وأكد التقرير أن من مظاهر ضعف الأداء تزايد الاعتماد على مقترحات قوانين نيابية بدلاً من مشاريع القوانين الحكومية، ما أدى إلى تمرير نصوص جزئية أو محدودة التأثير، كثيرٌ منها تعثّر في مجلس الشيوخ.
وانتقدت النائبة بيرين غوليه (MoDem) هذا النهج، قائلة إن "النصوص تُصوّت، لكنها غالبًا لا تجد طريقها إلى التنفيذ".
كما أثارت بعض الأدوات الإجرائية الجدل، مثل "الرفض المسبق"، التي استخدمها نواب لتجاوز آلاف التعديلات وتسريع الإجراءات، ما اعتُبر محاولة للالتفاف على النقاش الديمقراطي.
ووصف نواب هذه الأساليب بأنها مؤشرات على تراجع الثقة داخل المؤسسة التشريعية.
في المقابل، برز مجلس الشيوخ كمركز استقرار نسبي، إذ فرضت أغلبيته اليمينية نفسها، خاصة في اللجان المشتركة، ما جعله أكثر تأثيرًا في الصيغة النهائية لكثير من النصوص.
وفي ختام الدورة، أقرّ النواب بالإجماع مشروع قانون حول وضع النائب، في حين تتحدث رئاسة الجمعية عن نية لإصلاح النظام الداخلي في الخريف، وسط بقاء شبح حلّ جديد للجمعية الوطنية حاضرًا في الأذهان.
وكما قال أحد النواب ممازحًا: "إجازة سعيدة.. إذا كنا ما زلنا هنا في سبتمبر".