يواجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اختبارًا كبيراً، ومعركة على السلطة، في ظل تغيّر المشهد السياسي بمدينة نيويورك تحت قيادة عمدة المدينة المنتخب حديثًا، زهران ممداني، ما قد يعيد تشكيل ميزان القوى في أمريكا بأكملها.
وبحسب تقرير لصحيفة "الإندبندنت"، شهدت الولايات المتحدة، خلال الأيام الماضية، تحولًا واضحًا في المزاج العام، بعد سلسلة انتصارات للحزب الديمقراطي في ولايات رئيسة، مثل: نيويورك، ونيوجيرسي، وفيرجينيا، ما يعكس تراجع الزخم الجمهوري رغم الفوز الساحق لترامب قبل عام.
وأضاف التقرير أن فوز زهران ممداني في نيويورك يُعد أبرز هذه التطورات، ليس فقط لكونه من جيل جديد من السياسيين، بل لأنه يمثل توجهًا تقدميًا واضحًا داخل الحزب الديمقراطي، يقوم على قضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
وقال التقرير إن فوز الديمقراطيين في ولايات تميل إليهم ربما لم يكن مفاجئًا، لكن الرسالة الأعمق لا يمكن تجاهلها، وهي توحّد الناخبين، من الوسطيين إلى الجناح التقدّمي، حول قضية واحدة: القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة.
فرغم محاولات الرئيس ترامب إبراز نجاحاته الاقتصادية، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المواطنين لا يشعرون بتحسن فعلي في مستوى المعيشة، فأسعار السلع الأساسية لم تنخفض، والتضخم لا يزال مرتفعًا، ما أدى إلى تراجع معدلات الرضا عن أداء الإدارة الجمهورية.
ورغم أن هذه الانتخابات ليست على المستوى الفيدرالي، فإن نتائجها اعتُبرت مؤشرًا على اتجاهات الرأي العام، ففشل الحزب الجمهوري في تحقيق مكاسب متوقعة، في وقت تتراجع فيه نسبة تأييد ترامب.
وأفادت تقارير من داخل البيت الأبيض، بحسب الصحيفة، بأن بعض المسؤولين باتوا قلقين من صعوبة إقناع ترامب بضرورة تغيير مقاربته السياسية والاقتصادية، في ظل بوادر فقدان الثقة بين القاعدة الانتخابية والجناح القيادي في الحزب.
في الوقت نفسه، تتصاعد المنافسة بين الحزبين حول إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في عدد من الولايات، ففي كاليفورنيا، أقر الناخبون مشروع "المقترح 50" الذي يمنح حكومة الولاية صلاحيات جديدة لإعادة ترسيم الدوائر بما قد يعزز تمثيل الديمقراطيين في الكونغرس.
وهذه الخطوة جاءت كردّ فعل على الإجراءات التي اتخذها حاكم ولاية تكساس الجمهوري بتشجيع من ترامب، في إطار ما يُعرف بتكتيكات "إعادة التوزيع السياسي للمقاعد"، ويُتوقع أن تتبع ولايات أخرى النهج ذاته قبل الانتخابات النصفية المقبلة.
وأحد أبرز التحديات التي تواجه إدارة ترامب، حاليًا، يأتي من المحكمة العليا، التي تتمتع بأغلبية محافظة تضم 3 قضاة عيّنهم الرئيس نفسه.
فقد بدأت المحكمة هذا الأسبوع النظر في قضية تتعلق بشرعية استخدام ترامب صلاحيات الطوارئ لفرض رسوم جمركية واسعة على دول عدة.
وأظهرت المداولات انتقادات واضحة من بعض القضاة، الذين شككوا في مدى قانونية استناد الإدارة إلى "قانون الطوارئ الدولية" لتطبيق تلك السياسات الاقتصادية.
ويرى مراقبون أن هذا التطور قد يشير إلى استعداد المحكمة للحد من صلاحيات السلطة التنفيذية في بعض الملفات، ما يشكل تحولًا في العلاقة بين الرئاسة والمؤسسات القضائية.
تظهر هذه الأحداث مجتمعة أن موقع الرئيس ترامب لم يعد بنفس القوة التي كان عليها في بداية ولايته.
فالأوضاع الاقتصادية المتقلبة، والنتائج الانتخابية غير المواتية، والاختبارات القانونية المتزايدة، كلها تعكس بداية مرحلة أكثر صعوبة بالنسبة للإدارة الحالية.
وفي المقابل، يبدو أن الحزب الديمقراطي بدأ في استعادة بعض من زخمه السياسي بعد فترة من الانقسام والتراجع.
وختمت الصحيفة، أنه "مع اقتراب الانتخابات النصفية، قد تكون هذه التحولات مقدمة لإعادة توازن القوى داخل المشهد السياسي الأمريكي".
